بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على تحرير عدن ومحافظات الجنوب من الغزو الحوثي – العفاشي ..وحروبهم الدامية في الجنوب .. وبعد سقوط مئات الشهداء على ثرى الجنوب وفي طليعتهم : الشهيد علي ناصر هادي ، ومحافظ عدن جعفر محمد سعد، والقائد الفذ أحمد سيف اليافعي ،
بعد هذا كله نسأل : هل نجحنا في إقامة الأمن والاستقرار وفرض سياسة القانون والنظام وتحقيق العدالة في المناطق المحررة التي ضحى شبابنا من أجلها ؟
والجواب حتما وبلا أدنى شك هو : لا ..لقد قد فشلنا في تقديم الخدمات الأساسية للمواطن من كهرباء وماء !!
والأدهى والأمر أننا تشرذمنا إلى فرق ومجموعات وخلايا مستأجرة لمن يدفع أكثر.. حتى أصبحنا في حكم المأجورين والمرتزقة وقد أعمانا المال وأفرز المناطقية وحب الذات والأنانية والاستئثار بالمصالح الخاصة دون العامة ونسينا الوطن والمواطن، ولازال السارق يسرق والناهب ينهب !!
في الماضي القريب كنا نصرخ من الظلم ومن فساد منظومة حكم صالح وكنا نتباكى على الجنوب العربي الذي أضعناه وأهداه جلاوزة الاشتراكي وأصبح لغيرنا وليس لأهله!! .
ملأنا الفضاء صراخا ومظاهرات .. وخرجنا بمليونيات سدت الشوارع والمداخل والأحياء في عدن .. كنا نردد الأهازيج والشعارات .. ويشق صراخنا عنان السماء .. نطالب باستعادة الدولة فهل نجحنا ؟
والجواب الصادم هو : لا.. لم نفلح حتى في تنظيم صفوفنا وتوحيد شعاراتنا والتوافق على مطالبنا ؟!
فكيف نطالب باستعادة وطن ضاع منا ؟
كل ما قمنا به هو رقصات حماسية وندور حول بعضنا البعض ..وبرع وأناشيد على وقع الطبول والشعارات ليس إلا..!!
وما إن ينفض السامر حتى نعود إلى متاكي القات .. ونلوك أحلامنا تحت أضراسنا مثله .. وتحلق بنا أعواد القات إلى عوالم السحر والخيال وننسى ما قلناه في فورة حماسنا ..!!
لقد نجح أعدائنا في تشتيتنا وشرذمتنا وقبلنا التآمر على بعضنا البعض .. وثبت لأعدائنا أننا لم نكن على مستوى أقدارنا ومسؤولياتنا المناطة بنا من شعب الجنوب ..أو التفكير في استعادة وطن ضاع منا!!
حتى أصبح وضعنا بائسا تعيسا يراه الصديق قبل العدو وتخيب آماله فينا لأننا لم نكن في مستوى الأحداث الجسام والخطوب التي تعصف بالوطن بكامله ..!!
فشلنا في توحيد رؤيتنا وإقامة كيان جامع شامل يتبنى قضيتنا .. واعتقدنا جدلا أن خلاصنا سيكون في قيام المجلس الانتقالي الجنوبي وأنه الوحيد الحامل لقضيتنا وهمومنا ..
وسرعان ما خوناه ورجمناه وتركناه .. كما تركنا هادي وشرعيته على قارعة الطريق ..ونراهن اليوم على المجهول في مصائرنا وأقدارنا ولازلنا نعيش التيه كبني إسرائيل !!
والأشد إيلاما أن أبنائنا يخوضون المعارك الدامية اليوم ويموتون بالعشرات في ساحل الحديدة..وخوانق الجوف وصعده بينما قوات الشرعية أصابها الترهل والتخمة في مأرب ولم تتقدم شبرا واحدا !!
وقد يقول قائل : أين الأحزاب والمنظمات الجنوبية ؟ أين الزعامات الجنوبية , وهل تقوم بواجبها الوطني والأخلاقي في هذه الظروف العصيبة تجاه شعبنا؟ والحقيقة المؤلمة هي : لا
حتى هؤلاء جميعا مختلفون في رؤيتهم للحل السياسي في اليمن عموما والجنوب خصوصا..ولا يملكون مصائرهم فمنهم لازال يمسك بذيل الشرعية وحبالها البالية والمتطاحنة .
والبعض الآخر باع نفسه منذ قيام الوحدة للمؤتمر مقابل مصالح هزيلة ..وفرط في وطن اسمه الجنوب !!
والبعض باع نفسه للدواعش والقاعدة ..والبعض الآخر ارتهن للخوف وخارت قواه واستسلم لمليشيات الحوثي وترك أهله ووطنه..
والأغلب الأعم يلقون باللوم على دول التحالف بينما هم يعانون من الانفصام والتشرذم والكساح الفكري ..ولا يرون ما يجري على حقيقته إلا باللون الأسود .. يرتابهم الشك وتفتك بهم الظنون تجاه الآخرين ويلقون بفشلهم دائما وأبدا على الآخرين !!
د. علوي عمر بن فريد