(من يجرؤ على الكلام؟)

2024-05-10 20:14

 

من يجرؤ على الكلام؟، هو عنوان لكتاب للبرلماني الامريكي بول فندلي الذي زار الجنوب في سبعينيات القرن الماضي بقصد الافراج عن سجين امريكي متهم بالتجسس، وقد تم الافراج عن السجين إكراما للضيف الامريكي بول فندلي، وروى واقعة زيارته لعدن في كتابه آنف الذكر.

 

آنذاك كان الإعلام الغربي يصوّر الجنوب كغابة من الوحوش حتى ان زملاء لبول فندلي من الكونجرس الأمريكي نصحوه بعدم الذهاب الى عدن خوفا على حياته من (الكائنات المفترسة في الجنوب) كما كان يصورها الإعلام، وهناك كثير من الطرائف المرتبطة بالصورة الزائفة التي رسمها الإعلام عن الجنوب لا يتسع مقال كهذا لذكرها، والأكثر طرافة ان بعض الاشقاء يستدعون تلك التفاهات في كتاباتهم وتغريداتهم.

 

اتذكر ان الرئيس علي ناصر محمد روى ذات لقاء، بقيادات المؤسسات في عدن، عن لقاء له بأحد قادة الاحزاب في إحدى دول الغرب وقال له (ان أهم ميزة في الجنوب هي الأمن) والحقيقة اننا لم نهتم بهذه النصيحة الغربية، لكننا عرفنا قيمتها عندما غابت سلطة القانون وغاب معها الأمن.

 

بول فندلي في كتابه (من يجرؤ على الكلام؟) كان يتحدث عن سطوة اللوبي الصهيوني في الحياة السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية، التي كشفتها، فيما بعد، وسائل العصر بوضوح، اما نحن فسنتحدث عن لوبي آخر لا لون له ولا طعم لكن له رائحة تزكم الأنوف، ذلكم هو اللوبي المسمى (شرعية).

 

هذا الكائن الهلامي المسمى شرعية الذي يتمدد في كافة جهات الأرض (في سياحة سياسية) يفترض به من يتولى شؤون الأرض المحررة وساكنيها، لكننا لا نسمع لهم صوتا إلا عندما تأتي منحة او وديعة من الاشقاء، فنسمع ولولات وتغريدات وتصريحات، حتى يقبض كل منهم مخصصه ثم يعودون الى حالة السكون، بجملة مختصرة (شرعية شقاة على جيوبهم).

 

هذه الشرعية تدير ثلاث مناطق، وهي مأرب والمخا ويدير شؤون كل منهما عضو مجلس رئاسي فيما يدير الجنوب، الرأس الكبيرة، رئيس المجلس الرئاسي ومعه دولة رئيس الوزراء، وقياسا على ذلك فيفترض ان يكون حظ الجنوب اوفر من مأرب والمخا، لكن العكس صحيح تماما.

 

ولكي نكون اكثر دقة دعونا ناخذ مسألة الكهرباء في عدن كمثال ونترك صور المعاناة الاخرى فقد أصبحت واضحة.

 

تم رفع قدرة كابلات نقل الطاقة الى (١٢٠٠) ميجا، ولدينا محطة الرئيس بقدرة ٢٤٠ ميجا ومحطة الامارات ١٢٠ ميجا والكهرباء البخارية وبقية المحطات، فلماذا يتم انتاح ٧٠ ميجا فقط؟ وهي تغطي ٢٥% من حاجة عدن من الكهرباء ويتحمل الناس ساعات إنطفاء ٧٥% من ساعات اليوم.

 

الواقع يا سادة اننا اذا اضفنا هذه المعاناة الى صور المعاناة الاخرى سنجد ان شرعية معاشق تعمل على إنهاك الجنوب ليخضع ومن لديه تفسير آخر فليتحفنا به.

 

عدن

١٠ مايو ٢٠٢٤م