تحل علينا ذكرى رحيله ال20 في ال 28 من اكتوبر 1995 م. ذكرى عطاء مستمر ورؤى تنير لاجيال الجنوب العربي سبلها وتجنب الوطن العربي المزالق المهلكة ، رؤى مازالت رغم مرور الزمن مازالت صائبة للاجيال ، للخروج من ازماتها ومصائبها التي وقعت فيها بعض قيادات العمل القومي من الرعيل اﻻول، واوقعت فيها الحنوب العربي وشعبه العظيم .
لم يكن الراحل العظيم اﻻستاذ شيخان عبدالله الحبشي - المحامي ، امين عام رابطة الجنوب العربي ، رحمه الله من الزعماء الذي يمرون في اوطانهم ويذهبون كما مروا ، في سنة تعاقب الحياة والموت، ولكنه كان من الزعماء المصلحين اﻻفذاذ الذي تبينوا المخاطر المحدقة من كل صوب والمتربصة بوطنه الحنوب العربي وبشعبه الفقير ، والذي تسيطر عليه الى جانب الفقر والجهل ، التجزئة واﻻحتلال اﻻجنبي والعوز ، وكان من الناصحين والرواد لقومه في الحنوب العربي ومن رواد التحرير واﻻستقلال والوحدة الجنوبية العربية على هدى وبينه وعدل ومساواة وحرية وكرامة، يشاركه في تلك اﻻفكار النيرة كوكبة من مثقفي هذه اﻻمة الصغيرة في الجنوب العربي، الذي اسسوا مداميك العمل الوطني الرائد للحركة الوطنية اﻻصيلة في الجنوب العربي منذ مطلع عام 1950 م ، حزب رابطة ابناء الجنوب العربي بقيادة العلامة رائد التنوير في شبه جزيرة العرب والخليج العربي السيد محمد علي الجفري، وزملاؤهم الميامين ' الذي قادوا مشعل الحرية في الجنوب العربي ،وطنهم الممتد من كمران غربا والى سلطنة عمان شرقا ، ومن بحر العرب وخليج عدن جنوبا الى السعودية واليمن شماﻻ، ونهضوا بواجبات النضال واعباءه الباهضة التكاليف ، ونشر ثقافة التحرر واﻻستقلال والوحدة الحنوبية، على طريق وحدة امتنا العربية اﻻسلامية ، وحاربوا الجهل بنور العلم من خلال بعثات طلابيه ارسلوها الى مصر والسعودبة والكويت ولبنان وسوريه والعراق ، وحاربوا الفقر بفتح مكاتب الحنوب العربي في مختلف الدول الشقيقة وتحديدا السعودية والكويت في ذلك الوقت، لفتح مجاﻻت العمل ﻻبناء الجنوب العربي وتعزيز علاقات شعب الحنوب العربي بتلك الدول الشقيقة المستقلة في ذلك الوقت ،وقدموا مشروعهم لزعماء الجنوب ، سلاطين وامراء وشيوخ، في صيغة دستور لوحدة تلك الكيانات المتناهية الصغر، والتي يظن زعماؤها خطا انها دول، واقترحوا عليهم قيام اتحاد دستوري برلماني يتكون من مجموع الزعماء يتناوبون رئاسته دوريا ، ومجلس تشريعي يتم انتخابه مباشرة من شعب الحنوب العربي تنبثق عنه حكومة للاغلبية او أئتلافيه، وتكون مسئولة ومحاسبة من اعضاء ذلك البرلمان العربي الجنوبي. في مطلع عام 1956م
لكن الزعماء من سلاطين وامراء وشيوخ الجنوب العربي ، الذى اسمته بريطانيا بمستعمرة عدن ومحمياتها الشرقية والغربية لم يستوعبوا الفكرة وربما بربطانيا هي لم ترد للفكرة القبول ، ونقلتها بريطانيا الى الملايو حيث كانت توجد 13 سلطنة متفرقة على وشك اﻻستقلال، وتم تطبيقها هناك في اتحاد ماليزيا ، بينما تركت بريطانيا بلادنا الحنوب العربي لفوضى العصابات واﻻرهاب المصدر من خارج حدود الحنوب العربي، بهدف تحقيق مصالح مصدري تلك اﻻعمال اﻻرهابية الى الجنوب العربي المحتل .
لقد ظل الراحل الكبير حاملا مشعل حرية الحنوب العربي رافعا رايات التحرير واﻻستقلال رافضا لكل المؤامرات ودعاوي الزيف "بشطرية او جزئية" الحنوب العربي ﻻية دولة من دول العالم بما فيها اليمن الشقيق ، ورافضا ﻻدخال تسمية الجهوية اليمنية الهلامية وماتخفيه خلفها من دعاوي زائفة واطماع غير مشروعة ،مؤكدا ان العرب لن يقبلوا بقومية "غير عربية " مستندا الى حقائق الجغرافيا والسياسة والتاريخ والقانون، حتى تمكن من عرض قضية الحنوب العربي على لجنة تصفية اﻻستعمار خلال الفترة من عام 1959/1963م واستخلص وحزبه منها قرارات بحق شعب الجنوب العربي في الحرية واﻻستقلال ووحدة اراضيه المبعثرة في 23 وحدة ادارية اسمت نفسها سلطنات وامارات ومشيخات ، قبل حتى مجيء بريطانيا بمئات السنيين وقبل ظهور مملكة اليمن باسم دولة اليمن، ﻻول مرة في التاريخ عام 1918م كنتيجة ﻻتفاقيات سايكس بيكو عام 1916م .
