يتردد أن مبادرة الحوثي الموجهة للأمين العام للأمم المتحدة جاءت على خلفية إنهيار جبهاتهم بعد مقتل صالح وان الوضع الميداني صعب وأنهم يخشون من تقدم الشرعية ، كل ذلك مجرد تنفيس إعلامي ، فالذي كان يراقب خطابهم أثناء ثورة عفاش عليهم ترسخ لديه اعتقاد انهم مهزومون وظهر العكس .
لا توجد جبهات فعلية تهدد وجودهم من الجبهات التي ظلت مشتعلة عليهم منذ انطلاق العاصفة ، ما يخيفهم فعلا جبهة الساحل وهذه لن تحسمها الشرعية، فالمؤكد أن التحالف أعاد جدولة تحالفاته.
خلال الأعوام الماضية ثبت أن الشرعية كانت غطاء للإخوان المسلمين لكي يحسموا الحرب مع الحوثي ، برضى التحالف يظهر ذلك جليا في سخاء دعم التحالف للجبهات التي يتولاها اخوان اليمن ليس في الجانب العسكري بل حتى تم تسليم جمعياتهم ملف الإغاثة كاملا وكذا سيطرتهم على الرئاسة وقراراتها وهي سيطرة لن تكون رغما على التحالف.
كلها المؤشرات تؤكد ان إخوان اليمن كانوا فرس الرهان الرابح للتحالف لحسم معركة صنعاء واغلاق ملف الحوثية لكن أداءهم خلال هذه السنوات من الحرب أصاب التحالف بإحباط وأصبح ذلك الأداء الخائب عبء عليه ، فالعالم لم يعد قادرا على تحمل حرب بلا نهاية ومع طول المدة وسوء الاداء وتعثر الحسم واستشراء الفساد تيقن التحالف ان لا أمل في حسم يقوم به إخوان اليمن .
بدا التحالف يتحلل من أية التزامات للاخوان ، والتحلل لن يكون تحت مظلة الشرعية التي كان تحتها تسليم الشرعية وملف الحسم للاخوان !!
بدأ في اختيار قوى اخرى لايرضاها الاخوان لكن التحالف يعتقد بقدرتها على تحقيق تقدم في ملف الحرب، يمكن ملاحظة ذلك من خلال الضجيج الاعلامي الاخواني وشيطنة كل القوى التي لا تساند هيمنهم ، وجعلوا من الشرعية "تابو إعلامي" يحتمون به ويشيطنون باسمه كل من يعتقدون انه بديلا منافسا لهم ، واقليميا انقسموا الى تيارين فتيار تركيا والدوحة يهاجم السعودية والامارات بقوة ويشيطن التحالف ويصنفه احتلال أما التيار الاخواني المقيم في الرياض فلا يجرأوا على اتهام كل اطراف التحالف بل اختار الامارات العربية المتحدة لكنه اختيار على قول القائل "كلم احمد يفطن محمد".
بدا الحوثي أيضا يدرك أنه سيواجه جبهة جديدة وسيلاقي مواجهة حقيقية معها وان خنقه من الساحل اصبح مسالة وقت كل ذلك يختمر في معارك تهامة وبالتأكيد ستطال تعز واب .
لذا فالمبادرة خطاب سياسي موجه للأمم المتحدة ولدول العالم ليس الهدف منها الداخل ولا الإقليم ، الهدف منها تحقيق اختراق سياسي انساني دولي يخفف من وطأة القادم عليه عبر الضغط بالملف الإنساني وهو أكثر الملفات حركة في هذه الحرب ويهدف به إلى ممارسة ضغوط دولية على التحالف بالابتعاد من الحديدة فهي "رئة الانقلاب" والسيطرة عليها ستخنقه
مبادرة على ناصر في موسكو اعطتهم حبل نجاة وفتحت لهم مجال لمخاطبة العالم بل ان مبادرة الحوثي التي تلت مبادرة الرئيس ناصر مباشرة جعلت مبادرة ناصر تبدو وكأنها صدى لقوة إقليمية تريد التخفيف على الحوثي أكثر منها مبادرة لحل قضية الحرب التي تعصف باليمن .
صالح علي الدويل