برفع الدعم عن المشتقات النفطية تكون السلطة في اليمن قد تجردت من آخر ورقة توت كانت تغطي بها فشلها وفسادها قبل وبعد ثورة 2011 .. بعد رفع الدعم لم يعد للسلطة ما تتحجج به إذا ما انعكست مبررات الدعم إيجابا في تحسين حياة المواطن .. وإذا لم تضرب بيد من حديد كل معاقل الفساد تلاحق الفاسدين الذين استمراؤا نهب المال العام بدون حسيب أو رقيب .
منطقيا وبعد رفع الدعم يجب من الدولة عمل التالي لتكسب الشعب إلى صفها أن كانت جادة في الانتقال بحياة المواطن الى مستوى أفضل والتأكيد مبررات قرارها هذا .
أولا : مكاشفة الناس الذي كان من المفترض القيام به عبر وسائل الإعلام بمبررات رفع الدعم وأين ستذهب الأموال التي ستأتي نتيجة لقرارها هذا.
ثانيا : المكاشفة وعبر رجال الاقتصاد وليس السياسيين في تعديل الموازنة العامة للدولة للعام الحالي 2014م والتي وضعت ارقامها قبل إقرار رفع الدعم ، أي أن العائدات ستكون أكبر من التي وضعت في الموازنة المالية للعام الحالي والكشف عن كيفية استغلالها لإحداث تحسن في الاقتصاد.
ثالثا : مكاشفة الناس ببرنامج الدولة التي قررت رفع الدعم بخططها العملية ( اذا كانت لديها خطط اصلا ) في محاربة فعلية للفاسدين وتقديم منهم للقضاء وإستعادة الأموال المنهوبة من وزراء المحاصصة السياسية ، وبدون قرار بضرب الفاسدين بيد من حديد ستكون عائدات رفع الدعم كنزا ينهب من قبل أباطرة الفساد في اليمن.
رابعا ؛ تكثيف الجانب الرقابي للدولة وعدم ترك الحبل على الغارب للرأسمال والتجار الذين سيدخلون مجال إستيراد وبيع المشتقات النفطية للمواطنين بعد تحريرها من الدعم ، وحتى لا تخرج اسعار هذه السلعة المهمة في حياة الناس عن السيطرة .. فقد تشكل عملية كهذه فتيلا لفوضى شعبية تأكل الأخضر واليابس ولن تنفع حينها اية وسيلة للجم الشارع المتدمر من غياب كامل لمسؤولية الدولة تجاه المواطن.
وكما تحدث أمس الأول مع دبلوماسي اجنبي في اليمن بأن الدول المانحة والتي اشترطت في مؤتمر لندن برفع دعم المشتقات النفطية مقابل البدء ببرنامج الإصلاحات الاقتصادية وضخ المساعدات الدولية المرصودة لليمن ، يجب عليها أن تراقب بقوة وعن قرب أداء الدولة في مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين ، فبدون ذلك فإن النظام في اليمن الذي سحب آخر ورقة عن نفسه برفع مسؤوليته بإلغاء دعم المشتقات النفطية سيتعرى داخليا وخارجيا ، ولن يجد أي مبرر بعد اليوم لوقف التدمر الشعبي والمساعدات الخارجية اذا فشل في ترشيد العائدات الضخمة من هذا القرار وانعكاسته إيجابيا في حياة الناس .. فليكن قرار وبرنامج محاربة الفساد عمليا قرينا لقرار رفع الدعم .. فبدونه فإني أشك أن يستقر اليمن أن لم يكن هذا مبررا لفوضى وانهيار الدولة لا سمح الله.
والله من وراء القصد .. وجمعة مباركة على الجميع
* لطفي شطارة - سياسي واعلامي جنوبي