لن ينجح الاصلاحيون مرة اخرى في تمزيق الجنوب!
د. حسين لقور
يتابع حزب الاصلاح مسيرته التي انشئ من اجلها في اطار السياسة المرسومة لقوى النفوذ التاريخية المهيمنة في صنعاء (عسكر وشيوخ قبائل ورجال دين) من اجل الحفاظ على هيمنة هذه القوى وحفظ مصالحها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وقمع اي محاولات لتغيير صيغة الحكم القائم في صنعاء الذي تتولاه هذه القوى المناطقية مستفيدة لكي تستفيد من الاستخدام السياسي للدين وقد نجحت الى حد ما وأستطاعت تجييرالدين في صالح اهدافها مستخدمةٍ الذراع السياسي للاخوان المسلمين في صنعاء لهذا الغرض.
بطبيعة الحال لم يكن الجنوب بعيدا عن هذا التوجه ولم يخرج من جدول اعمال هذه القوى واداتها الجديدة في العمل السياسي (حزب الاصلاح) كي يتم احكام سيطرتها على موارده الطبيعية فكان ان تم تقديم كل وسائل الدعم للحزب من قبل النظام للدخول الى الجنوب باسم جمعيات خيرية او من خلال العمل الدعوي والذي يلقى قبولا عاما لدى عامة الناس في الجنوب فتم استغلال تلك الوسائل للوصول لبعض الشباب الغر وكان الاعلام اهم وسائل عملهم والذي قدم له نظام الرئيس المخلوع كل اشكال الدعم لانه كان يدرك هذا الاسلوب ونشر اعضاءه المؤهلين من ابناء الشمال في الجنوب سواءاً منهم ضباط المخابرات او المؤطرين سياسياً للعمل على نشر ثقافة جديدة تقوم على تمزيق النسيج الاجتماعي للجنوب ونشر وتعظيم ثقافة الثأرات والسطو والنهب والتقطع في الطرق ونشر الفساد الاداري واعطاء قيمة للوجاهات الاجتماعية بدلا عن القانون ولاشك فيه انهم قد نجحوا الى حد كبير في تحقيق بعض من هذه الاهداف الشيطانية التي كان اهم اهدافها تفكيك الجنوب ككتلة وطنية متجانسة.
عندما يعلن شخص مثل الدكتور باصرة عن ان حزب الاصلاح يسعى الى تمزيق الجنوب فهو لم يخطئ وانما قرأ الواقع وان كان لم يأتي بجديد الا ان هذا الكلام كونه صادر عن وزير ورئيس جامعة ويعرف من الحقائق اكثر مما نعرف نحن رغم اننا كنا ندرك ما تسعى اليه هذه القوى من خلال هذا الحزب فان هذا الكلام يضع الجميع من ابناء الجنوب امام حقيقة لم يعد يمكن تجاهلها تحت مبرر عدم معرفة هذه المخططات فالامور اصبحت واضحة لمن اراد فهم ما يحمله مشروع الاصلاح في الجنوب خدمة لاصحابه ومالكيه في صنعاء.
القائمون على هذا الحزب ومن يقودهم في صنعاء لم يدركوا ان الارث الاجتماعي والثقافي للمجتمع الجنوبي متأصل وعميق وان تعرض في فترات تاريخية معينة للضعف والانسحاب امام مشروع اليمننة والتجهيل القادمتين من مطلع التي رعتها هذه القوى ووضعتها هدفا من اهدافها الكبرى ساعيةً الى الغاء واجتثاث هوية وتاريخ الجنوب فكان لهذا الإرث فعله في الحفاظ على الهوية الجنوبية وإيقاظ الدفاع عنها والذي اخذ اشكال مختلفة من وسائل النضال ساهمت في وصول الحراك السلمي في الجنوب الى هذه المرحلة المتقدمة.
كما ان قوى النفوذ هذه في صنعاء المالك الاساسي لحزب الاصلاح لم تتعلم بعد ان الجنوب ليس قطعان همل يمكن قيادتهم تحت امرة شيخ قبلي او ديني كما هو حاصل لديهم وليس هناك من هو مستعد لان يحمل سلاحه كي يدافع عن مصلحة شيخ جاهل او مدعي كذاب بالطبع هناك من شباب الجنوب من ادرك منذ البداية هذه المخططات وعمل على كشفها ومقاومتها كي لا ينجح هولاء في تمزيق ارضه ونهبه رغم كل ما جرى امام أعينهم من تقاسم خيراته وتوزيع لاراضيه بين هولاء الافاقين والمدعين زوراً باسم اقدس مقدسات الامة بعد ان قدموا فتاويهم للقتل ونهب المال العام وشرعنوا للذين يمارسونه وبرروا اعمالهم ولكن ما هو اخطر من كل هذا انهم ما زالوا يعملون بقوة بث الفرقة وزرع الفتن بعد أن احيوا ثقافة الثأرات كي تصبح لهم يد في التدخل لحلها فيما بعد والظهور بمظهر المصلحين والعاملين على حل تلك المشاكل خدمة لاهدافهم ومصالحهم.
ما يجري اليوم بعد الازمة الاخيرة في صنعاء وافشال هذه القوى لمشروع الثورة في والسيطرة عليها انهم سخروا كل وسائلهم باتجاه الجنوب لزيادة جرعة تمزيق النسيج الاجتماعي في الجنوب ودس الشائعات الهادفة الى احباط نهوض الجنوبيين غير مدركين إن حالة النهوض هذه التي يشهدها الجنوب اليوم وصمود وعيه المدني والقانوني في وجهة حملة التجهيل والتخلف التي يقودها الاصلاح والمؤتمر بقيادتهما التاريخية لم تعد ردة فعل بل هي الفعل الحقيقي والصادق لاستعادة الهوية الوطنية والدولة الجنوبية وهو ما افقدهم توازنهم بعد ان اعتقدوا أن الامور في الجنوب قد دانت لهم من خلال من بعض من قبل العمل معهم من الجنوبيين وانهم اصبحوا اسياد الثروة والقوة والسلطة ليكتشفوا حجم الرفض في الوعي الجمعي للمجتمع الجنوبي لهم ولما اتوا به من سياسات هادفة لاستكمال يمننة الجنوب .
ان انبعاث عصر جديد للجنوب يستعيد فيه عافيته واستقلاله امرا لم يعد فيه ادنى شك انما هي مسالة وقت وفشل مشروع صنعاء السياسي الذي يصد له الان حزب الاصلاح المملوك للقوى المتنفذة في صنعاء قد بات قاب قوسين من السقوط والانهيار لانكشاف سؤتهم وحقدهم التاريخي على هذه الارض الطيبة وعلى أهلها الذي أدى الى تنامى الرفض لهم وان بقيت هناك من عناصر مغرر بها او اصحاب مصالح معهم في الجنوب فهذا امر ممكن ولكن التاريخ علمنا ان من يصنع مستقبل الاوطان هم الشعوب ليست قوى الظلام والتخلف التي يتم استيرادها من خارج ثقافة هذه الشعوب وان بدأت متحفزة وقوية الا انها في الاخير تعجز عن الاستمرار وهو ما يجري الان تماما مع تراجع تأثير هذه القوى وان ارتفعت اصواتها كثيرا هذه الايام مستغلة امكانيات الدولة المخسرة لها ووسائل الاعلام التي تديرها وقدمها نظام المخلوع لها وما جمعته من امكانيات تم نهبها من الجنوب لكن في الاخير ما يجري يشبه رقصة الديك المذبوح, ولهذا نقول لن ينجح الاصلاحيون في تمزيق الجنوب مرة اخرى.