اعتبار البعض أن مؤتمر الحوار الوطني هو الفرصة الأخيرة والاسهاب في وصف المؤتمر والتعويل عليه وكأنه من سينقل اليمن الى المدينة الفاضلة, فيه خطورة كبيرة على المرحلة القادمة, لأن فشله وارد سواء بشكل جزئي أو كلي, اضافة الى أن نجاحه في الوصول الى مخرجات ليس نهاية المطاف, لأن التطبيق سيكون هو الامتحان الصعب, فكم من مؤتمرات سابقة واتفاقات موقعة تم التراجع عنها في اليوم التالي للتوقيع ووثيقة العهد والاتفاق لا تزال ماثلة أمام أعيننا, وبالتالي يجب على الجميع أن لا يتورطوا في صناعة أمل كاذب أو غير مضمون, ويجب أن نضع أسوأ الاحتمالات أمام أعيننا, ونمنح أنفسنا فرصاً أخرى جديدة.
الاحظ الكثير من وسائل الاعلام بدأت في ممارسة نفس الخطاب الاعلامي الذي ساد أثناء التوقيع على اتفاقية الوحدة, والذي جعل منها المخلص لليمنيين من كل مشاكلهم, ثم انقلب الموضوع الى أن أصبحت الوحدة كابوساً للكثيرين, ليس في حد ذاتها, إنما بسبب سوء استخدامها من قبل مراكز القوى التقليدية, ومهاجمتهم لخصومهم السياسيين تحت شعار الوحدة والذي بلغ ذروته في حرب 94 م.
ظلمنا كيمنيين في الكثير من المراحل وتحت شعارات رنانة, فكم عانى الكثير من ابناء اليمن من ظلم تحت شعار ثورة سبتمبر وتحت ثورة أكتوبر – وإن بشكل أقل بكثير-, وظلمنا بل وقتل الكثير مرة أخرى تحت شعار الوحدة, وكذلك تحت شعار الديمقراطية, وكم سالت من الدماء في حروب صعدة بشعارات زائفة تراجعت عنها الكثير من الأطراف التي صنعتها لمواجهة خصوم سياسيين.
نتمنى أن لا يتكرر نفس الموضوع وتستخدم السلطة بالإضافة الى بعض الأطراف المشاركة في الحوار نفس الأسلوب في التعاطي مع الحوار الوطني, بمعنى أن يتم محاربة خصومهم السياسيين الذين لم يشاركوا في الحوار تحت شعار " الحوار أو الموت " كما حورب الجنوبيين تحت شعار " الوحدة أو الموت".
مؤتمر الحوار ليس غاية في حد ذاته ليتم تقديسها, يكفينا تقديس الوحدة وغيرها من الأصنام التي صنعناها, ثم استخدمناها لمواجهة الخصوم, فالحوار وسيلة لنحقق من خلالها بعض طموحاتنا, وهو معرض للفشل, ومن حق أي طرف أن يرفض الحوار ويدعوا الى مقاطعته, لذلك لا يجوز تخوين تلك الأطراف واتهامها بشتى التهم التي تكررت في كل صراعاتنا السابقة والتي أوصلتنا الى ما نحن فيه اليوم.
كذلك على الأطراف الرافضة للحوار أن لا تُخون الأطراف المشاركة فيه لأنها تبرر لتلك الأطراف معاملتها بالمثل, وكما يقول الاستاذ علي الصراري : التخوين في السياسة كالتكفير في الدين.
الحوار فرصة مهمة يجب أن نستغلها, لكنه ليس نهاية المطاف, وليس بعيداً عن الكثير من الأخطاء والتجاوزات التي بدأت من الآن, وهناك الكثير من الأمثلة التي لا مجال لذكرها الآن وسأجعل لها مقال خاص, فالنقد هو الوسيلة الأفضل في للإصلاح, والتقديس هو المدخل للفشل.
أهم ما في الحوار ليس أن نُظهر تفاهمنا لبعضنا البعض كأطراف مشاركة فيه, لكن أن نظهر تقبلنا للأطراف التي امتنعت عن المشاركة, فذلك هو الأهم وهو المعيار الذي سيثبت أن العقليات تطورت وأن المنهج اختلف.
علي البخيتي [email protected]