حصلت رواية "الوشم " للقاص الشاب "محمد سالم عيدروس العولقي على جائزة مجلة العربي الكويتية , وللقاص روايات أخرى حصدت أيضا جوائز اخرى من إذاعة مونت كارلو ومجلات أدبية عربية متخصصة .
القاص محمد من مواليد مدينة خورة بمحافظة شبوه .
موقع "شبوه برس" اطلع على رواية "الوشم" ويعيد نشرها :
_ الوشم _
احمل الرقم مائة وأحد عشر بوجهي ، وشموني بخدي بخطوط ثلاثة صغيرة، و كي لا يتشوه وجهي ،فقد وشموني بالجهة المقابلة بالوشم نفسه .
أتلمس وجهي فأحس به ،وعندما اغسل وجهي تلتقي اصابعي بنتوءاته ،رغم صغر خطوطه . عندما كنت صغيرا لم انتبه له كثيرا ،وحين كبرت رأيتني مختلف عن باقي الاولاد .
_لم يا أبي هذا الوشم ؟
_ عندما كنت رضيعا كان الرمد لايفارق عينيك ، ،فعمد جدك الى وشمك ! أقسم أبي أنني شفيت بعد ذلك بيوم واحد .ثم أخبرني أن الأولين يعالجون الرمد بالوشم على الوجه !
، كنت اتساءل ،لم كل الاولاد ليسوا كذلك !؟
هل لان الرمد لم يصبهم ،ام لانهم ليسوا من الاولين ؟
وهل انا وحدي من الاولين ؟!
تساؤلات لم اكن لأجادل بها أبي ، ليس خوفا منه ،ولكن حبا له ، فلم أكن أريد أن يحمل قلبه شيئا لجدي ، الذي رحل من سنين، تاركا وشمه على وجهي .
الوقت الرابعة بعد الظهر ،أنا لا اطيق البيت بهذا الوقت ،ولم أكن من هواة الرياضة .
أذهب الى المقهى الذي يتوسط محلات الملابس، والأقمشة، والعطار، وبائع العصير ،والمحكمة القديمة. المقهى صغير ،أما طاولاته فهي تتناثر في ساحته ،المطلة على وسط السوق .
صديقي عاتق يحب الشاي العدني ،وانا اعشق الشاي بدون إضافات ،نتقابل بمنضدة مهترئة ،والمسافة بيننا صغيرة ،تسمح لأيدينا أن تلتقي ان أردنا .
بما انه يملك دكانا ،فقد كان جل حديثه عن التجارة، وكيف أنه لو امتلك سيولة أكثر لتوسعت تجارته .
اما أنا فكنت أنحى بحديثي عن اجتماعيات البلد ،
_مللنا من العيش بأرض تحترق بالثأر ،اتدري ياعاتق :
عملت احصائية لعدد من قطفته بنادق الثأر ،فوجدته أكثر مما حصدته حرب الاستقلال من قريتنا بأضعاف كثيرة !
والأغرب أن الاحصائية كانت من بداية الوحدة الى الان فقط ! ....
بينما كنا نتحدث لمحت من بعيد أربعة شباب، يحملون بنادقهم ،لم اتعجب من البنادق فالكل هنا يحملها ،
ما أثار انتباهي أنهم كانوا ملثمين ويتجهون نحونا ، أنا لم اكن ادين لأحد بشيء ،ولا أحد اجدادي فقد سددوا ماكان عليهم من دماء بالسابق ، كان من يسددها هو من لم يكن سببا فيها ! ....
الا أنني احسست بالخوف !
أحدهم التصق بمبنى على الطريق ،والثلاثة ظلوا سائرين نحونا ، همست لعاتق :
_أمرهم غريب ! ولباسهم غريب ،لا أظن أنهم من هنا .
قال :نعم ..
عاتق ترك سلاحه بالدكان ،
أما أنا فقد كنت ارفض أن أحمله ،كنت أراه عبئا ثقيلا ،-
لم أحمل رشاشا يزن كيلوات وأسير به جيئة وذهابا ؟!-.
_اللهم اجعله خيرا .
حبسنا انفاسناوهم يتجهون نحونا ، بانتظار ان يرفعوا لثاماتهم ،ويقولوا ما يريدون .
ما إن وصلوا بمقابلنا ،ولايفصلهم عنا سوى عشرة أمتار تقريبا ،حتى صوبوا بنادقهم نحونا !
أحسست بالطلقة في بطني وعدت بجسمي الى الخلف ، و الكرسي يفسح لي ،فسقطت على ظهري. أغمضت عيني ،أو أنها أغلقت نفسها كي لاتراهم يقتلون مابقي مني .
كنت ما ازال اسمع !
_نعم هو فلان ،مازال حيا ،دعونا نجهز عليه بعدة
طلقات في القلب ،أو في الرأس !
"ذق ما أذقته غيرك " ،قالها احدهم بحقد .
كنت اود ان أقول لهم لست انا هو! ،الا إن لساني لم يكن ليتحرك .
وأنا أنتظر تلك الرصاصات التي تفصلني عن دنياي ،كنت اتساءل : هل سأجد الاموات ممن رحل من أقاربي ؟ ،هل سأعاتب جدي على ذاك الوشم ؟،
فأجيب علي : نعم سأعاتبه وسأقول له " كيف طاوعك قلبك أن تجرح وجهي الصغير ! . سأعاتبه كثيرا ،ثم سأعانقه ،فقد اشتقت لها كثيرا !
نطق أحدهم : انظروا إلى وجهه ، إنه يحمل وشما !! -- فلان الذي وصفوه لنا لم يصفوا له وشما على خده !
--ربما هو رجل يشبهه ،
عندها أحسوا بوقع مصيبتهم ، تهامسوا فيما بينهم ثم حملوني ، واصواتهم ترتجف وأنا بين ايديهم التي تحملني أحسست ببضع أمل يسري داخلي ،لأعيش من جديد ،.بوشم في خدي ،وندبة في بطني ،ولأكف بعدها عن لوم جدي ....