بقلم:د.علوي عمر بن فريد
اقليم تهامة:
اهل تهامة اصحاب القلوب البيضاء احفاد عمرو بن معد كرب الزبيدي فارس العرب والصحابي ابو موسى الاشعري .. وقد أطلق البعض على اهل تهامة "الأخدام" مع تحفظنا على هذه الكلمة.. بل هم اليمنيون السمر ولأن المنطقة ساحلية فقد تقبلت كل الأجناس بمن فيهم من يسمون ب (الأخدام) الذين يعيشون حياة بائسة في الأكواخ والصفيح بل لقد وصل الأمر بأن قام احفاد الفرس بوصفهم بالمثل القائل: "التهائم بهائم" وهذا يدل على ضيق الأفق وعمق الكراهية والعنصرية في نفوس من يرددونها!!
وبالعودة الى المظالم التاريخية التي عاناها ابناء تهامة ولازالوا من مركزية صنعاء تعود بنا الذاكرة الى حرب 1928م-1929م التي شنتها جيوش الامام يحيى تحت شعارات دينية الهدف منها السيطرة على ثرواتها .
وقد ناشد القائد التاريخي للزرانيق احمد فتيني الامم المتحدة يوم كانت عصبة الامم من اجل تجنب ويلات الحرب!!
وفي عام 1929م تمكنت قوات الإمام من اخضاع قبيلة الزرانيق واخذت من ابنائها ورؤسائها رهائن عندما سجن الامام يحيى (800) رجل سيقوا الى حجة مربطين بالسلاسل وسيرا على الأقدام مدة أسبوع كامل، ولم يفرج عن احد منهم حتى ماتوا جميعا في السجون وتوجد في حجة منطقة تسمى "مقبرة الزرانيق"!!
وهكذا ظلت نزاعات الغزو والسلب تطل بشبحها على تهامة منذ نهاية عشرينيات القرن الماضي وحتى اليوم !!
وتعد موقعة "القوقر" من أشهر معارك المقاومة التهامية في تصديها للقوات الامامية وقد نالت شهرة واسعة .
وتقع قرية "القوقر" شمال بيت الفقيه، ودارت المعركة عام 1929م، وتمكنت المقاومة التهامية من هزيمة الجيوش الامامية وكبدتها خسائر فادحة، وقد شكلت الثورة ضد الامام يحيى المدخل الأول لنهب اراضي تهامة وانتقم الامام يحيى من "الزرانيق" الذين ثاروا بقوة ضد حكمه بأن جعل أراضيهم مشاعا بعد أخذ كل الوثائق بالقوة واخفائها أو إحراقها!!
وقد ذكر الشاعر عبدالله البردوني في كتابه "اليمن الجمهوري" أن الحروب التي خاضتها منطقة تهامة وبالأخص قبائل الزرانيق ضد الحكم الامامي طوال عقود ما قبل الثورة مهدت لقيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962م كونها اضعفت قوة الامام احمد وخلخلت تماسك دولته"
ومع الأسف الشديد لم تأخذ القبائل التهامية حقها من التنمية وظلت تهامة في حالة مزرية ومحرومة من أبسط وسائل التنمية بالرغم من خصوبة أراضيها ووفرة مواردها الطبيعية في برها وبحرها وجبالها!!
وازدادت حالتها تدهورا في عهد علي صالح واستيلاؤه واعوانه المتنفيذين على مساحات هائلة من اراضيها الزراعية الخصبة في وادي "سردد" الشهير، والجر، والجرابح، ووادي سهام، وقد وردت أسماء 184 شخصية متورطة في نهب الاراضي التهامية منهم اعضاء في مجلس النواب ومشايخ وضباط صنعاء ومحيطها !!
وتم حرمان أهالي تهامة من حقوق المواطنة المتساوية في التعليم والصحة وسائر الخدمات الأخرى !!
وجدير بالذكر ان اليمن تاريخيا قد حكمته دول متعددة متصارعة والامامة الزيدية ليست سوى جزء من كل لم تتجاوز الهضبة الشمالية الا في عهد الدولة القاسمية!!
ومن لا يقرأ التاريخ ويجيره حسب هواها واستنتاجاتها لا تتوقف عنده عودة الحق لأهله بل تتعداها الى الاستدلال بذلك الموروث المتراكم دون الرجوع الى كتب التاريخ ومراجعه الموثوقة ويترسخ في العقل الباطن لبعض السذج أن رضوخ ابائهم واجدادهم للأئمة المدعومين من السماء يشكل هبة الاهية لهم حتى قيام الساعة هي مجرد مغالطة ساذجة وسمجة لا تنطلي على أحد !!
كما يحاول اليوم الحوثي وصالح بتحالفهما الديني القبلي اعادة عجلة التاريخ الى الوراء واستنساخه من جديد، ولكن بأدوات خارجية وكأن الدماء الفارسية تحن الى أصولها من عهد كسرى الى عهد الملالي !!
وختاما نقول هيهات لصالح والحوثي واعوانهما وادواتهما الاجرامية أن يعيدا حكما سلاليا متدثرا بعباءة مجوسية ليحكم اليمن .
*- يتبع