الطيران الإيراني في مطار صنعاء..ما المشكلة؟

2015-03-02 16:46

 

دول الخليج بما فيها الامارات تقيم علاقات مع إيران على مختلف المستويات، ومع ان الامارات تعتبر ان إيران تحتل ثلاث من جزرها الا أن حجم التبادل التجاري بين البلدين لوحدهما يفوق الـ 15 مليار دولار سنوياً، فالإمارات ثاني شريك اقتصادي لإيران على مستوى العالم..

كما أن الرحلات الجوية من دول الخليج العربية الى إيران مستمرة وبشكل يومي، وبالتالي فان تصريحات البعض التي تهول من وصول رحلة للطيران الايراني الى صنعاء وتحذر دول الخليج العربية من خطورة ذلك غبية، لأن الخليجيين أنفسهم علاقاتهم فوق هذا المستوى، وطيرانهم يجوب الأجواء والمدن الايرانية يومياً وينقل ألاف المسافرين.

المشكلة أن السلطة في اليمن كانت ملكية أكثر من الملك، بمعنى انها كانت تقاطع إيران مجاملة لدول الخليج، بينما دول الخليج نفسها لها علاقات وطيدة مع إيران، على الأقل على المستوى الاقتصادي.

***

التصريحات المنسوبة الى مكتب الرئيس هادي والتي تعتبر وصول طائرة مدنية إيرانية انتهاك للسيادة اليمنية تثير الاستغراب بل والسخرية اذا ما قارنها بتصريحات الرئيس هادي نفسه في واشنطن والتي بررت للطائرات الأمريكية المقاتلة "بدون طيار" "الدرونز" ضرب وقتل المواطنين اليمنيين دون محاكمة، بغض النظر عن التهم الموجهة لهم، فحتى القانون الأمريكي يدين تلك الجرائم وهناك قضايا مرفوعة في المحاكم الأمريكية ضد الرئيس أوباما ووزارة الدفاع ووكالة المخابرات المركزية، ولذا على مكتب الرئيس أن يكون أكثر حصافة في تناول مثل تلك القضايا ولا يجعل الرئيس في موقف محرج عندما يتذكر الآخرون تصريحاته القديمة.

يجب أن تكون لليمن علاقات مع كل دول العالم عدى اسرائيل، لا يجب أن نُحسب على اي محور أو دولة، يجب ان نكون "اليمن" لا "اليمن التابع للدولة الفلانية"، بذلك التوازن في علاقتنا سنجعل اليمن مكان لاستثمارات ومصالح كل تلك الدول بدلاً من أن تكون ساحة لتصفية صراعاتهم.

***

من الأفضل أن تكون علاقتنا بإيران شفافة وعلنية وتمر عبر الخارجية الايرانية ، افضل من أن تمر عبر شبكة المخابرات الايرانية أو الحرس الثوري، العلاقات العلنية التي تمر عبر الأقنية الطبيعية للسلطة الرسمية تجعل تلك العلاقة أكثر شفافية، وبالتالي تنتقلها من مربع الصراع والعمالة –كما يصفها البعض- الى مربع الاستثمار والمصلحة.

بعد ان سيطر أنصار الله "الحوثيين" على السلطة في صنعاء واصبح وجودهم ممتد من تعز جنوباً الى صعدة شمالاً مروراً بالحديدة وعمران والجوف وذمار واب لا اعتقد ان الطائرات الايرانية ستُقل أسلحة ومقاتلين من الحرس الثوري، لأن تلك المهمة التي كانت تقوم بها ايران سراً -على فرض صحتها- قد انتهت حاجتها، فالمعركة الان لم تعد عسكرية بل اقتصادية وسياسية.

الأسلحة متوفرة لدى الحوثيين بعد سيطرتهم على المخزون الهائل منها في صنعاء وعمران وغيرها من المحافظات عبر استيلائهم على اغلب المعسكرات والمخازن، وهم اليوم احوج الى علاقات اقتصادية تكسر العزلة التي تحاول دول الخليج فرضها عليهم، لكن البعض يملك كماً هائلاً من الغباء ليعتقد ان الطائرات الايرانية المدنية ستكون محملة بأسلحة ومقاتلين من الحرس الثوري بعد انتهاء المعركة العسكرية الأم في صنعاء في 21 سبتمبر الماضي.

***

كتبت مراراً أنه كلما ضيقت الدول العربية الخناق على الحوثيين فانهم يدفعونهم أكثر فأكثر الى توطيد علاقتهم بإيران وروسيا والدول الأخرى، وهذا ليس في صالح دول الخليج، وبالتالي عليهم اعادة تقييم علاقاتهم باليمن واستيعاب الحوثيين، وأكدت على ذلك تحديداً في مقال بعنوان " الى دول الخليج: لا تتركوا اليمن لخصومكم".

أكثر ما أخشاه أن تكون تلك الرحلات والزيارات المكوكية الى ايران وروسيا مجرد استعراض دون وجود اتفاقات اقتصادية وعقود استثمارية، تلك الدول تعمل وفقاً لأنظمة وقوانين ولوائح وروتين طويل، كما أن توقيع مثل تلك الاتفاقات الدولية بحاجة الى سلطة شرعية، وهي ما ينقص سلطة أنصار الله الفعلية، بالتالي عليهم المسارعة بإيجاد تسوية سياسية ثم العمل على نقل تلك الزيارات من مربع الاستعراض والصورة الى مربع المضمون والنتائج الملموسة والمعلنة، قبل ان تتحول تلك الزيارات والآمال العريضة التي رُوج لها الى فقاعة سرعان ما سيرتد أثرها عليهم.