أشد المتشائمين ماكان ليتوقع هذا السيناريو الدرامي وأن يصل بنا إلى هذا الحال المزري و الواقع الأليم ، و أكبر المتفائلين كان يتوقع أن يبني الجنوبيين وطنهم المشرق الجميل و أن يعم الامن و الاستقرار في أرجاء البلاد و أن نصحوا على عهد الأخوة الحقيقية وأنه آن الأوان لينعم الجنوبي بوطنه و خيراته و ثرواته ، ولكن مع الأسف الشديد الواقع أثبت عكس ذلك وأن كل تلك الأمنيات أصبحت بعيدة المنال جداً في وقتنا الراهن و صعبة التحقيق بسبب أنانية و إنتهازية كثير من المسئولين و التجار اليمنيين الجنوبيين الذين فضلوا مصالحهم الشخصية الضيقة على مصلحة وطنهم و شعبهم .
اليوم وفي عدن الحضارة و الادارة و البنوك إذا أردت أن تشتري وقود لإحدى محطاتك فلا تذهب لشركة نفط عدن و تحديداً لإدارة المبيعات كالعادة ، بل إذهب لأحدى شركات الصرافة في مدينة المنصورة و سلمهم المال و سيعطوك سند قبض ومن ثم تذهب به فوراً لإحدى مساكب خزانات شركة النفط العيسية أو خزانات مصفاة عدن العيسية في البريقة و سيتم تزويدك بالوقود بكل سرعة و سهولة ، هكذا بكل بساطة خرجت شركة نفط عدن من المولد بلا حمص وكذلك مصفاة عدن راحت في ستين داهية .
علقت الشارات الحمراء من قبل عمال و موظفي شركة مصفاة عدن و كانت مطالبهم حقيقية و عادلة ومنها إعادة تشغيل المصفاة عن طريق تزويدها بالنفط الخام المحلي من أجل الاستمرارية في العمل لتزويد السوق المحلية بالمشتقات النفطية و ستلحقها قريباً شركة النفط وهناك متضرر وحيد من إستئناف عمل المصفاة و عودة شركة النفط لعملها السابق وهو المستورد و المحتكر للمشتقات النفطية العيسي ، ولكن ما أخشاه هو تجاهل مطالب مصفاة عدن و تركها تضرب عن العمل الذي هو متوقف عملياً و التخلي عن الموظفين و العمال و تركهم يواجهون مصيرهم المجهول ، سيأتي وقت تتوقف نهائياً شركة نفط عدن عن دفع رواتب منتسبي المصفاة بحجة أنها لا تمتلك السيولة و الرصيد الكافي بسبب التدهور اليومي والمستمر في دخل شركة النفط بسبب الاحتكار و المنافسة الغير شريفة بين شركة النفط و العيسي وقد تراجع دخل شركة نفط عدن بصورة مخيفة إلى أقل من ٢٠٪ عما كان عليه سابقاً و سيصبح غير كافي لدفع رواتب منتسبي شركة نفط عدن فكيف ستدفع رواتب منتسبي المصفاة مستقبلاً .
عاد الرئيس هادي إلى عدن وعادت الحكومة ولم نلمس أي تغيير إيجابي و الوحيدان الذين يرفضان العودة من الاردن إلى عدن أو مأرب هما مدير عام شركة مصفاة عدن البكري وكذلك مدير عام شركة النفط اليمنية نجيب العوج وهل هما أكثر و أكبر أهمية من الرئيس و الحكومة أم يخضعان لشخصية أكبر من الرئيس و الحكومة ، وهل سمعتم أو شاهدتم في حياتكم أو حياة من سبقكم أن يتم تعيين شخص في مرفق محلي وهو خارج البلاد ويضل بالخارج ليدير أعمال الداخل أعتقد حتى أعظم خبراء الدنيا لا يعملون بتلك الطريقة البكرية العوجية ، أسئلة تحتاج لاجابات مقنعة .
الان بدأ عمال و موظفي الشركتين يعون و يدركون حقيقة و خطورة المؤامرة التي تحاك ضدهما و أن الموضوع أكبر من إقالة عبدالسلام حميد و أن حميد طلع بالاخير غير فاسد فلو كان فاسداً لما تأخر ناصر حدور العيسي المدير الجديد لشركة النفط في كشف ملفات فساد حميد السابقة ، المصفاة متوقفة حتى يتم الإعلان رسمياً عن شهادة وفاتها بسبب تهالك بنيتها التحتية نظرا لتوقفها عمداً و تراكم الديون عليها ، و شركة النفط بدأت تفقد حقها القانوني و الحصري في تسويق و توزيع المشتقات النفطية في عدن و محيطها الجغرافي المحدد لها ، وملاك المحطات أصبحوا يتعاملوا مباشرةً مع خزانات العيسي لانه يبيع لهم الوقود بأقل من سعر الشركة لعدم وجود إلتزامات مالية ضخمة لديه كشركة النفط ، ولم تعد تبيع أو توزع شركة النفط إلا لمحطاتها الحكومية وعندما تخفض المحطات الأهلية سعر بيع الوقود بإيعاز من العيسي حينها سيعزف الكثيرين من ملاك المركبات عن شراء الوقود من محطات الشركة وهكذا ستعلن شركة نفط عدن عن إفلاسها و سيتم تصفيتها و طرد جميع الموظفين و العمال منها ، ويقوم العيسي حالياً بتزويد شركة النفط بالوقود دون تحديد سعر رسمي للشركة وكيف قبلت إدارة الشركة الجديدة بهذا الوضع الغير قانوني و المخالف للوائح و سيغرق العيسي الشركة بديون لا أول لها ولا أخر حتى يتم إفلاسها و بعد ذلك سيتم عرض جميع ممتلكات و أصول الشركة للبيع و المشتري العيسي .
المصيبة الثالثة هل سيقوم ناصر حدور بتأجير منشاءة حجيف للعيسي ويعيدنا إلى مربع الصفر بعد إنتزاعها من توفيق عبدالرحيم وعودتها لشركة نفط عدن ونعود مرةً أخرى لعهد هوامير النفط و الغاز وهل ذهبت تلك التضحيات الجسيمة التي قدمها شعبنا أدراج الرياح ،
و هل بدأ العد التنازلي لانهيار الشركتين الله وحده العالم .