تسعى اللجنة الثقافية التابعة لبلدية قرطاج التونسية إلى استعادة رفات القائد العسكري التاريخي حنبعل المدفون في منطقة بيرصا في تركيا لدفنه في قرطاج إحدى ضواحي العاصمة تونس.
وقال زياد الهاني المسؤول البلدي، انّ «هذا المشروع الحلم سيكون حدث الألفية بامتياز وليس حدث القرن فقط»، مضيفاً أنّ «بارجة عسكرية تونسية ستتجه إلى تركيا لاستلام رفات حنبعل في موكب جنائزي رسمي بكل التشريفات التي تليق بهذا القائد التاريخي، حيث تستقبلها بوارج تركية في البحر الأسود، وبعد استلام الرفات ستكون في انتظار البارجة التونسية بوارج حربية للدول الخمس الكبرى لمرافقة «موكب حنبعل» إلى ميناء حلق الوادي، حيث ستكون الخيّالة في انتظاره وسترافقه إلى قبره الجديد، وسط تغطية إعلامية استثنائية».
وأكّد الهاني أنّ «استعادة رفات حنبعل حلم قديم طالما راود التونسيين الذي يمثّل القائد العسكري الكبير جزءا من تاريخهم الثري والعريق، كما يمثّل جزءاً مهماً من تاريخ البشرية لاسيّما وأن تونس ارتبط اسمها بقرطاج، وارتبط اسم قرطاج بحنبعل الذي كان رمزا لعنفوان وقوة امبراطوريتها».
ومن المقرّر أن يعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إثر انتهاء جميع هذه المراسم في خطوة رمزية عن انتهاء الحروب البونية بعد أكثر من 2200 سنة من هزيمة قرطاج، وهو مقترح سيتم دراسته مع السبسي للنظر في إمكانية إنجازه.
قائد تاريخي
وحنبعل بن أميلقار برقا الشهير الذي ينطق اسمه هانبيال باللغة اللاتينية (247 ق.م - 182 ق.م) هو قائد عسكري قرطاجي فينيقي ينتمي إلى عائلة بونيقية عريقة، وأحد أهم عشرة قادة عسكريين في التاريخ، يُنسب إليه اختراع العديد من التكتيكات الحربية في المعارك لا زالت معتمدة حتى اليوم، ويتم تدريسها في أكبر الكليات العسكرية في العالم، حيث يعتبر مخترع نظرية «ناور مشاعر جنودك» التي ترتكز على الوعي بالقيمة الفعلية للخطب الحماسية الرنانة التي تخاطب مشاعر الجنود وتبدي استحساناً إزاءهم، مع تحديد موعد إلقاء تلك الخطب وموعد النكات لأجل تحسين حالتهم المزاجية، كما كان ابرز من اعتمد خطّة الكمّاشة في ساحة الحرب، وهو صاحب المقولة الشهيرة «سنجد حلاً، وربما سنصنع حّلاً».
كاسر هيبة روما
وصف المؤرخون حنبعل بأنه أسوء كوابيس روما وبكاسر هيبتها وصوّره الرومان على أنه وحش يهوى القتل وسفك الدماء حتى أنّهم عندما يخشون وقوع كارثة في جميع المجالات يقولون: «حنبعل على أبوابنا».
وكانت أكبر إنجازاته خلال الحرب البونيقية الثانية، عندما سار بجيش يضم فيلة حربية، من أيبيريا إلى شمال إيطاليا عبر جبال البرانس وجبال الألب، حيث حقق في سنواته القليلة الأولى في إيطاليا ثلاثة انتصارات مثيرة في معارك تريبيا وبحيرة تراسمانيا وكاناي.
وخلال 15 عاما احتل حنبعل معظم إيطاليا قبل أن يضطّر إلى العودة لمواجهة الغزو الروماني لشمال افريقيا حيث انهزم في معركة زاما التي تحالف فيها ماسينيسا الأمازيغي مع القائد الروماني سكيبيو الإفريقي.
وفي العام 183 قبل الميلاد انتحر القائد العظيم حنبعل بتجرع السم وهو في سن السبعين من عمره مفضلاً الموت على الوقوع في اسر الرومان. وقال مقولته الشهيرة قبل الموت «دعونا نريح الرومان من قلقهم المستديم، بعد أن اعتقدوا انهم سينتظرون طويلاً موت رجل مسن».
إضاءة
ولد حنبعل بمدينة قرطاج في عام 247 ق.م، ورافق وهو في التاسعة من عمره والده أميلقار برقا إلى هسبانيا. وفي عام 221 ق.م. اختاره الجنود قائداً بعد اغتيال صدربعل العادل زوج أخته، فتمكن من بسط نفوذ قرطاج على جزء من جنوب شبه الجزيرة الإيبيرية «اسبانيا والبرتغال حالياً»، بما في ذلك ساغونتو أحد المعسكرات الرومانية، ما اعتبرته روما خرقا للمعاهدة التي عقدت إثر الحرب البونيقية الأولى، وطالبت بتسليمها حنبعل.
*- البيان