تحذير من تحول حضرموت قريبا إلى نسخة مهزوزة من الكونغو

2025-10-14 10:33
تحذير من تحول حضرموت قريبا إلى نسخة مهزوزة من الكونغو
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس - أحمد العيدروس

أشعر بقلق عميق من مستقبل حضرموت إذا استمر المشهد الحالي دون كبح جماح الفصائل المسلحة والمليشيات التي تنمو بلا رادع ولا ضابط قانوني. نحن اليوم أمام خطر حقيقي ليس مجرد توقعات بعيدة، بل دروس من تجارب دول انهارت فيها الدولة الأمنية وتحولت الميليشيات إلى حكام فعليين على الأرض.

 

انتشار تشكيلات مسلحة تحت شعار الحماية لم يعد مجرد عنوان ذريعة، بل بداية مسار قد يقود إلى جيوب نفوذ وسلطات موازية لا تعترف بالقانون ولا بالمواطن. كل مَن يفتح باب التسلح باسم المحافظة أو القبيلة أو الحماية يضعنا على طريق تمزيق النسيج الاجتماعي وانتشار الجبايات والنهب والتعذيب والتهجير. هذه ليست فرضية بعيدة إذا تكررَ النموذج ذاته كما حدث في مناطق عدة من العالم، فقد بدأت تلك الميليشيات بدعوى حماية أماكن محددة ثم تحولت سريعاً إلى أدوات للعنف والفساد والاستيلاء على الموارد.

 

أتخيل حضرموت في 2040 نسخة مهزوزة من دول غابت فيها المؤسسات وتكسرت فيها آمال المواطنين. لا أستخدم لغة التهويل بل أناشد العقل والضمير: التقصير في مواجهتهم اليوم يعني فاتورة باهظة على الغد، وغض الطرف هو مساهمة في تحويل مدننا وقرانا إلى مساحات خارج سلطة القانون.

 

الأسباب التي أراها واضحة ومتشابكة: الفساد الذي يسرع تفكك الأجهزة الأمنية، استغلال الثروات كمصدر تمويل للتشكيلات المسلحة، وظروف الاحتقان الاجتماعي والسياسي التي تسمح لقوى محلية وإقليمية أن تغذّي هذه الفوضى لتحقيق مصالحها. إذا لم نتعامل مع هذه العوامل بشكل متكامل فسنجد أنفسنا أمام شبكة من الجماعات المسلحة المتنافسة التي تحوّل الحماية إلى تجارة حياة وموت.

 

نداءي اليوم إلى المجتمع المدني والمشايخ وأهل الرأي والمؤسسات المحلية والدولية المتعاطفة مع حضرموت أن يتحركوا فوراً. يجب توحيد الساحات المدنية ومطالبها وفرض حصار مجتمعي وسياسي على من يروجون للتسلح، بالإضافة إلى مطالبية السلطة المحلية والشرعية بالتحرك الفاعل لحصر السلاح في مؤسسات الدولة وتأمين سبل العيش والحماية الحقيقية للمواطنين.

 

لا حل لنا سوى بناء مؤسسات أمنية مدنية محترفة تخدم الناس لا الفصائل، واستعادة دور الدولة في إدارة الموارد والتوزيع العادل للخدمات، وتغذية الحوار السياسي ليكون متنفساً شرعياً للخلافات. من يتصور أن السماح بتمدد الميليشيات سيؤمن مستقبلاً لحضرموت فهو واهم. المحافظة تستطيع أن تكون مثالاً للاستقرار والتنمية أو تصبح ساحة صراع يخسر فيها الجميع.

 

المواجهة ممكنة إذا تحركنا الآن بعقل وانضباط ومسؤولية. التأخير سيعني دفع ثمن لا تقوى عليه الأجيال القادمة.