قصة قصيرة
وصل إلى حافة باب البريد وهو يلهث بأنفاسه شهيقا وزفيرا فقد سمع عن صرف الراتب ، باشر أحد الخارجين من صالة البريد يريد أن يتأكد من صحة الخبر قائلا له ؛ تم صرف الراتب ؟ .
بوجه عبوس ودون أن يكلف نفسه النظر إلى وجه الذي سأله ودون أن ينطق بكلمة هز رأسه مرتيين مومئا بنعم ثم ذهب لحال سبيله .
وهو يتحسس ثيابه يتأكد من وجود البطاقة بخطوات متسارعة اتجه إلى صراف البريد يعطيه بطاقته ، ما أن رأى الصراف يضع الراتب على الرف حتى مد يده إليه قابضا عليه بقوة ، ثم وبعد أن فحصه بعده التفت إلى الصراف محتارا يسأله ؛ هذا راتب شهر واحد فقط ، عندهم راتب ثلاثة أشهر ، بهدوء متعود من قبل الصراف لكثرة مثل تلك الأسئلة والاستفسارات التي مل من تكرار سماعها رد عليه قائلا ؛ اعتمدوا صرف راتب شهر واحد فقط .
ابتسم ابتسامة ساخرة مستهزئة مما وصل إليه حال الموظف من وضع صعب وكارثي لم يكن في الحسبان ، بينما هو يتأهب للذهاب أخذ يحدث نفسه ، مايعادل 150 ريال سعودي فقط قيمة هذا الراتب اليوم ، من يصدق أن قيمته كانت مايعادل أكثر من 1800 ريال سعودي قبل سنوات عاصفة الحزم وعاصفة الأمل .
في جانب من داخل منزله وضع المتطلبات الضرورية والأساسية التي اجتهد في تقسيم الراتب لشرائها التي بالكاد تكفي أيام معدودات ، وهو مستلقيا للاسترخاء على فراشه من عناء سائر يومه وهمومه ووساوسه خطرت بباله مقابلة فائتة لرئيس مجلس الأعضاء الثمانية ، الذي فيه كان يحاول إصلاح جلسته حتى يبدو كرئيس دولة بها يتجاوز عقدة النقص في كون مقر إقامته الدائمة وشرعية دولته متواجدة في المنفى منذ عشر سنوات .
فجاءة وبحركة لا إرادية لايدري إلا وهو يضع يده على قلبه لشعوره بخوف يتملكه بعد تذكره ماقاله رئيس مجلس الأعضاء الثمانية في تلك المقابلة ، من أنهم قد وضعوا خطة لاستلام العاصمة صنعاء في اليوم الثاني لهزيمة المليشيات الحوثية .
ويده مازالت على صدره أخذت نفسه توسوس له أن عدم استلام راتب ثلاثة أشهر ربما قد كان بسبب تكاليف تخطيطهم لتلك الخطة ، كيف لو اعلنوا بدأهم تنفيذ تحركاتهم العسكرية ضد الحوثيين ؟! ، ربما أنهم سيقطعون عنا استلام رواتبنا نهائيا بذريعة أكذوبة تحرير صنعاء عسكريا حسب خطتهم المزعومة .
عادل العبيدي