مجلس الامن الدولي والرسائل الهامة للحوثيين والأطراف اليمنية الآخري

2014-09-01 05:33

 

جاءت ردود الأفعال علي البيان الرئاسي الصادر من مجلس الأمن بتاريخ ٢٩/ ٨ / ٢٠١٤متباينة من قبل الأطراف المعنية وتحليلات الكتاب بين من رأي فيه انه مجرد بيان وليس بقرار وبالتالي لا قيمة له وبين من استغرب صدور البيان متأخراً في تناوله لموضوع سيطرة الحوثيين علي محافظة عمران منذ اكثر من شهر و تعرض البيان للحوثيين دون غيرهم وكأنهم هم وحدهم المعرقلين للتسوية السياسية في اليمن يهدف هذا المقال الي محاولة توضيح وقراءة متأنية للبيان الرئاسي بأبعاده القانونية والسياسية

 

اولا- الأبعاد القانونية للبيان الرئاسي لمجلس الأمن

 

١)-مفهوم البيانات الرئاسية واختلافها عن قرارات مجلس الأمن

 نشير بأختصار ان مجلس الامن الدولي في تنفيذ مهامه المحددة في ميثاق الأمم المتحدة يلجأ اما الي اتخاذ قرارات او إصدار بيانات باسم أعضاء او مجلس الأمن نفسه كهيئة من هيئات الامم المتحدة وظاهرة البيانات الرئاسية باسم المجلس هي حديثة نسبياً بمقارنة نسبة البيانات بالقرارات التي لم تتجاوز عن العشر في الفترة من عام ١٩٧١-١٩٧٥ لتصل الي نحو النصف في ١٩٨٦-١٩٩٠ لتتجاوز أعدادها عدد القرارات في عام ١٩٩٢ وذلك بعد فترة من سقوط جدار برلين والتغيرات التي طرأت في العلاقات الدولية والمجتمع الدولي وهناك تقسيمات في تنصيف البيانات الرئاسية منها من يميز بين البيانات التي تسبق صدور القرارات ومنها اللاحقة لصدور القرارات .

 

 فعلي مستوي اليمن صدر بيان رئاسي تمهيدي للقرار رقم ٢١٤٠ (للعام ٢٠١٤ )تحدث مسبقا باحتمال علاج أزمة اليمن في إطار الفصل السابع للميثاق الذي أكده القرارلاحقا بنص واضح بوضع اليمن تحت الفصل السابع والبيان الرئاسي يكون له مدلول قانوني قريب من القرار حين يشير الي قرار او قرارات سابقة كما جاء في البيان الرئاسي الأخير الخاص بالحوثيين في حصارهم الحالي لصنعاء حيث أشار الي قراره السابق رقم ٢١٤٠ وذلك  بدلا من إصداره قرار جديدا مكرر حتي لا تفقد القرارات قيمتها ويرتفع أعدادها .

 

 ٢)- القرار رسائل قوية موجهة للحوثيين والأطراف اليمنية الآخري والقاعدة

 

= للحوثيين

 أعرب مجلس الامن عن قلقه البالغ ازاء تدهور الأوضاع الأمنية في اليمن بسبب الاعمال التي قام. بها الحوثيين بقيادة عبد الملك الحوثي وأولئك الذين يدعمونهم لتقويض عملية الانتقال السياسي والأمن في اليمن مذكرا بهذا الصدد بما جاء في قرار المجلس رقم ٢١٤٠ (للعام ٢١٠٤ ) من تدابير جزاءات محددة الهدف ضد الأفراد  أو الكيانات التي تشارك في اعمال تهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن أو يقدمون الدعم لتلك الاعمال ودعا المجلس الحوثيين الي سحب قواتهم من عمران وإعادتها الي سيطرة الحكومة وكذا وقف جميع اعمال القتال ضد الحكومة في الجوف وإزالة المعسكرات وتفكيك نقاط التفتيش التي أقاموها في صنعاء وضواحيها .

 وجاء رد فعل الجماعة علي بيان مجلس الأمن وفق ما نشره الناطق الرسمي باسم الحوثيين محمد عبد السلام بقوله في (رابعا) من نص البيان "استدعاء مجلس الامن  (لأحداث عمران ) بعد قرابة شهرين من انتهائها موقف غير برئ ...وخلط للأوراق وتأزيم للوضع في اليمن ليس اكثر "

 واستغرب معلقين اخرين تأخر مجلس الامن بخصوص عمران بينما في الحقيقة كان مجلس الامن قد أصدر بيانا سابقا بتاريخ ١١ /٧ /٢٠١٤ يطالب الحوثيين بأنسحابهم من عمران التي استولوا عليها يوم الثلاثاء ٨ / ٧ /٢٠١٤ مطالبا فريق الخبراء التابعين للأمم المتحدة بتقديم مقترحات عاجلة حول العقوبات التي ستطبق علي الجهات التي تقوض عملية الانتقال السياسي في اليمن .

