تهريب الغاز المنزلي من حضرموت إلى الخارج بعلم الحكومة والرئاسي

2025-02-22 07:49
تهريب الغاز المنزلي من حضرموت إلى الخارج بعلم الحكومة والرئاسي
شبوه برس - متابعات - اخبارية

 

الفساد النفطي في اليمن.. تهريب الغاز يكشف تواطؤ الأطراف ونهب الموارد الوطنية

 

في ظل استمرار الفساد المنظم في قطاعي النفط والغاز، تتكشف فضيحة جديدة تتعلق بعمليات تهريب غير شرعية للغاز المنزلي إلى دول الجوار، باستخدام وسائل بدائية بعيدًا عن أي رقابة رسمية.

 

تأتي هذه الجريمة بعد أيام فقط من الكشف عن مصفاة نفطية بدائية في أحد الأحواش القريبة من ميناء الضبة النفطي بمحافظة حضرموت، في مشهد يفضح حجم الفساد المستشري في هذا القطاع الحيوي.

 

ومع تفاقم الأوضاع الاقتصادية، يتساءل المواطنون: هل هناك أمل في وقف هذا النزيف، أم أن البلاد تتجه نحو مزيد من الانهيار؟

 

شبكات تهريب منظمة بغطاء سياسي

كشفت مصادر عاملة في قطاع النفط والغاز وتقارير صحفية عن وجود شبكات تهريب منظمة تعمل على نقل كميات ضخمة من الغاز المنزلي عبر القاطرات إلى منافذ بحرية رئيسية، حيث يتم تحميلها في قوارب وسفن شراعية لنقلها إلى خارج البلاد.

 

وأكدت المصادر أن عمليات التهريب تجري بتنسيق بين شخصيات نافذة من مختلف الأطراف، مع تواطؤ جماعة الحوثي الإيرانية، التي توفر الحماية لضمان استمرار التهريب دون استهداف.

 

ويتم تصدير الغاز المهرب عبر منفذين رئيسيين: الأول يقع في سواحل نشطون بمحافظة المهرة، وهو نقطة عبور استراتيجية يستخدمها المهربون لنقل المواد النفطية إلى الخارج، أما المنفذ الثاني، فهو عبر السواحل الواقعة بين غرب عدن وباب المندب، وتحديدًا منطقة رأس العارة بمحافظة لحج، التي أصبحت معقلًا رئيسيًا لعمليات التهريب بفضل غياب أي رقابة حقيقية من قبل السلطات المحلية أو المركزية.

 

أزمة غاز مفتعلة وأرباح غير مشروعة

مع تزايد عمليات التهريب، شهدت المناطق المحررة أزمة خانقة في الغاز المنزلي، حيث يقف المواطنون في طوابير طويلة لأيام للحصول على أسطوانة غاز واحدة، بينما يباع الغاز المهرب بأسعار مرتفعة في الأسواق السوداء خارج البلاد.

 

وتشير التقارير إلى أن هذه الأزمة ليست نتيجة نقص الإنتاج، بل هي أزمة مفتعلة تهدف إلى خلق ندرة في السوق المحلي من أجل رفع الأسعار وتحقيق أرباح هائلة عبر التهريب.

 

وتؤكد المصادر أن الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي على علم بهذه العمليات، لكنهما لم يتخذا أي خطوات جدية لمعالجتها، مما يطرح تساؤلات خطيرة حول مدى تواطؤ المؤسسات الرسمية مع هذه الشبكات.

 

النفط والغاز: موارد تُنهب بلا حسيب ولا رقيب

لا تقتصر عمليات الفساد على تهريب الغاز، بل تمتد إلى قطاع النفط بشكل عام، حيث يتم استنزاف الثروات الطبيعية لصالح جهات نافذة دون أن ينعكس ذلك على تحسين الأوضاع الاقتصادية للبلاد.

 

وتعد اليمن من الدول الغنية بالموارد النفطية والغازية، لكن هذه الثروات تُستغل بطريقة غير مشروعة، بينما يعيش الشعب في فقر مدقع ويواجه أزمات متواصلة في المشتقات النفطية والطاقة.

 

ويحذر الخبراء الاقتصاديون من أن استمرار هذا النهب الممنهج لموارد البلاد سيؤدي إلى انهيار اقتصادي لا يمكن السيطرة عليه، خاصة مع الانخفاض المستمر لقيمة العملة المحلية، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتزايد معدلات البطالة والفقر.

 

التواطؤ السياسي: تحالفات غير معلنة لتمرير الفساد

تكشف المعطيات أن عمليات تهريب الغاز والنفط تتم بتنسيق بين أطراف سياسية متصارعة ظاهريًا لكنها متفقة ضمنيًا على تقاسم عائدات الفساد.

 

وفي ظل هذا الواقع، أصبح واضحًا أن جميع الأطراف، سواء في الحكومة أو خارجها، متورطة بطريقة أو بأخرى في استنزاف موارد البلاد لتحقيق مكاسب شخصية، بينما يدفع المواطن الثمن من أمنه ومعيشته واستقراره.

 

انهيار اقتصادي وشيك.. إلى أين يتجه الوضع؟

مع استمرار هذه الجرائم الاقتصادية دون أي مساءلة، تتزايد المخاوف من وصول اليمن إلى نقطة اللاعودة، حيث يصبح الفساد أكثر تعقيدًا ويستحيل القضاء عليه بسهولة، فغياب الشفافية والمحاسبة، واستمرار تواطؤ الجهات الرسمية، يعني أن الأزمة لن تتوقف عند تهريب الغاز، بل ستمتد إلى كل القطاعات الاقتصادية، مما ينذر بمستقبل أكثر قتامة.

 

وفي ظل هذه الظروف، يتساءل المواطنون: إلى متى يستمر هذا الفساد دون محاسبة؟ وهل هناك إرادة حقيقية لإصلاح الأوضاع، أم أن البلاد تتجه نحو كارثة اقتصادية أكبر؟ وما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الجهات الدولية والمجتمع المدني في كشف هذه الانتهاكات والضغط لوقفها؟

 

ضرورة التحرك العاجل لإنقاذ البلاد

إن استمرار عمليات التهريب والفساد في قطاعي النفط والغاز يشكل تهديدًا خطيرًا لمستقبل اليمن، ويتطلب تحركًا عاجلًا من قبل كافة الأطراف المعنية لوضع حد لهذا النزيف الاقتصادي، وعلى الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها في مواجهة هذه الجرائم، واتخاذ إجراءات صارمة ضد المتورطين فيها، بغض النظر عن مواقعهم السياسية أو نفوذهم.

 

في الوقت نفسه، فإن المجتمع الدولي والمنظمات الرقابية مدعوون للعب دور أكبر في كشف هذه الانتهاكات والضغط لوقف استنزاف الموارد الوطنية، أما المواطنون، فعليهم الاستمرار في رفع الصوت ضد الفساد والمطالبة بحقوقهم في العيش بكرامة، بعيدًا عن سياسات التهميش والاستغلال.

 

إن إنقاذ اليمن من هذا المستنقع يتطلب إرادة سياسية حقيقية، وإجراءات حازمة ضد شبكات التهريب والفساد، وإصلاحات جذرية تضمن إدارة عادلة وشفافة لموارد البلاد.. فهل يتحقق ذلك، أم أن اليمن سيظل رهينة للفاسدين الذين يواصلون نهب ثرواته دون حساب؟