حضرت أمس الأول مع من حضر المليونية الجنوبية النقابية الحقوقية الوطنية .. لقد احببت ان اكون متنقلا وسط هذه الجماهير المحتشدة التي انتمي إليها وتنتمي إلي فليس ثمة شعور بالاغتراب وانت بينهم وان كنت لا تعرفهم شخصيا فاحضان الساحة الام قد جمعتكم من جديد .
كان الكثيرون واقفين يستمعون إلى الكلمات التي تلقى من على منصة الساحة من قبل ممثلي النقابات الجنوبية ، اما انا فكنت استمع ولكني كنت امشي وسط الحشود ..امر بينهم اصافح هذا وأعانق هذا واشير إلى ذاك بالتحية ، لقد جمعتنا الساحة بعد شتات ، والساحة من ثوابت جنوبنا وثورتنا التحررية شئنا ام ابيئا وهجر الساحات فيه ضرر على ثورتنا وشعبنا ووطنا ؛ حتى عندما تقوم الدولة الجنوبية المستقلة فإن الساحات لن تهجر والحشود العظيمة لا يمكن الاستغناء عنها سواء في الاحتفالات الوطنية أو في غيرها فهناك مايمكن أن نسميه الحج الوطني.. ولله المثل الأعلى فالحج في عرفة هو المثل الاعلى يجتمع المسلمون فيه من كل أنحاء الأرض كل عام مرة . وفي الاوطان الحرة أيضا يجب أن تجتمع الجماهير لأسباب وطنية واجتماعية وثقافية
في مواسم ومناسبات وحين تلزم الضرورة ذلك .
سلمت على د عبدالله الحو فقال لي هناك أشياء تظل باقية مهما كانت التحولات فلا يمكن تجاوزها وهذه الساحة من هذه الثوابت وقد صدق فماقال .
فما أكثر الذين فارقناهم ولم نجدهم يوماً ووجدناهم اليوم في الساحة يموجون موجا ..رفاق نضال وزملاء دراسة وتدريس وأصدقاء وطلاب.. آباء وزملاء وابناء واصدقاء ..شرقنا وغربنا وتفرقنا فجمعتنا الساحة من جديد وبثت فينا روحاً جديدة كنا اوشكنا أن نفقدها .
قلنا لهم من زمان لا تهجروا الساحات.. لا تهجروا الساحات.. فإن الساحات هي التي تدر حليب الثورة ، لكل الاجيال.. فإن الطفل اذا هجر ثدي امه جف لبنها ، وان النحل إذا لم يداعب الازهار جف رحيقها وهكذا فان الساحات أمهات !!
طبعا المطالب والقضايا كانت حقوقية وخدمية بعد أن وصل السيل الزبا ، وبعد أن تدهورت الأوضاع بشكل مريع ، ووصلت إلى إذلال الناس وحد لا يطاق ؛ ولكن جذر هذه القضايا والمطالب كلها هو جذر سياسي، ولن يكن الحل حقوقيا ولا خدميا اعتياديا لأن أسباب الأزمة والحصار والتجويع أسباب سياسية وقد صار لشعب الجنوب ماصار وموظفيه وعماله ومدرسيه وجيشه وامنه كل هذا له كان بسبب سياسة تركعيه واثنائه عن هدفه السياسي في استعادة الدولة ، لهذا لكل المطالب الحقوقية تنتهي إلى القضية الوطنية والسياسية الجنوبية ، قد يأتي الحل لبعضها مؤقتا ، ولكن الحل الحقيقي يكمن في تحقيق هدف الجنوبيين في استعادة دولتهم وهذا لا يعني اننا نسيس المطالب الحقوقية ولكن غيرنا هو الذي سيسها حتى سيس خدمات الكهرباء والمياه وغيرها حتى وصل إلى تسييس شبكة الصرف الصحي !!ولك الشق السياسي هذا أو الوطني يتحمله المجلس الانتقالي الجنوبي وكل القوى الوطنية السياسية الجنوبية التي تحالفت مع المجلس الانتقالي وأي قوى أخرى مؤمنة باستعادة دولة الجنوب المستقلة. فعليها أن تسمع صوت هذه الجماهير الهادرة، التي مطالبها اليوم حقوقية وخدمية ولكنها سوق تصعد مطالبها وسوف تصل إلى الأمور السياسية لأن الحل والحلحلة يكمنان فيها وليس على المجلس الانتقالي بالذات إلا أن يتمثل هذه المطالب الحقوقية بحزم ويضمن تحقيقها على طريق تحقيق المطالب المصيرية لشعب الجنوب وليس على حسابها ؛ وعلى اتحاد نقابات الجنوب ومكوناته أن يدير عملية التصعيد بكل حزم واقتدار من أجل تحقيق الأهداف واستعادة الحقوق بالتنسيق مع المجلس الانتقالي الجنوبي الممثل الوطني لشعب الجنوب ، لان حل مثل هذه القضايا في نهاية المطاف هو حل سياسي وانا لا اقصد أن يكون الانتقالي وصيا على هذا التصعيد وقيادته او أن يخضع هذا التصعيد سياسياً بشكل مباشر للمجلس الانتقالي ولكن اقصد التنسيق والتناغم لأن القضية في الاخير واحدة وموحدة تصب في بوتقة مصير شعب الجنوب وعلى قيادة التصعيد الحقوقي أن تضغط على الجميع بما في ذلك المجلس الانتقالي
وعلى المجلس الانتقالي أن يتقوى بهذا الجناح المدني النقابي الحقوقي
والشعبي الجنوبي في نضاله ونشاطه السياسي التحرري
ومما يؤكد بأن المطالب الحقوقية جذورها سياسية هو بعض الشعارات التي رددتها الجماهير من عمال وموظفين ومعلمين وعسكر وغيرهم مثل هذا الشعار :
(يا انتقالي صح النوم لا شراكة بعد اليوم )
فهذا شعار سياسي صرف لكنه يمثل حلا لهذه الحقوق الوطنية التي أشرنا إليها من وجهة نظر الجماهير ، ولا تجتمع أمتي على ضلالة .
لهذا ندعو باستمرار التصعيد بشكل منظم على مختلف الاصعدة بكل حزم وعزم . وعلى القيادة السياسية الجنوبية أن تسمع صوت الشارع خاصة أنه في مقدمة هذا الشعب هم الموظفون والعاملون الذين يبنون الوطن من أطباء ومهندسين ومعلمين واساتذة جامعات وعسكريين وغيرهم .
د عبده يحيى الدباني