السلطان بدر بن عبد الله الكثيري ‘‘ابو طويرق‘‘سنة 902هـ ـ 977هـ (حضرموت الزيدية ـ الأباضية)
(الحلقة الاولى)
لقد كان لأزمة كتابة التاريخ الحضرمي الوسيط ، من حيث الشحة الشديدة في المصادر وندرتها ، ان فرضت نفسها بشدة وقوة على المؤرخين الحضارمة المتأخرين ، فقد فرضت عليهم ـ فيما فرضت ـ الاسراف في صناعة التراجم الشخصية ، أي كتابة التاريخ الحضرمي كتابة فردية ، وفرضت عليهم الاستمرار في تلك الصناعة حتى ايامنا هذه ، لعلهم بذلك يسدون بعضا من الفجوات الكبيرة والواسعة في المسارات التاريخية ، ويرسمون صورة لطبيعة الاوضاع السياسية والفكرية والاجتماعية لتلك الفترة التاريخية . ولكن ما كان لذلك الجهد الكبير الذي بذلوه في هذا المجال إلا ان يعاني من ذاك المأزق الوثائقي العنيد وغياب المصادر وندرتها ، فكانت ان جاءت تلك التراجم على الاعم الأغلب منها ، مجرد اقوال لا يسندها سند من وثيقة او مصدر معاصر محلي او اسلامي ، واصدرت أحكاما تفتقر إلى شروط الكتابة التاريخية .
ولما كانت الكتابة التاريخية مسألة وثائقية ولها منطقها من حيث محاكمة الزمان والمكان ، بما يؤدي إلى ( تطويق ) المكان التاريخي وتحقيق هوامش واحتمالات وشروط ظهور الحالة المعنية بالبحث ، فاني ارى ان اعتماد تلك التراجم كما هي مقدمة لنا والادعاء بصحتها واحيانا عصمتها ، مسألة ليست علمية . ولا موضوعية ، بل ان اعتمادها يلعب بالضرورة دورا خادعا وبالتالي معيقا في الوصول إلى الحقيقة التاريخية ، التي هي هدف وغاية علم التاريخ .
وتكون العلمية والموضوعية بذلك القدر من الأهمية ، خاصة عندما نتناول بالدراسة شخصية سياسية بحجم السلطان بدر ابي طويرق وعصره وسياساته وصراعاته العاصفة التي امتدت على مدى سني حكمه الذي طوى نصف قرن من الزمان ، علينا في مثل هذه الحالة ان نضع مبررا وتعليلا علمياً ومنطقيا لتلك الاحداث ووقوعها على صورتها تلك في ذلك العصر بالذات دون غيره ، وفي ذلك المكان دون غيره ، وبتلك الشخوص دون غيرها ، وعلينا ان نتساءل لماذا سارت تلك الاحداث ذلك المسار دون غيره ، وبذلك نكون اكثر قربا من الحقيقة التاريخية، لعلنا بذلك نضع لبنات قد تكون اولية ، ولكنها تتمتع بقدر معقول من التماسك لابحاث قادمة تحاول سبر غور ذلك الماضي بأدوات اكثر علمية وموضوعية .
وتأتي أهمية دراسة الحياة السياسية لهذا السلطان وعصره ، ليس لدوره المحوري والأساسي في احداث عصره فحسب ، بل وأيضاً من ذلك التباين والاختلاف في نظرة المؤرخين الحضارمة إليه ، وفي هذا يقول الأستاذ بامطرف : ( ان شخصية ابي طويرق سوف تظل جدلية اليوم ، كما كانت قبل عدة قرون مضت ، ولقد كان المؤرخ الطيب بن عبد الله بامخرمة (ت 947هـ بعدن ) صاحب كتاب ( قلادة النحر ) الشهير ، غير محبذ لسياساته ، في حين ان المؤرخ محمد بن عمر بافقيه ( صاحب كتاب تاريخ الشحر في القرن العاشر ، من رجالات القرن الحادي عشر ) يرى عكس ما يراه بامخرمة )(38) .
