بين الوهم والواقع خيط رفيع لا يميزه عامة الناس ويلتقطه فقط الضالعون في السياسة ودهاليزها الصعبة المظلمة ويخرجونه إلى النور ويسوقونه على السذج و البسطاء من الناس حتى يصدقونه ويصبح الوهم حقيقة مسلم بها ..وهذا بالضبط ما يسعى لتسويقه د. أبوبكر القربي وزير الخارجية اليمنية السابق تعليقا على الحرب في اليمن حيث قال :
( الاتفاقية الأخيرة بين اليمن وإيران جعلت الخليج يجن جنونه ويتخوف من أن تتحول اليمن إلى دولة قوية !!
واستطرد الوزير قائلا : هذه الاتفاقية اقتصادية بامتياز منها :
- بناء مصافي نفطية كافية
- بناء محطتي كهرباء تعمل على الغاز
- توسعة وتطوير الموانئ اليمنية
- دعم المشتقات النفطية
- دعم القطاعيين الزراعي والصناعي ( انتهى )
ونحن نسأل سعادة الدكتور القربي :
من أين استوحى سعادته هذه الاتفاقيات ..؟؟
هل هي مستوحاة من خياله الدبلوماسي الخصب ..أم هي من بنات أفكار وكلاء إيران في اليمن ؟؟
هل إيران ستقدم كل هذه التسهيلات مجانا ولوجه الله ؟.. ولو افترضنا جدلا أن الاتفاقية التي ذكرها صحيحة !!
إلا أن سعادة الوزير القربي لم يذكر لنا مع أي حكومة يمنية كادت أن تبرم هذه الاتفاقية مع إيران ؟
وهل هذه الاتفاقية المزعومة سمع بها احد من قبل ؟ أم هي مجرد أمنيات يداعب بها أزمات البسطاء من اليمنيين وخيالاتهم ؟
كلنا نعرف أن المصالح الاقتصادية والإستراتيجية هي التي تبنى عليها سياسات الدول البينية .. والوزير القربي كان جزءا لا يتجزأ من ( منظومة صالح ) الرئيس المغدور !!
وكلنا يعرف تركيبة ذلك النظام العشائري المتخلف الذي جمع بين حكم العسكر والتحالفات القبلية المناطقية تحديدا ( حاشد ) .. وكانت منظومة الحكم السابقة تسير ضمن شروطه ومحدداته وحماية مصالحه الخاصة وليست لمصلحة اليمن !!.
واذكر سيادة الوزير القربي انه منذ توقيع اليمن اتفاقية الطائف عام 1934م مع المملكة العربية السعودية فقد منحت كل التسهيلات للمواطن اليمني "الشمالي" حيث انه كان يحصل على تأشيرة الدخول مجانا بمجرد وصوله الحدود السعودية ويمنح إقامة مجانية مدتها 4 سنوات وتكفل له المملكة حرية العمل دون كفيل والتنقل في طول البلاد وعرضها أينما شاء تماما كالمواطن السعودي !!
وفي ظل تلك التسهيلات تملك اليمنيون ( الشماليون ) المحلات التجارية والمساكن الخاصة ومارسوا حرية التجارة وساوتهم المملكة بمواطنيها !!
وفي عام 1990م حدث الغزو العراقي للكويت وتغيرت المواقف السياسية فمن الذي تنكر لمن ؟
وإذا خانتك الذاكرة يا سعادة الوزير ومثلك دبلوماسي حصيف لا ينسى .. سنذكرك بمواقف الحكومة اليمنية ( الشمالية ) وتحديدا عندما كانت اليمن عام 1990م عضوا في مجلس الأمن الدولي وكان يمثلها مندوبها عبدالله الأشطل .. وكلنا لا ينسى مواقفكم ضد السعودية والكويت وتأييدكم للغزو العراقي لدولة الكويت الشقيقة .. الدولة التي دعمت اليمن منذ عام 1959م !!
تنكرتم لدولة الكويت التي أسست مئات المشاريع في شمال اليمن ( الجمهورية العربية اليمنية ) سابقا ومن ذلك جامعة صنعاء وخاصة كلية الطب وعشرات المشاريع الأخرى ناهيك عن مئات المشاريع التي مولتها المملكة العربية السعودية بل وحتى رفدت الميزانية اليمنية كل عام بمئات الملايين من الدولارات طوال حكم الرئيس السابق" صالح "ودون مقابل !!