 

إذن ألبيان الرئاسي الأخير سبقه بيان اخر بتاريخ ١١ /٧ أدان فيه الاستيلاء علي محافظة عمران بتسمية الحوثيين الفارق مع ألبان الأخير إشارته بالاسم للمرة الأولي للسيد / عبد الملك الحوثي

 

 = للأطراف اليمنية الآخري والقاعدة

أشار أيضاً البيان الأخير الي قلق أعضاء مجلس الامن ليس فقط تجاه الحوثيين فحسب بل أيضاً تجاه (أطراف اخري) دون تسميتهم "يواصلون إذكاء نار الصراع في شمال اليمن في محاولة لعرقلة عملية الا نتقال السياسي مشيرا الي ان القرار ٢١٤٠ لعام ( ٢٠١٤ ) تضمن تدابير جزاءات محددة الهدف ضد الأفراد او الكيانات. الذين يشاركون في اعمال تهدد السلام والأمن او الأستقرار في اليمن او يقدمون الدعم لتلك الأعمال.

 

 وإزاء القاعدة أعاد مجلس الأمن إدانة عدد الهجمات التي ينفذها أو يمولها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ويعرب عن عزمه ولاحظوا هذه العبارة التي لم ترد ازاء الحوثيين بقول المجلس ( عزمه علي التصدي ) لهذا التهديد ( القاعدي ) وفقا لميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي ....وعن طريق نظام الجزاءات المفروضة علي القاعدة الذي تديره  اللجنة المنشأة بموجب القرارين ١٢٦٧ لعام ( ١٩٩٩ ) و ١٩٨٩ لعام ( ٢٠١١) وتأكيد استعداده لفرض جزاءات علي مزيد من الأفراد والجماعات والمشاريع والكيانات الذي لم يقطعوا جميع صلاتهم بتنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة به أليس هذا واضح من هم الجماعات الآخري التي فرخت القاعدة في الجنوب خاصة ومن بينهم شخصيات وأطراف متواجدة وممثلة ضمن مايسمي بحكومة الوفاق الوطني

 

  ثانيا البعد السياسي للبيان الرئاسي

 من الواضح ان قرارات مجلس الامن والبيانات الرئاسية لا تقتصر في إدانتها واحتمال فرض عقوبات علي المعرقلين للعملية السياسية فحسب بل تشمل أيضاً أنشطة القاعدة خاصة في الجنوب بل ربما لا أبالغ اذا قلت ان خطر القاعدة يمثل تهديدا اكبر للمجتمع الدولي عن اعمال الحوثيين كما تبين ذلك من استخدام نص البيان الأخير عبارة عزم مجلس الامن علي (التصدي) لتهديد القاعدة ولم يستخدم العبارة نفسها عن عزمه التصدي لعمليات الحوثيين فهناك فرق بين الإدانة لهم وبين العمل علي التصدي للقاعدة ومن المهم الإشارة هنا ان مجلس الامن وهو بالاسم أدان الحوثيين وزعيمهم لم يشر إطلاقا الي الجنوب وأكثر من ذلك أوضح دون لبس ان الحوثيين واطرافا اخري يواصلون إذكاء نار الصراع في ( شمال ) اليمن في محاولة لعرقلة عملية الانتقال السياسي ولم يقل في الجنوب ولم حتي قال في اليمن التي كانت ستعني الجنوب أيضاً إذن بذلك أوضح المجلس الجهات في شمال اليمن. التي تعرقل عملية الانتقال السياسي وهذا تحديد واعتراف هام من المجلس ان لا للجنوب علاقة في العرقلة وهذا ماكنت ناديت به منذ أشهر بعدم الاعتراض علي مخرجات الحوار ليس حبا فيها لأننا واثقين ان الأطراف في الشمال هي التي ستقوم بذلك وعلينا جعلها تتحمل مسؤولية ذلك بدلا من التذرع بان الجنوب هو وليس الشمال من سيفشل مخرجات الحوار وجاء النص ليقر أعضاء مجلس الامن بمسؤولية الشمال في عرقلة عملية الانتقال السياسي  ونشير في الأخير ان معظم قرارات وبيانات مجلس الامن أشاد بالرئيس هادي في طريقة معالجته للازمات في اليمن

 

 في الخلاصة

إظهار القاعدة انها تشكل خطرا اكبر وفق ما سبق ذكره يعود الي ان تهديدات القاعدة تمثل خطرا دوليا وخاصة كما هو معروف اصبح موقع توطينها في الجنوب بتخطيط القوي النافذة في صنعاء وربما أيضاً بدعم أطرافا اخري جعل موقف المجلس اكثر تشددا لانه يعلم. الموقع الجيواستراتيجي للجنوب وما يمثله للعالم فسقوط عدن بيد القاعدة ابعادها وتداعياتها غير سقوط صنعاء بيد الحوثيين الفارق بين الحالتين كبير

 

أخشي ان يستغل البعض المخاطر المحدقة بصنعاء بالمطالبة بنقل العاصمة الي عدن يجب التنبه لذلك فهذا مشروع قديم للقوي النافذة في صنعاء لتحقيق مآرب اخري اذكر فقط ان عدن ضمن تقسيم الأقاليم هي اقليم بذاته وصنعاء تمثل العاصمة ولذلك سيفشل هذا التوجه الأخير مخرجات الحوار