الدولة لا تُعلَن بالعاطفة: الاستعجال لا يخدم قضية الجنوب التي تحتاج إلى مسار لا إلى إعلان متعجل
شبوة برس – رصد ومتابعة
رصد محرر شبوة برس نصيحة قانونية قدّمها أستاذ في القانون الدولي بجامعة الملك محمد الخامس بالمغرب، حذّر فيها من مخاطر التسرع في إعلان الدول قبل اكتمال شروط بنائها السياسية والمؤسسية والاقتصادية والأمنية، مؤكدًا أن الإعلان المتعجل قد يتحول إلى عبء على الشعوب بدل أن يكون خطوة نحو الاستقرار.
وأوضح أستاذ القانون الدولي أن من يعتقد أن إعلان الدولة يمكن أن يسبق الاستعداد الشامل لبنائها يخطئ في تقدير طبيعة التحولات السياسية وتعقيدات بناء الدول، مشيرًا إلى أن التجارب الحديثة أظهرت أن الإعلان، إذا لم يُبنَ على جاهزية حقيقية، يبقى حدثًا رمزيًا سرعان ما يصطدم بميزان القوى وبالواقع الإقليمي والدولي.
وأشار إلى أن الدولة ليست بيانًا يُقرأ ولا علمًا يُرفع، بل كيان سياسي وقانوني واقتصادي يحتاج إلى ظروف ناضجة وضمانات واقعية تضمن استمراره، محذرًا من أن إعلان دولة دون اعتراف دولي يعني عمليًا العزلة وعدم القدرة على الانضمام إلى المنظمات الدولية أو ممارسة السيادة الكاملة.
ولفت إلى أن التجارب الدولية تؤكد أن الدول التي نجحت في استعادة أو تأسيس كياناتها سلكت مسار التدرج السياسي، وبنت مؤسساتها، وحشدت الاعتراف الإقليمي والدولي، ثم توّجت ذلك بإجراءات قانونية واضحة، في حين أن القفز على هذه المراحل أدى في كثير من الحالات إلى دول هشة أو نزاعات طويلة أو اعتراف منقوص استمر لعقود.
واستشهد بعدد من النماذج الدولية التي أعلنت الاستقلال دون استيفاء الشروط اللازمة، مثل أرض الصومال التي أعلنت استقلالها وتعيش عزلة دولية، وشمال قبرص التركية التي أعلنت الاستقلال عام 1983 ولا تحظى إلا باعتراف تركيا، إضافة إلى تجربة كتالونيا عام 2017 التي أُعلن فيها الاستقلال دون أي اعتراف دولي وانتهت بفشل سياسي سريع، وكذلك تجربة إقليم بيافرا في نيجيريا التي انتهت بحرب مدمرة بعد إعلان استقلال غير معترف به دوليًا.
وأكد أن هذا الطرح لا يعني التخلي عن حق الجنوب في استعادة دولته، بل يهدف إلى حمايته من الفشل، موضحًا أن القضايا العادلة لا تُقاس بسرعة الإعلان عنها بل بقدرتها على الصمود وتحقيق مصالح شعوبها، وأن المطلوب في هذه المرحلة هو تقوية الجبهة الداخلية وبناء مؤسسات دولة حقيقية والعمل ضمن تسوية سياسية شاملة.
كما أشار إلى أهمية أخذ مواقف دول الجوار بعين الاعتبار، باعتبارها تنظر إلى أي إعلان دولة جديدة من زاوية تأثيره على أمنها القومي واستقرارها وتوازناتها الإقليمية، محذرًا من أن تجاهل هذه المعطيات قد يفتح الباب أمام التحفظ أو الرفض أو محاولات الضغط والاحتواء.
وختم أستاذ القانون الدولي بالتأكيد على أن الإعلان عن الدولة ليس نقطة بداية، بل نتيجة لمسار طويل من الإعداد الداخلي والإقليمي والدولي، وكلما كان هذا الإعداد أكثر نضجًا وواقعية، زادت فرص القبول والاعتراف، وتراجعت احتمالات العزلة أو الصدام.
شبوة برس
رصد ومتابعة