وعلى ما تقدم ، فإننا سوف ندرس السيرة السياسية لهذا السلطان من خلال ما تقدم من هذه الدراسة التي تقترب من نهايتها ، أي ان دراسة هذا السلطان يجب ان تتوائم وتتوافق مع ما توصلت إليه هذه الدراسة ، من ان الاوضاع المذهبية والسياسية في حضرموت لم تكن سنية الاعتقاد حتى القرن العاشر على الاقل ، أي اننا نأخذ دراسة هذا السلطان بما يمكن ان تكون دراسة ( تطبيقية ) على واقع احداث عصره .
ان القضية المحورية التي سوف تتحكم في مسار احداث عهد هذا السلطان، هي القضية المذهبية العقائدية ، ممثلة في زيدية الدولة الكثيرية التي يمثلها أخوه الإمام محمد بن عبد الله الكثيري المتولي سنة ـ 910هـ ، وزيدية الاوضاع في وادي دوعن تحت قيادة آل العمودي ، وأباضية امارة آل يماني في تريم والمسفلة وكذا أباضية قبيلة نهد في منطقة الكسر وأباضية قبائل المهرة والمشقاص تحت قيادة آل ابي دجانة ، وتمثل هذه القوى الثلاث الحلف الاباضي وقواه الأساسية .
توفى الامام عبد الله بن جعفر الكثيري سنة ـ 910هـ ، وتولى بعده إبنه الإمام محمد بن عبد الله ، وكان مقر امامته الزيدية اقليم ظفار ، كان الإمام محمد كأسلافه خصما عنيدا للقوى الأباضية وأحلافها الواسعة ، فقد كانت المعارك بينه وبينهم لا تهدأ ولا تكف طوال فترة تفرده بالسلطة حتى سنة ـ 920هـ (39).
وفي سنة 925هـ ، طلب السلطان بدر بن عبد الله من أخيه الإمام محمد المقاسمة في الحكم ، كان عمره حينها اثنين وعشرين عاما ، فكتب محمد إلى خطيب المسجد الجامع بالشحر باسقاط اسمه من الخطبة وابداله باسم أخيه بدر .
كان الوجود الاباضي خنجرا مغروزا في خاصرة الحكم الكثيري منذ نشأته، فقد كان عامل ضعف مزمن في قيام الدولة الكثيرية الزيدية المذهب ، فقد كانت الدولة الكثيرية ومنذ نشأتها ، عبارة عن جزيرة في بحر متلاطم من القوى الأباضية ، ولقد بينا فيما سبق مدى قوة الأحلاف الأباضية التي كانت تقاوم وتصارع الوجود الكثيري الزيدي .
كان ذلك الوضع يحز في نفوس كل المتولين من آل جعفر الكثيري ، خاصة وان الحلف الاباضي كان يضم فرعا من آل كثير ، ظلت الاوضاع والصراع بين الطرفين على حاله السابق ، حتى إذا جاء السلطان بدر إلى الحكم وهو في تلك السن المبكرة وطموحاتها الفوارة ، كان طموحه طافحا في القضاء على الوجود الاباضي ومد الحكم الكثيري على كامل التراب الحضرمي ، مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات .
غير ان ذلك مطلب عسير وخطب جلل ، فقد عجزت الدولة الكثيرية في عهود قادتها الافذاد من السلف عن تحقيقه ، وهذا أخوه الإمام محمد بكل خبراته وحنكته يصارعهم ويقاتلهم في حروب لا تهدأ ولا تكف ، فكيف به وهو الجديد على شئون الحكم وفي هذه السن المبكرة . غير ان السلطان بدر لم يكن يجهل عواقب الامور ومترتباتها ، فقد كان يرى أنّ تحقيق ذلك الهدف من خلال الاعتماد على قوى حضرمية خالصة ، ، أمر غير عملي وجهد ضائع ، ذلك ان جيشا من أبناء البادية الحضرمية لا بد ان يكون اباضي المذهب ، وبالتالي فإنّ محاربة الأباضية بهذا الجيش انما يعني فشل المشروع كله .
لهذا يقول الأستاذ أبن هاشم ان بدرا رأى : ( أنّ القوى التي لديه غير كافية لمكافحة المشاكل السياسية المحيطة به ، وان الثقة بينه وبين عسكره من الحضارم غير وطيدة ، والروح العسكرية بين عسكره ، خامدة هامدة ، يشتم منها زفرة العصيان وزهومة التكاسل )(40) . وما كان انعدام الثقة وزفرة العصيان التي لاحظها المؤرخ أبن هاشم ، الا نتيجة لانعدام التوافق بين مذهبهم الاباضي ومرامي السلطان بدر في الزج بهم في مقاتلة أهلهم قبائل حضرموت الأباضية .
