أوضحنا في الحلقة الاولي ان قرار مجلس الامن الدولي [ ٢٢١٦ ] لعام ٢٠١٥ وضع في الفقرة (٩) ايصال المساعدات الانسانية تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة والذي يعني الاهمية القصوي التي يوليها اعضاء مجلس الامن باهمية ايصال الاغاثة الانسانية للمحتاجين اليها ومعاقبة من يعرقل اعمال الاغاثة الانسانية ولو عبر استخدام القوة المسلحة التي قد تقوم الامم المتحدة بتشكيلها في وقت لاحق في اطار قوات حفظ السلام في اليمن
واشرنا بهذا الصدد الي نموذجي قراري مجلس الامن لعام ١٩٩٢ فيما يخص الازمة البوسنية والازمة الصومالية التي تحولت من عملية مراقبة وقف اطلاق النار بين اطراف النزاع الي عملية التدخل العسكري المباشر بقوات تابعة للامم المتحدة او تحت اشراف الامم المتحدة
ونتناول في اطار هذه الحلقة سوابق تاريخية اخرى ادت الي تدخل الامم المتحدة او بالاصح تحت غطاء وشعار الامم المتحدة في مواجهة الانقلابيين العسكريين في هاييتي واعادة الحكومة الشرعية من المنفي الي السلطة مما يتطلب منا ذلك الحديث اولا عن شرعية الرئيس هادي ثم تناول سابقة ما حدث في هاييتى وهما عنوان المحور الثاني لهذه المقالة
ثانيا - شرعية هادي وسابقة نموذج نظام هاييتي
١- شرعية الرئيس هادي الدستورية
اكدت معظم ان لم تكن جميع قرارات مجلس الامن الدولي والمنظمات الاقليمية كاالاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية والبيانات الاحادية لبعض الدول الغربية علي شرعية نظام الرئيس هادي وادانتهم لانقلاب الحوثيين علي الشرعية الدستورية وسنوضح فيما يلي بعض الالتباسات حول موضوع الشرعية والتي تبدو لنا ان اصحاب الشرعية انفسهم يجهلونها
إيحاء الشخصيات اليمنية في صنعاء والرياض للرئيس هادي ان عليه الإعتماد على القوى السياسية في الساحة اليمنية لكونه حسب قولهم انه رئيس توافقي وبهذه الصفة ملزم ومقيد بالتعامل مع تلك القوي واعتبر البعض ان شرعيته تعتمد علي وجود تلك القوي بحكم انه رئيس توافقي كما ذكرنا وهنا من الواضح انه يجري الخلط بين الشرعية والضرورات السياسية , نعم هادي هو رئيس توافقي ولكن مصدر التوافق مرتبط هنا في مرحلة ترشحه للرئاسة وليس ما بعد انتخابه مباشرة من قبل الشعب اليمني الذي منه وحده يستمد شرعيته هو ومجلس النواب وفق نصوص الدستور اليمني الذي اعتمد الانتخابات كمصدر للشرعية الدستورية للرئاسة وبقية المؤسسات الدستورية وكونه كان المرشح الوحيد للرئاسة في عام ٢٠١٢ قد لا يعبر عن ممارسة ديمقراطية ولكن الظروف الاستثنائية التي كانت تمر بها البلاد استدعت ذلك بنفس الظروف التي ادت بعلي عبد الله صالح في سبتمبر ١٩٩٤ بعد حربه المدمرة للجنوب بان يكون المرشح الوحيد للرئاسة حينها وتم انتخابه عبر مجلس النواب وليس من قبل الشعب مباشرة كما حدث مع انتخاب الرئيس هادي
من هنا بالفهوم الديجولي اذا جاز التعبير الرئىس هادي ليس رهينة القوى الحزبية والسياسية اليمنية من حزبي الاصلاح والمؤتمر وبقية الاحزاب او رهينة شخصيات مثل آل الاحمر اوعلي محسن او غيرهم كما يريدون افهامه لتطويعه واخضاعه لتلبية مطالبهم الحزبية او الشخصية المتناقضة لكونه يستمد شرعيته مباشرة من الشعب وبهذه الصفة هو فوق الاحزاب وليس رهينة لها
ويشير البعض ان ولاية الرئيس هادي منتهية ويتناسون ان مدة ولاية الرئيس تنتهي كما اشار قرار مجلس الامن الدولي رقم [ ٢١٤٠ ] لعام ٢٠١٤ الصادر بتاريخ ٢٦ / ٢ / ٢٠١٤في الفقرة ٢ / ه باجراء الانتخابات العامة “ في الوقت المناسب على ان تنتهي ولاية الرئيس هادي الحالية عقب تنصيب الرئيس المنتخب بموجب الدستور الجديد “ مما يعني ذلك ان ولاية الرئيس هادي مرتبطة نهايتها ليس بانتخاب رئيس جديد فحسب وانما ان يكون الانتخاب وفق الدستور الجديد فهي ولاية مقيدة بانجاز مهام مسبقة بعدها تنتهي وليس قبلها ولاية الرئيس هادي وهذا التوضيح الضروري يدحظ كل المضاربات والتقولات الاعلامية الاخرى من قبل الحوثيين وانصار الرئيس صالح وقيادات الاحزاب السياسية اليمنية للتشكيك في شرعية الرئيس هادي وقراراته