لقد تمكن الراحل الكبير شيخان الحبشي من توضيح الحقيقة للعالم الحر ، وتبين هذا العالم حقيقة المخططات البريطانيه وحقيقة اﻻطماع اليمنية وغيرها في الحنوب العربي، فكان قرار الجمعية العامة للامم المتحدة الصادر في 11ديسمبر 1963م بمنح الحنوب العربي اﻻستقلال وفق اﻻعلان العالمي لحق تقرير المصير للشعوب التي ماتزال ترزح تحت نير اﻻستعمار واﻻحتلال اﻻجنبي .
وسبحان الله ما اشبه الليلة بالبارحة , ان صدور ذلك القرار التاريخي في ذلك التاريخ ، والذي ننشده اليوم جميعا في الحنوب العربي ولم نحصل عليه، اقول ان صدور ذلك القرار من اﻻمم المتحدة يعد مكسبا كبيرا للحنوب العربي ولشعبه الفقير الصغير والمبعثر، وقد قبلته بريطانيا ﻻحقا في مطلع ابريل عام 1964م وحددت موعدا ﻻستقلال الجنوب العربي وفق قرارات اﻻمم المتحدة في 9يناير 1968م.
لكن عثراتنا لم تكن قليلة او صغيرة ، وتامر اعداء الجنوب العربي والطامعين فيه ليس باﻻمر السهل، لكي يقبلوا بالحق والخير لشعب الجنوب العربي ، ولم تكن لتستسلم'تلك القوى \ بسهولة لحق شعب الجنوب العربي في الحرية واﻻستقلال ووحدة الجنوب العربي ، وحقه المشروع في بناء دولته المستقلة .
لقد حذرت الرابطة زملاء النضال من مغبة تغيير هوية الحنوب العربي، كما نصحت اﻻشقاء اليمنيين ان ﻻيستعجلوا الوحدة ، ورفضت التسليم بجزئية الجنوب العربي لليمن السياسي ، موضحة ان الجنوب العربي قطرا عربيا وجزءا من اﻻمة العربية .
و لكن مع اقتراب فجر اﻻستقلال انقسم العرب الى معسكرين ،وانعكس ذلك سلبيا على الجنوب العربي ، وجاءت هزيمة اﻻمة العربية في الخامس من يونيو حزيران 1967م وانشغل اﻻشقاء العرب بقضاياهم .
واستغلت القوى المعادية ﻻمال وحق شعب الجنوب العربي في بناء دولته الوطنبة وتعميرها ومعالجة همومها وتطلعات شعبها واسهاماته في نضال امته العربية .
حيث عملت على تصدير الفوضى والخراب المشحون بايدولوجيات بقايا اﻻنقسام العربي حيث تعاظمت اعمال العنف منذ منتصف 67م حتى جاء اﻻستقلال في 30 نوفمبر 67م وكان من الخطأ ادخال اسم اليمن على دولته سحب نفسه على محمل اﻻوضاع التي عاشها ويعيشها الجنوب العربي ، وعملت افعالها التي كانت من نتائجها تلك الحروب والكوارث التي مررنا بها ، ومازالت تعصف بنا وتعيش معنا و فينا، وبعون الله قريبا سينتصر شعب الجنوب العربي ويحقق استقلاله الثاني من المحتل اليمني الشقيق الطامع مهما طال الوقت ومهما ارتفعت التضحيات ، ونتامل من اخوتنا في دول التحالف العربي احقاق الحق ، ونصرة المظلوم ، فلن يتحقق اﻻمن واﻻستقرار في اليمن الشقيق حتى يتم فك اﻻشتباك بين الحنوب العربي وشقيقه وجاره اليمن سيما بعد رحلة قاربت نصف قرن من تجارب يمننة الجنوب العربي ثم ادخاله في وحدة يمنية بنفس طريقة يمننته دون الرجوع الى صاحب الشان المعني بحقه في اختبار مستقبله ،وهو شعب الحنوب العربي
وما نتأمله هو عدم الوقوع في اﻻخطاء مرة اخرى من قبل القيادات الجنوبية من كل اﻻتجاهات ،ومن قبل اﻻشقاء العرب والمجتمع الدولي كافة فلن يكون هناك امنا واستقرارا غير بقيام دولة الجنوب العربي الفيدرالية التي تتسع لكل ابناءها.
رحم الله اﻻستاذ شيخان ورحم زملاؤه الذي اخلصوا النية والعمل الصالح ، ومازالت طروحاتهم وافكارهم النيرة صالحة حتى المعترك الراهن لمعالجة قضية الجنوب العربي وحفظ اﻻمن واﻻستقرار لمختلف دول وشعوب المنطقة .
*- بقلم الباحث التاريخ علي محمد السليماني