في تلك الفترة كان العثمانيون الأتراك يجوبون مياه المحيط الهندي وبحر العرب لمحاربة البرتغاليين ، وكانوا كثيرا ما يترددون على الشحر للتزود بما يحتاجونه من ماء وغذاء وغير ذلك ، ولقد استطاع السلطان بدر ان يخلق معهم علاقات جيدة من خلال تسهيل مهامهم في الشحر ، ولا بد انه وهو يرسم تلك العلاقات معهم ، كان يرى فيهم القوة الضاربة المنشودة التي يستطيع بها تحقيق حلمه وحلم الاسلاف في انهاء الوجود الاباضي المزمن في البلاد واقامة الدولة الكثيرية على كامل التراب الحضرمي ، اما وقد كسبهم إلى جانبه واصبح صديقا حميما لهم ، فلابد انه افصح لهم عما يجول بخاطره من هموم وطموحات يقف على رأسها ضرورة القضاء على الهم الاباضي الذي يؤرقه كما ارق الاسلاف من قبل ، ولا بد انه قد حرك في العثمانيين النزعة المذهبية العقائدية السنية التي كانت أساسية في سلوكهم السياسي ، فهم دولة الخلافة السنية المكافحة للفرق والاحزاب غير السنية .
لهذا فان السلطان بدر قد خطط وعمل ( على ان يكون اكثر جيشه مؤلفا من عناصر غير حضرمية ، فكونه من الاتراك ويافع والموالي و الأفريقيين وقبائل اليمن الزيود وغيرهم، كي يطمئن إلى ولائهم وعدم ثورتهم وانتفاضهم(41).
وإذا كان محاربة قبائل حضرموت الأباضية أمراً لم يقبله عسكره وجنده من الحضارمة ، فكيف يقبل به اولو الشأن من اعيان البلاد ووجهائها ، ثم كيف يقبلون محاربتهم بجيش اجنبي لا تربطه بالارض والتراب الحضري رابطة . كل ذلك يعطي مبررا لسلوكيات السلطان بدر من عزل وسجن ونفي للاعيان منذ اولي سنوات حكمه . و يقول الصوفي الشاعر عمر عبد الله بامخرمة في امر هذا السلطان :
فان خصمي و راسك خصم جوار مبطل غير تياه في طمخه يولي و يعزل
قلت له راقب الله في ولايتك و اعدل ماهو الا غشوم احمق يقيد و يقتل
قال ذا سالفي فان اعجبك يا عمر حل و ان كان ما اعجبك قرب ركابك و حمّل (1)
( جوار مبطل ) تعني انه ظالم كافر.
في سنة ـ 926هـ ، وبعد ان استكمل تكوين جيشه او كاد على تلك الصورة ( تحرك بالترك إلى منطقة الوادي ، مقدمهم رجب التركي ، مسلحين بالبنادق التي دخلت حضرموت لأول مرة ، وهاجم بهم تريم آل يماني ، وبعد قتال استمر عشرين يوما ، ابلى فيه آل يماني واحلافهم أهل المسفلة ( آل حمد والصبرات وغيرهم ) بلاء حسنا ، تدل عليه مقاومتهم التي استمرت تلك الفترة ، رغم عدم التكافئ بين الطرفين في العدة على الأقل ، سقطت بعدها تريم في يد الاتراك والسلطان بدر ، ثم توجه بعدها إلى شبام حيث امامة أبناء عمه آل محمد الكثيري ، واستولى على شبام وقبض عليهم ثم افرج عنهم ، فخرجوا إلى مدينة ( هينن ) عند حلفائهم حكامها الظلفان الأباضية ، غير ان هينن لم تكن لتغيب عن مخطط السلطان بدر ، فقد كان الظلفان الد أعداء بني جعفر الكثيري ، وبينهم دخول وضغائن مذهبية قديمة ، فتوجه إليها وحصرها حتى إذعنت له في نفس السنة ، كما اخذ ( الاحروم ) من وادي عمد وما والاها من اصحابها آل عبد الله (42) . وهكذا استطاع بدر ان يحقق ما لم يستطعه الاوائل من اسلافه ، ولكن هل يستطيع ان يحقق له الاتراك وعناصر جيشه غير الحضارمه استقرار الاوضاع ودوام تلك المكاسب ؟ . لا شك ان هزيمة تلك القبائل الأباضية من قبل تلك العناصر ما كان له الا ان يزيد النار اشتعالا ، ويزيد التحالفات الأباضية عزيمة ومضاء وقوة وتلاحما ، وعلى ذلك يكون السلطان قد حقق نصرا لا يملك صفة الدوام والاستقرار ، وهذا ما حدث بالفعل ، ففي سنة ـ 927هـ في شهر صفر كانت وقعة ( المحرقة ) بين قوات السلطان وأهل المسفلة بقيادة آل يماني التي هزم فيها أهل المسفلة ، وبعدها يبدأ مسلسل الثورات والانتفاضات من قبل القوى الأباضية ضد السلطان واحلافه .