٢-المطالبة بعودة الرئيس هادي وحكومته من المنفي والنموذج الهاييتي
نشير باختصار شديد الي سابقة دور الامم المتحدة في حل ازمة هايتي واعادة رئيسها المتخب الي السلطة الذي اطيح بانقلاب عسكري في ٣٠ سبتمبر ١٩٩٠ من الجنرال راؤل سيدراس رذيس اركان القوات المسلحة في هايتي
وتفاديا للاطالة حول دور الامم المتحدة سنتعرض هنا الي اهم قرارات مجلس الامن الدولي حول القضية وهو القرار رقم (٩٤٠) لعام ١٩٩٤ الصادر بتاريخ ٣١ يوليو ١٩٩٤حيث اشار في ديباجة القرار بانه “ اذ يشعر ببالغ القلق لاستمرار تدهور الحالة الانسانية في هايتي بشكل كبير وخاصة استمرار نظام الامر الواقع غير الشرعي في تصعيد انتهاكات الحريات المدنية بصورة منتظمة والمحنة الشديدة للاجئى هايتي—واذ يحيط علما بالرسالة ٠٠٠٠الواردة من رئيس هايتي المنتخب شرعيا٠٠٠٠واذ يؤكد مجددا ان هدف المجتمع الدولي لا يزال هو استعادة الديمقراطية في هايتي والعودة الفورية لرئيسها المنتخب شرعيا برتران اريستيد ٠٠٠واذ يقرر ان الحالة في هايتي ما زالت تشكل تهديدا للسلم والامن في المنطقة٠٠١-يرحب بتقرير الامين العام المؤرخ ٠٠٠ويحيط علما بتأييده العمل في اطار الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة من اجل مساعدة حكومة هايتي الشرعية في صون الامن العام اكد القرار في الفقرة ٤- “ ياذن للدول الاعضاء تصرفا منه بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ان تشكل قوة متعددة الجنسيات تحت قيادة وسيطرة موحدتين وان تستخدم في هذا الاطار كافة الوسائل الضرورية من أجل تيسير رحيل القيادة العسكرية ٠٠٠٠ وتيسير العودة الفورية للرئيس المنتخب شرعيا وسلطات حكومة هايتي الشرعية ٠٠٠٠
وقضت الفقرة (٥)يوافق عند اعتماد هذا القرار علي تشكيل فريق متقدم لبعثة الامم المتحدة في هايتي ٠٠يضم مجموعة من المراقبين لتحديد الوسائل للتنسيق مع القوة المتعددة الجنسيات٠٠٠٠٠ الخ ذلك
الخلاصة
المطلوب من الرئيس هادي وحكومته وفق الاطار الذي أوضحناه التعامل مع القوي السياسية والحزبية من قاعدة شرعيته الدستورية المستمدة من الشعب عبر انتخابه المباشر مما يعني ذلك انه فوق الاحزاب وليس رهينة للاحزاب هذا علي المستوي المحلي اما علي المستوي الدولي طرحنا تجربة هايتي وكيفية تعامل مجلس الامن الدولي معها النظر كيف يمكن الاستفادة من تلك التجربة لتوظيفها لصالح الشرعية الدستورية ونري ان يتولي الرئيس مباشرة في التحرك الدولي بذهابه شخصيا الي الامم المتحدة لطرح الازمة اليمنية بجميع ابعادها وتمهيدا لهذه الخطوة تبدو الحاجة ملحة الي إعادة تشكيل وفد اليمن في الامم المتحدة نوعيا ومهنيا لمواكبة متطلبات المرحلة الراهنة
الحاجة الي تقديم بعض الشخصيات اليمنية امام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي خاصة بسبب الجرائم ضد الانسانية التي ارتكبوها مؤخرا في عدن والجنوب وتعز ومناطق يمنية اخري
نشير في الاخير بالنسبة لقوات حفظ السلام او القوات متعددة الجنسيات نرى بعكس المطلب الحكومي من الامم المتحدة ان لا يقتصر على قوات عربية بل المطلوب ايضا تطعيمها بعناصر من القوات التابعة للدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الامن مثل بريطانيا وفرنسا اذا كانت مستعدة للتعاون مع الامم المتحدة وذلك بسبب مستوى التاهيل والتدريب والمعدات المجهزة بها وخبراتها الميدانية وبهكذا تشكيل من قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وقوات تابعة للاعضاء الدائمين لمجلس الامن سيتم بذلك التاكيد ان الازمة اليمنية التي صنعتها قوات الحوثي وصالح ليست محلية بل هي ذات ابعاد اقليمية ودولية تشكل خطراعلي الامن والسلم العالميين وعدم التعامل معها بحزم سيرسل رسائل خاطئة الي الداخل اليمني والعربي ان مبادئى حقوق الانسان ليست الا حبرا علي ورق وتستخدم فقط لحماية مصالح الغرب في العالم
بريطانيا ١٣ يوليو ٢٠١٥