في ذكرى رحيله السنوية الأولى انتقل إلى جوار ربه الشيخ أحمد بن فريد الصريمه في اليوم الأول من شهر رمضان 1438هـ الموافق ليوم 27 مايو عام 2017م .. واليوم نتذكره وتنهمر الدموع من مآقينا.. ويعصر الألم قلوبنا على فراقه.. نحن الذين عرفناه وأحببناه ورافقناه في ميسرة حياته ..ولو فرقنا الزمان وبعد المكان، ولكننا كنا نرصد مسيرته ومحطات حياته عندما يهدأ ويغضب ويثور أو يصالح ويخاصم .
وجدناه عند الشدائد صلب الإرادة قوي الشكيمة والعزيمة ..كأن قلبه شق من شوامخ جبال العوالق ..وعندما يسامح يتحول قلبه إلى لون الضباب الأبيض المنحدر من كور العوالق.. وفاء وصدقا ،يملك سجايا النبل والشجاعة والشهامة وعزة النفس والإباء ..ويرفض الضيم ولا تنكسر إرادته حتى في أحلك الظروف.
قلبه قلب أسد ضرغام ،يهابه الخوف ويتراجع الألم أمام صلابته ويحترمه خصومه قبل أصدقائه ،يملك من الشجاعة ذروتها ،ومن الحكمة سنامها ،ومن النسب و الشرف رفعته، ومن القبيلة تواضعها وبساطتها وعفويتها ومن الإرادة قوتها وصلابتها.
نهل من جامعات لندن المحاماة وفنونها، ومن السياسة خفاياها وأسرارها حتى أتقنها ،ولم يكسب من السياسة إلا الشدة والألم.. والغربة عن وطنه..ولكنه لم يستسلم..فمنذ صباه وضحكته المميزة لا تفارقه حتى عند الأزمات والأحداث الجلل لا يلين ولا يستكين.. فشق طريقه في مجال المقاولات والأعمال الحرة في عمان وأحبها وأحب أهلها وأحبوه ..وبرع في أعماله ،حتى أذهل من حوله ونجح نجاحا باهرا وكون ثروته بعرق جبينه ..وإذا صادفه أحد ممن لا يعرفه لا يمكن أن يميزه عن واحد من عماله في مشاريعه، لبساطته وتواضعه وخشونته ، وأنا هنا لا امتدح احمد ..لأنه واحد من أبناء عمومتي ومن عظم الرقبة !!
وما أقول ليس تعصبا لأنه منا أو لمصلحة مادية أرتجيها من أحد ..وأنا حتى لا استحق الثناء على ما سأكتب عنه لأنه واجب إنساني يمليه علي ضميري أن أصدع بقول الحق وأنصف هذا الإنسان الذي عرفته وأحببته.. وهو الذي عشق وطنه " الجنوب" وأحب ترابه وكان يتمنى أن يخدمه في موقع المسؤولية الرسمية ولكن تيارات السياسة ورياحها العاتية لم تمنحه هذه الفرصة فمات خارج وطنه ودياره .
دافع طوال حياته عن المظلومين والمكلومين.. وكانت يده ندية بالجود والكرم والسخاء والعطاء كفل الأيتام والأرامل وتبرع من حر ماله لمواساة المرضى والفقراء والمعوزين وكان لا يرد طالبا أو محتاجا أو ملهوفا إلا أعانه وواساه وأرضاه.. فامتلك القلوب بكرمه ونبل أخلاقه.
وفي هذه الذكرى السنوية نعزي شقيقه الشيخ صالح بن فريد الصريمه ونأمل أن يحمل مشعل الفارس الذي ترجل ويقوم مكانه..كما نعزي أولاد الفقيد ونعزي الشيخ محمد فريد العولقي شيخ العوالق العليا وكافة آل فريد بن ناصر خاصة وقبائل العوالق عامة ونتوسى بقول الشاعر السمؤال :
إذا مات منا سيد حتف انفه فلا طل منا حيث كان قتيل
تسيل على حد الضبات نفوسنا وليست على حد الضبات تسيل
إذا سيد منا خلا قام سيد قؤول لما قال الكرام فعول
وما أخمدت نار لنا دون طارق ولا ذمنا في النازلين نزيل
كان الشيخ أحمد سخيا لا تعرف شماله ما تقد م يمينه وعندما وافاه الأجل و فارقنا .. بكيناه و بكاه كل من عرفه واطلع على تفاصيل حياته الحافلة بالجود والعطاء انه الشيخ " أحمد بن فريد الصريمة " الذي أناجي روحه الطاهرة المحلقة في رحاب الله و أقول له :
لقد فارقتنا يا أحمد ولكنك بقيت متربعا في قلوبنا وذكراك ستظل في حنايا الضلوع وأعماق الوجدان وفي صدارة تاريخنا.
فارقتنا ولكنك بقيت معنا في أكناف أرواحنا نتذكر خصالك ومآثرك تذكرنا بشجاعتك ونستلهم خصالك النبيلة علها تصبرنا على فراقك فنم قرير العين يا أبا قابوس فالقلوب تلهج لروحك الطاهرة بالدعاء ونسأل الله لك الرحمة والمغفرة والرضوان .
وأخيرا نسال الله أن يجمعنا بك في مستقر رحمته وجنات الخلد التي جعلها الله جزاء للصابرين والشاكرين والمحسنين من عباده المؤمنين ونسأل الله أن نكون وإياك منهم .
وهذا عزائنا في ذكرى فراقك بعد سنة من رحيلك.. ونسأل الله أن يتقبلك مع الشهداء والصالحين والحمد لله رب العالمين .
د.علوي عمر بن فريد