في العقود الأخيرة اعتدنا في المنطقة العربية أن نرى تصدر دولة الإمارات باعتبارها الوجهة المفضلة للشباب العربي، ما اعتدنا عليه في نطاقنا الجغرافي يبدو أنه يتغير إلى ما هو أبعد من أن تكون هذه البلاد أرضاً لتحقيق أحلام الطامحين في بناء مستقبلهم. فالأرقام تفرض المتغير المختلف تماماً بتحول الإمارات للوجهة الأكثر تفضيلاً لأثرياء العالم. ما قدمته المؤشرات الإحصائية المتداولة عبر الوكالات الدولية حول حقيقة أخرى من حقائق السياسات الناجحة أكدت اتجاهاً مذهلاً في أن توصف الإمارات بأنها "مغناطيس الأثرياء"، المدهش في هذه المعطيات أنها تأتي بعد التعافي من جائحة كورونا ومع حروب متعددة في العالم فيها حالة استقطاب سياسي بالغة الحدّة تعيد معها تشكيل النظام الدولي. من اللافت أن أنشطة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان حول عقد الشراكات الاستراتيجية مع كبرى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى حاملة لإشارة مهمة حول النظرة البعيدة المدى في استثمارات ما بعد النفط. المسألة تتعلق بتجاوز التحولات التي بدأتها الدولة الإماراتية فيما يتعلق بتنويع مصادر الدخل، تجاوز قضية مفصلية كانت قد قررتها القيادة السياسية بعزمها الاحتفاء بتصدير برميل النفط الأخير تبدو أنها وصلت عملياً لمرحلة متقدمة وأن البلاد الإماراتية باتت تتعامل في نطاق حقيقي مع هذه اللحظة وأنها حددت جزءاً من استثماراتها في نفط المستقبل باعتبار أن الذكاء الاصطناعي أحد أهم المستهدفات فيها. البنيّة التحتية في طبيعة تكوين الأرض الصحراوية تحد تعايشت معه دولة الإمارات منذ تأسيسها، ومع هذا التحديّ كان من البداية أن تتحول الصحراء إلى نقطة اجتذاب اقتصادي وهو ما ضخت فيه إيرادات النفط في العقود الخمسة التي تلت قيام الاتحاد. كانت المهمة كيف يمكن أن تكون الأرض الصحراوية الجافة عالية الحرارة والرطوبة المرتفعة منافسة لسنغافورة ولندن ونيويورك؟، تطلب ذلك عملاً شاقاً برغم العقود الطويلة والجهد المضني لم ينته بعد فلقد كان هطول الأمطار الاستثنائية في شتاء 2024 نقطة اختبار لمدى ما يمكن أن تتحمل البنية التحتية لهكذا حالة مطرية غزيرة تطلب معها إعادة تقييم وإطلاق جملة من التعزيزات للتعامل مع المتغيرات المناخية المتطرفة فكان الإعلان عن إنشاء أكبر مطار دولي في العالم بمدينة دبي بعد أشهر من افتتاح مطار زايد في العاصمة أبوظبي ليأتي إعلان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اعتماد شبكة تصريف الأمطار بدبي بكلفة 30 مليار درهم، كأكبر مشروع لتجميع مياه الأمطار في نظام واحد على مستوى المنطقة، والذي سيرفع الطاقة الاستيعابية لتصريف مياه الأمطار في الإمارة بنسبة 700% ويعزز جاهزية الإمارة لمواجهة التحديات المستقبلية المناخية.
ويستمر العمل الدؤوب على تحسين جودة الحياة في الإمارات من خلال تعزيز الاستثمارات في التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية التكنولوجية، هذه الجهود تهدف إلى جعل دولة الإمارات مركزًا عالميًا للتجارة والأعمال، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. إن استراتيجية دولة الإمارات للتنويع الاقتصادي تسعى إلى تقليل الاعتماد على النفط وتعزيز قطاعات أخرى مثل السياحة والابتكار التكنولوجي والخدمات المالية، إلى جانب ذلك، تشكل دولة الإمارات مركزًا ثقافيًا ومعرفيًا يجذب العديد من الفعاليات الدولية والمعارض الثقافية والمؤتمرات العالمية، هذا الاهتمام الثقافي يعزز من مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي للابتكار والتقدم. إن النجاحات التي حققتها دولة الإمارات تجعلها نموذجًا يحتذى به في المنطقة، حيث أثبتت أن القيادة الرشيدة والرؤية الاستراتيجية يمكن أن تحول أي تحد إلى فرصة، وتجعل من الصحراء واحةً للفرص الاقتصادية والتقدم المستدام، تثبت الإمارات أنها لا تتوقف عند حدود التحديات، بل تتجاوزها لتبني مستقبلًا مشرقًا قائمًا على الابتكار والاستدامة. إن رؤية الإمارات الطموحة واستثماراتها في المستقبل تجعلها وجهة جاذبة للأثرياء والمستثمرين من جميع أنحاء العالم، وتؤكد مكانتها كمركز عالمي للنمو والازدهار، هكذا اختتمت الزميلة النابهة لبنى بوظة محررة الشؤون الاقتصادية في سكاي نيوز عربية تقريرها بأن "كل الطرق تؤدي إلى الإمارات" وليست إلى روما أو أيّ وجهة أخرى. محظوظون هم أولئك الذين يعيشون الواقع في الإمارات فغيرهم يعيش في حلم اللحاق بهم أو على الأقل السير على خطاهم لعله يصل ولو بعد 100 عام.