صحيفة لبنانية : ( لَحَج والضالع و أبيَن) هي بؤر لتنظيم القاعدة

2014-06-21 13:34
صحيفة لبنانية : ( لَحَج والضالع و أبيَن) هي بؤر لتنظيم القاعدة

صورة تعبيرية

شبوة برس - متابعات بيروت

 

 

اليمن، شعبٌ يمضغ "القات" على أرصفة الخيبة! (أمين أبوراشد)

 

 

رغم أن اليمن يُعرف ببلد الـ 60 مليون قطعة سلاح، فإن مبررات عدم الإنفلات الأمني في الميادين اليمنية وبشكل خاص في صنعاء خلال عملية إقصاء الرئيس السابق علي عبدالله صالح، تعود الى أن الشعب اليمني بغالبيته الساحقة يعاني من الفقر مع نسبة أمِّية مرتفعة، وليس لديه ما يخسره وليس لديه ما يأمل أن يكسبه، وأقصى ما يحلم به أن يؤمِّن "قوته اليومي" من نبتة "القات" المخدِّرة، التي يجد اليمنيون السعادة من خلالها بصرف النظر عن الفروقات العمرية أو الطبقية أو الإجتماعية! وأنه من غير الطبيعي، أن تجد يمنياً أو يمنية دون انتفاخ في أحد الخدَّين نتيجة "تخزين القات" سواء في الجامعات أو الأسواق أو أماكن العمل، لا بل أن من أهم أسباب فقر الشعب اليمني، إهدار ما يجنيه ربُّ الأسرة لشراء هذا النبات المخدِّر بدلاً من الطعام، وتواجد الجماهير في ميادين الثورة كان مجرَّد حلقات لجلسات مضغ "القات" وليس أكثر.

 

والشعب اليمني مرجعيته هي العشيرة أو القبيلة وليست الدولة، بدليل أن النظام القضائي الرسمي تم دمجه عام 76 مع الأعراف القبلية وعُدِّل عام 97 لمزيد من التقارب مع هذه الأعراف، وعامة الشعب لا تعنيها التقسيمات الجديدة التي جعلت من اليمن ستة أقاليم فدرالية (حضرموت، سبأ، آزال، تهامة، الجند وعدن)، لكن الزعامات العشائرية التي لها حساباتها في تقاسم السلطة، إضافة الى التواجد الكثيف للجماعات الدينية المتطرِّفة هي التي سوف تمنع اليمن من القيام كدولة بأقاليمها الستة المستحدثة نتيجة تضارب المصالح السلطوية.

 

جماعة "الحراك الجنوبي" ترفض العودة الى الوحدة التي قامت عام 90 بين اليمنين الشمالي والجنوبي، ولن يرضيها إقليم عدن الذي استُحدث لها، خاصة أن محافظات هذا الإقليم (لَحَج والضالع و أبيَن) هي بؤر لتنظيم القاعدة، بما يعني أن مسألة الجنوب أكبر من تُختصر معاناتها بضمِّها فدرالياً الى اليمن، وأن اليمن الجنوبي ذاهب الى إعلان الإستقلال لا محالة وأنه سيتحمَّل وحده تبعات محاربة القاعدة.

 

وبالإنتقال الى إقليم آزال الذي يضمُّ محافظات صنعاء العاصمة إضافة الى ذمار وصعدة وعمران، فإن الحرب المذهبية القاسية التي يخوضها الحوثيون الشيعة في صعدة ضدَّ الإسلاميين السنَّة المتشدِّدين في عمران، والتي أسفرت مؤخراً عن انتصار للحوثيين وتهجير لسكّان عمران، ما يؤكَّد استحالة الجوار بين المحافظتين، إضافة الى أن الحوثيين يتطلّعون اليوم الى ضمّ مدينة "الحزم" المتواجدة ضمن إقليم سبأ المجاور، الى معقلهم في محافظة صعدة، مما يخلط أوراق إقليمي آزال وسبأ من جديد، على خلفية القتال الشرس الذي يحصل حالياً بين "جماعة أنصار الله الحوثية" الشيعية، والجيش اليمني مدعوماً من "حزب الإصلاح الإسلامي" السنِّي، المؤيد للرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي.

 

وبصرف النظر عن التقسيمات الوهمية، والمنجزات الورقية لـ "مؤتمر الحوار الوطني" تمهيداً لإجراء الإنتخابات قبل انتهاء مهلة السنتين المُحدَّدة للرئيس هادي، فإن المشكلة المركزية في اليمن، أن علي عبدالله صالح مصرٌّ على أن يبقى رئيس الظلّ، وأن الرئيس الحالي ما زال بنظره نائباً للرئيس، ويُعارض صالح كافة الإصلاحات التي تُطيح بأقاربه من قيادة الأجهزة العسكرية والأمنية، ويتَّهم هادي بالتقرُّب من "حزب التجمُّع اليمني للإصلاح" المقرَّب من الأخوان المسلمين على حساب "حزب المؤتمر الشعبي العام" الحاكم الذي ما زال يترأسه صالح، ووصلت الأمور الخلافية بين الرجلين أن اتَّهم صالح الرئيس هادي بإيواء "الأخوان" الهاربين من مصر واستخدامهم ضدَّه، فجاء الردّ من هادي بأن أمر بمحاصرة أكبر مسجد بناه صالح مقابل القصر الجمهوري ويتم استخدامه من قِبَل جماعة صالح لتخزين الأسلحة وانتشار القنّاصين على مآذنه، مما منع هادي حتى الآن من الإنتقال الى القصر خوفاً من اغتياله قنصا من أنصار صالح!!

 

في المحصِّلة، اليمن كما ليبيا، بات مسرحاً لكل التنظيمات المتطرِّفة والتي بعضها مدعومٌ من القبائل لتعزيز السلطة القبلية، والمبادرة الخليجية لن تسلك طريقها لبناء يمنٍ جديد، لأن دول الخليج قد شرذمتها الأجندات المختلفة وآخرها مسألة "داعش" ومخاطر الإرهاب عليها، إضافة الى عدم رغبتها بالإستثمار وسط هذه الفوضى الطويلة الأمد، و الشعب اليمني غير قادرٍ ذاتياً على إعادة قيام دولة، وأبلغ تعبيرٍ عن حال اليمن اليوم، ما قالته وزيرة حقوق الإنسان اليمنية حورية مشهور في المؤتمر السنوي للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة الذي عُقِد في نيويورك بنهاية مايو/ أيار الماضي:"اليمن يحتاج لكل أنواع الدعم ليستعيد بناء نفسه"، لكن لا مؤشرات لأي دعم ولا بناء لدولة موحَّدة أو فدرالية إسمها اليمن في المدى المنظور، ولن يتغيَّر على الشعب اليمني أي شيء في نمط عيشه سوى أنه يمضع "القات" ويقتات الخيبات على أرصفة الإنتظار الخائب...

 

* صحيفة التيار