هل نسيت يا سيادة الوزير ذلك أم انك تتجاهله ؟ فمن تنكر لمن ؟ ومن الذي قلب ظهر المجن لأشقائه انتم أم هم ؟ وضربتم عرض الحائط بمصالح الوطن والمواطن اليمني !!
وترتب على مواقفكم المتهورة والمعادية ضد الكويت ودعم العدوان عليها إلغاء مصالح الشعب اليمني وكافة التسهيلات الممنوحة للمغتربين من أبنائه في السعودية والبادي اظلم هذا من ناحية .
ومن ناحية أخرى أعتقد جازما أنه لا يخفى عليك يا سيادة الوزير.. وأنت تعلم أن إيران لديها مشروع توسعي وهو تصدير ثورتها ومذهبها الطائفي العنصري وظهر ذلك جليا في العراق وسوريا ولبنان .
إن حقيقة الصراع بيننا وبين إيران وخاصة في العراق وتحديدا بين الفرس والعرب منذ عام 606 قبل الميلاد ومازال مستمرا حتى اليوم .
أما نحن في اليمن فقد صدرت لنا إيران الصواريخ البالستيه لقصف مدن المملكة حتى طالت الرياض وخميس مشيط ومكة المكرمة والطائف ونجران وجيزان .. فهل هذه هي مساعدات إيران للشعب اليمني ؟؟..
صدرت آلاف الألغام وكافة أنواع السلاح وكانت تخطط لمشروعها التوسعي في العالم العربي منذ الثمانينات من القرن الماضي !!
إيران تحرض على الحقد ونشر الكراهية والمذهبية بين أبناء الشعب اليمني وتصدر عشرات البواخر المحملة بالسلاح هذه هي مساعدات إيران وتريد اليوم أن تفرض حاكما جديدا لليمن يحل مكان" باذان الفارسي" ولكن بلباس حوثي !!
إن الأطماع الفارسية في المنطقة العربية يمتد إلى ما قبل الإسلام ولكنها انتهت بسقوط الإمبراطورية الساسانيه على أيدي المسلمين في العراق ودخلت إيران الإسلام تحت صليل السيوف في القادسية ونهاوند ..إلا أن ذلك لم يمنعها من محاولة إعادة أمجادها وبعث أحلامها المجهضة سابقا!!
فالمخطط الإيراني يتستر اليوم تحت قضية مصيريه ورئيسيه لدى العرب هي احتلال فلسطين وعاصمتها القدس ومن ذلك خرج علينا كبار مسئوليها بإعلان نواياهم :
وقال وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان : ( أن العراق بعد عام 2003 أصبح جزءا من الإمبراطورية الفارسية ولن يرجع إلى المحيط العربي ولن يعود دولة عربية مرة أخرى ) واستطرد بلهجة فوقية موجها كلامه إلى العرب :
( على العرب الذين يعيشون فيه أن يغادروه إلى صحرائهم القاحلة التي جاؤوا منها من الموصل وحتى حدود البصرة . هذه هي أراضينا وعليهم إخلائها )
وقال علي يونس مستشار الرئيس روحاني في 8 آذار مارس 2015 م : ( إن إيران أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي ) !!!
هذا غيض من فيض من تصريحات المسئولين الإيرانيين وهي تفسيرات واضحة للعيان للمشروع الفارسي .
وأخيرا نسأل وزير الخارجية الأسبق الدكتور القربي في تصريحه لصحيفة الوطن السعودية عندما قال :
إن إيران لها ارتباطات مع الحوثيين وغير الحوثيين وان التدخل الإيراني في اليمن يضر بأمن واستقرار المنطقة !!!
فهل نسي الوزير القربي ما قال ؟؟
ما كان لرجل سياسي حصيف ومخضرم مثله أن تفوته أطماع إيران التي لا تخفى على أحد!!
إن محددات السياسة الإيرانية هي :
- السيطرة على الممرات المائية ،ومصادر الطاقة ، وقيام حكومات تابعة لها ،والسعي لنشر المذهب الجعفري .
- وأخيرا إن إيران ليست جمعية خيرية تساعد المسلمين مجانا .. بل هي دولة توسعية لها أطماعها و تحاول النهوض من ركام التاريخ وتحلم باستعادة الإمبراطورية الساسانية التي سقطت في القادسية !!