*- شبوة برس – ناصر العبيدي
لم تترك لنا بقايا الاحتلال اليمني أي حسنة نُذكِّر بها، سوى أوجاعٍ تراكمت، وظلمٍ استشرى، وقهرٍ طغى على كل شيء.
شعب الجنوب اليوم يرزح تحت نير الاحتلال، ويعيش أسوأ عصور الظلم والفساد، لكن عهد هؤلاء يوشك أن يزول، وسينبلج فجر العدالة والرحمة، ليطوي صفحة الظالمين إلى غير رجعة.
والمؤلم أن بعض الناس، بفعل ما يرونه من قهرٍ وذلٍ وخراب، باتوا يترحمون على أيام نظام عفاش، رغم ما فيها من فساد واستبداد.
وهنا، لا نقول هذا مدحاً له، ولا تبريراً لنظامه، فقد كنا ولا نزال من الرافضين له ولسياساته. لم نكن يوماً في صفه، ولا منحناه صوتاً، في وقتٍ كان فيه كثير من المنافقين يتزاحمون على التقرّب منه، يصفقون له، ويغضّون الطرف عن فساده.
واليوم، نراهم وقد لبسوا ثوب "الثوار"، يتحدثون باسم الوطن، بعد أن كانوا جزءاً من منظومة الاستبداد لعقود.
المفارقة أن بعضهم أصبحوا الآن مخترق في "كوتا" المجلس الانتقالي، وآخرون ضمن حصة العليمي، وآخرون في هذا المعسكر أو ذاك، يتنقلون بين المناصب كأن شيئاً لم يكن، بينما الوطن ينزف، والشعب يئن، والجوع ينهش ما تبقّى من الكرامة.
أما نحن، فثابتون على الموقف والمبدأ، لا نبدّل وجوهنا حسب الرياح، ولا نساوم على الحقيقة.
نقولها بمرارة....من حكمونا اليوم، ليسوا سوى خيبات مكرّرة، ونكبات مضافة لما
سبق.
فبالله عليكم، ماذا تبقّى من كرامة لهذا الشعب الجائع المقهور؟
نعم، كنا نختلف مع عفاش ونقاوم فساده، لكننا كنا نستلم رواتبنا، نحصل على علاج، نعيش في ظل دولة قائمة، ولو كانت مجروحة. أما اليوم، فالأغلبية لا تجد قوت يومها، ولا حتى ما يضمن لها البقاء.
أصبحنا غرباء في وطنٍ منهوب، بلا أمان، بلا عدالة، بلا أفق.
قد نكون أخطأنا في ظننا أننا ننتقل من السيء إلى الأفضل، لكن الواقع أثبت أن من جاءوا بعده، لم يجلبوا سوى الخراب.
نعم، للأسف الشديد، لم نحافظ على النعمة، ولم ندرك قيمتها حتى فقدناها.
لقد تم التغرير بالكثيرين بشعارات كاذبة، وسُوِّقت لهم أوهام "الثورة"، فتبعوها باندفاع، ليكتشفوا لاحقاً أن قادتها مجرد حفنة من الانتهازيين، باعوا الوطن، وفرّوا بأنفسهم إلى فنادق أوروبا، وتركوا هذا الشعب في العراء، يتجرع القهر، والجوع، والانهيار.
إذا كنت في نعمةٍ فارعَها
فإن المعاصي تزيلُ النِّعَمْ
وحافظ عليها بتقوى الإله
فإن الإلهَ سريعُ النِّقَمْ
وإن تُعطِ نفسكَ آمالَها
فعند مناهَا يحلُّ الندمْ
سيأتي اليوم الذي يحاسب فيه هذا الشعب كل من خان، وعبث، وسرق، وزوّر، واختبأ خلف رايات كاذبة.
فحتمًا...
الظالمون راحلون..
ويبقي الجنوب كما عهدناه حراً أبياً شامخاً لا ينكسر..
ناصر العبيدي