لقد كان ابو طويرق سياسيا ذكيا حين بدأ اولا بمحاربة القوى الأباضية ، فهو بذلك قد ضمن تأييد القوى المعتزلية والزيدية في البلاد ، خاصة وأنه في تلك الفترة المبكرة من حكمه لم تتضح بعد مراميه السنية العقائدية ، لقد كان يقف على رأس تلك القوى المعتزلية والزيدية أخوه الإمام محمد الذي كان يراقب نشاط اخيه السياسي والعسكري بعين حنكته وخبرته السياسية ، فلا بد أنه كان يرى في تزايد قوة اخيه بدر واستمرار اعتماده على القوات التركية خاصة ، كان يرى في ذلك تهديدا او على الأقل اضعافا لهيبته وسمعته كامام مذهبي قبل ان يكون حاكماً سياسياً ، كان السلطان بدر كما يبدو قد انغمس في تحالفات مذهبية سنية وازداد تحالفه مع الاتراك قوة ، ولكي يبعد الشكوك المذهبية عنه ، فلا بد ان يقدم دليلا على انه لا زال على طريقة الاسلاف الزيدية ومدافعا عن مصالحهم ضد الأباضية ، لهذا نجده في سنة ـ 935هـ في شهر رمضان اخذ علي بن فارس ( النهدي ) قرية ( تولبة ) في دوعن من اصحابها آل بايحى ، وفي نفس السنة في شوال عزم بدر من الشحر إلى حضرموت ثم إلى دوعن ، حيث حصر تولبة بمساعدة الشيخ العمودي ، وتسلمها السلطان ، وابقى آل بايحيى على اموالهم بشفاعة الشيخ العمودي . وفي الحجة من نفس السنة ، اخذ السلطان بدر المخارم في وادي رخية من آل فارس بن عبد الله النهدي ، وردها لأهلها آل شحبل حلفاء العمودي . ومن مجمل احداث تلك السنة، نعلم ان العلاقات بين السلطان بدر والجانب الزيدي الذي يمثله اخوه الإمام محمد وآل العمودي لا زالت بخير ، وانه لم يحدث ما يعكر صفوها .
غير انه في السنة التي تليها ، أي في سنة ـ 936هـ حدث ما كان متوقعاً حيث استولى بدر على منطقة غيل بن يمين وأخرج آل يمين منها ، فاغتاظ الإمام محمد من ذلك ، وراجع أخاه بدر في اعادتها إلى أهلها ، غير ان بدرا رفض ذلك ، وزاد الطين بلة ان الامام مُنع من دخول الحصون العسكرية التي رتبها بدر في هينن وتريس وتريم . وهكذا يمكن القول ان السلطان بدر في تلك السنة قد رأى في نفسه القوة الكافية للتمرد على اخيه محمد وحلفائه . غير ان هناك أمراً يدل على ان الإمام محمد نفسه قد رتب اموره لذلك الامر ، فمن ذلك الخبر وجدنا الإمام محمد يغتاظ من تصرف اخيه بدر تجاه آل يمين ومنطقتهم ، ذلك ان آل يمين لم يكونوا الا حلفاء لآل يماني واعداء آل كثير ، فلماذا يغتاظ الإمام محمد من أجلهم ان لم يكن قد اعاد ترتيب اوراقه من جديد ، وتحالف مع اعداء الامس أباضية حضرموت ، بعد ان اتضحت له الاهداف العقائدية السنية لأخيه السلطان بدر ، كما ان الإمام محمد ما كان له ان يقدم على تلك الخطوة التحالفية مع اعداء الامس الأباضية الا في حالة مواجهة خطر سني داهم ، وهو الامر الذي يعني انه في ذلك الوقت قد احاط علما بمرامي اخيه بدر العقائدية السنية . يبدو ان الجانب العمودي هو الآخر كان يراقب الموقف عن كثب ، وكانت تساورهم الشكوك حول تصرفات بدر وتحالفه مع الاتراك العثمانيين ، حتى إذا كان الخلاف بين السلطان وأخيه محمد حول منطقة غيل بن يمين ، ومنع الإمام محمد من الدخول إلى حصون تريم وتريس وهينن ، تحققت تلك الشكوك لدى بعضهم ، وكان الامر موضع درس ومراجعة داخل الدائرة العمودية ، فقد كان هناك من يرى ضرورة فك عرى التفاهم مع بدر ، وهناك من يرى ضرورة التريث والاستمرار في مراقبة الموقف ، ولقد كان من نتيجة ذلك الجدل والدرس والمراجعة ان تنازل الإمام عمر بن احمد العمودي عن الولاية لأخيه الإمام عثمان بن احمد، وبذلك بدأت مرحلة جديدة ، هي مرحلة صراع آل العمودي مع السلطان بدر الذي قاده الامام عثمان العمودي، وبدأت بذلك تحالفات جديدة ولكنها تكاد تكون صورة طبق الاصل من التحالف الاباضي ـ المعتزلي الذي قاوم الغزو الايوبي في القرن السادس الهجري .
ففي سنة 938هـ تحالف الإمام عثمان مع قبيلة نهد الأباضية المذهب والتي قاومت وافشلت محاولة الإمام عبد الله بن محمد العمودي سنة 838هـ من القرن التاسع الهجري ، في الاستقلال بدوعن واقامة امامته الزيدية فيه ، ولقد كان تحالف الإمام عثمان مع قبيلة نهد في منطقة الكسر ، خطوة ما كان لها ان تتم لو لا مواجهة الخطر السني الداهم الذي يقوده بدر وحلفاؤه الاتراك العثمانيون ، ولقد كان من ثمرة ذلك التحالف في تلك السنة بين العمودي ونهد ، ان عدلت (تقاسمت) نهد مدينة الهجرين مع الإمام العمودي ، ثم استولى العمودي على منطقة الجبل من نواحي دوعن وهو من جملة المناطق التي وضع فيها بدر حاميات عسكرية ، وفي نفس السنة وصل سليمان باهبري وهو من اتباع العمودي، في جمع من انصاره ، نحو مائة وخمسين رجل من البدو ، وصل إلى ( تباله ) من أعمال الشحر لغرض الاغارة ، ثم استولى العمودي على القرين وحصر الحصن التابع للسلطان بدر ، كما هاجم ( الخريبة ) في دوعن بمساعدة أهلها ، وكانت فيها قوة عسكرية لبدر ، وحصر الامير عطيف قائد القوة البدرية في حصن الخريبة ، كما اخذ ( الدوفة ) من دوعن ، وفي نفس السنة عدل العمودي ( بضة ) في دوعن لقبيلة نهد حلفائه ، على النصرة والمساعدة ، وفي هذه المدة ، اجتهد باهبري ومن معه من قبيلة سيبان في حصر اصحاب السلطان في وادي دوعن ، بحيث لا يقدر احد ان يصل إليهم بطعام و لا غيره ، ودخل السلطان وادي دوعن على قصد محاصرة الإمام العمودي ، فلم يكن المحصور لا هو .
وفي سنة ـ 940هـ ظهر ان الإمام محمد قد اعاد الحياة إلى احلاف ابيه السابقة ، ففيها حشد ثلثمائة من مهرة بيت زياد وزحف بهم على الشحر ، وتقاتل مع قوات أخيه بدر ، وفي نفس السنة تحالف مع قبائل الحموم وآل يمين ضد أخيه بدر ، وفيها تخوف آل احمد اصحاب اللسك أهل المسفلة حلفاء آل يماني، تخوفوا من السلطان بدر ، فانتقلوا إلى المشقاص عند الإمام محمد .
*- يتبع
*- تأليف: الباحث والمؤرخ : سالم فرج مفلح – المكلا