الفساد سلاح سياسي قاتل يستهدف عدن وكل أهلنا في الجنوب

2025-02-17 08:30

 

تحدثنا كثيرًا ومنذ وقت مبكر عن الفساد المركب والشامل؛ وقلنا بوضوح من أنه قد أصبح نظامًا قائمًا بذاته في ظل سلطة الشرعية؛ وهو الشاهد الحاضر على واقع الحال وعلى مأساة شعبنا الكبرى وآلامه ومعاناته المحزنة؛ وعلى تورط جهات نافذة في منظومة الشرعية ترعى وتمارس الفساد وتغذي منابعه وتحمي أبطاله؛ وأصبح التعايش معه أمرًا قاتلًا؛ ولم يعد أمام الجنوبيين غير النهوض الوطني العام وبفعل منظم يضع حدًا لمأساتهم ونيل حقوقهم واستعادة إيقاع الحياة الكريمة اللائقة بهم وبتضحياتهم.

 

لقد صار الفساد اليوم فسادًا سياسيًا بامتياز لا لبس فيه؛ متجاوزًا بمراحل صفة وطبيعة الفساد الإداري والمالي المعروف بحدوده وقدراته ومساحة فعله؛ وما نشهده من فساد إنما هو وسيلة سياسية لتحقيق غايات وأهداف ومشاريع سياسية واضحة؛ وما حرب الخدمات التي يعاني منها الجنوب إلا ترجمة دنيئة لأحد تجليات الفساد (الشرعي) الأبرز والممنهج؛ والذي يستهدف الجنوب والجنوبيين وقضيتهم الوطنية العادلة.

 

ولذلك فإن التصدي لهذا الفساد يتطلب موقفًا سياسيًا شجاعًا؛ وبأدوات قانونية ونقابية وحقوقية وشعبية واسعة؛ بما في ذلك الإقدام على خطوات وطنية إنقاذية طال انتظارها لإخراج شعبنا من محنته الكبرى وغير المسبوقة في كل تاريخه؛ وبغير ذلك لن تجدي معه كل بيانات الإدانات والشجب وحالة الشكوى الدائمة من الفساد؛ ولن تنال منه الشعارات الداعية لمحاربته أو فضح من يمارسون الفساد أو من يقف خلفهم دون إجراءات وتدابير سياسية عملية؛ وأخرى عقابية يتولاها القضاء وأجهزته المعنية بحماية المجتمع من جرائم الفساد.

 

إن محاربة الفساد وتجفيف منابعه ووضع حد حاسم لسطوته وجبروت سلطته الغاشمة؛ لا يمكن أن تتم على أيدي من تورطوا بدخولهم وبقوة إلى دائرة الفساد وأصبحوا من أبطاله؛ الأمر الذي يستدعي من الجهات المعنية التي ينتمي إليها هؤلاء من مدنيين وعسكريين؛ الوقوف بجدية أمام هذا السلوك المنحرف والخطير؛ ومحاسبة كل من يستحق ذلك؛ إما بالعقاب أو الإزاحة لهم من المواقع التي يشغلونها؛ وفضح كل من أساء لتلك المواقع التي استغلوها وبصور مختلفة لممارسة فسادهم وباسمها أو بالتستر خلفها؛ حتى يكون بمقدور شعبنا الثقة بهذه الجهات والمؤسسات الوطنية؛ ويعتمد على دورها في معركته الوطنية التي يخوضها بنبل وبشرف حتى يستعيد حريته وكرامته على أرضه.