محطات في كتابة الذات (4)

2024-03-04 16:56

 

انه من الصعب أن يمر الحديث عن المرحلة الصبرية الأولى من حياة صاحبنا و لم يعرج على معلم فذ يسكن في الحوطة لحج إنه الأستاذ القدير/ فضل الزيدي، عمل سنوات في التدريس ثم انتقل الى إدارة التربية في مديرية تبن، هذا المعلم كان واحدًا من الفاتحين في قرى حالمين في نهاية عقد الستينات فقد علم في مدرسة حبيل الصريم أقصى شرق حالمين ثم في مدرسة الرباط كان من أولئك الجنود الذين فتحوا البلاد بالطباشير و أدخلوها في رحاب القرن العشرين، بعد أن مرَّ أكثر من نصفه،  ولكن تميزه عن سواه أو عن أكثر زملائه هو استمرار العلاقة بينه و بيننا لاسيما أسرتنا نحن ..اخواي الكبيران  وأنا،  ظلت العلاقة بيننا تقوى و تشتد رغم مرور السنين و هي لا تزال حتى الآن ، و تدرك عظمة أستاذنا حتى الآن و قد ركَّ عظم أستاذنا إذا لم يشتعل الرأس شيبا نسأل المولى أن يمده بالصحة و العافية و طول العمر، كان بالنسبة لنا نجمًا يتألق في سماء لحج و شمسًا تطل شوارعها و أزقتها، ما اعترضتنا عربات الى جزعنا إليها في تلك الأجواد الملبدة بالاضطراب و كأنه يملك عصا سحرية، كان يعرف الجميع و يعرفه الجميع في لحج لاسيما التربيون، لم يقصر معنا يومًا نصحًا

و إرشادًا و شفاعةً و إخراجًا من أزمة مالية أو مشكلة دراسية فقد كان لنا مكان أخواننا من قبلنا ملحقًا ثقافيًا في لحج الخضيرة بالعلم و التربية

و الفن و الإبداع.

 

في مطلع يوليو 1984 نادى المنادي من إذاعة عدن إذ أصدر وزير الدفاع الرفيق العميد صالح مصلح قاسم قرارًا لاستدعاء الدفعة السابعة عشرة للخدمة العسكرية الوطنية من خريجي الثانوية العامة للعام 1983 / 1984، و أذكر أن هذا القرار تزامن مع إنطلاق حملة محو الأمية في جميع أنحاء جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لمدة ستة أشهر.

لم يكن لنا من بد إلا أن نلبي النداء  فالخدمة العسكرية الوطنية هي بوابة المستقبل، فلا نمر إلى المستقبل إلا من خلالها و ليس هناك من عذر ليعفى منها أحد إلا أن يكون معاقًا بين الاعاقة أي من ذوي الاحتياجات الخاصة كما نسميهم اليوم .

هبت رياح الموسم العسكري ،و بدأت أفواج الشباب تتدفق نحو معسكر العند من جميع المحافظات درسوا  وامتحنوا في كل مناطق الجنوب

 وحشروا جميعًا في ميدان العند خلال أسبوع، إن الله ينزع بالسلطان ما لا ينزعه بالقرآن !

العند و ما أدراك ما العند!، اسمٌ على مسمى إلى جواره تبدو مدرسة النجمة الحمراء جنة خضراء من جنات الله في أرضه تلك التي كنا نتدرب فيها ذات يوم، لم نكن متلهفين للعسكرة

 و لكنها كانت قدرًا مقدورًا، أي دفعة جديدة تبقى في العند في حدود شهر أو شهرين و من هناك يتم الضخ إلى كل معسكرات القوات المسلحة الجنوبية و كذا معسكرات وزارة الداخلة، لقد كان محظوظًا من يتم توزيعه إلى وزارة الداخلية هكذا كنا نعتقد؛ لأنهم سيرابطون في المدن

 ويكونون أقرب إلى الحياة المدنية .

في العند عشنا حياة أخرى مختلفة عن أي حياة سابقة ؛ حياة يتحكم بها شيء اسمه الممنوع، فلكلٍ مكان  ولكلٍ وقت و لكلٍ سبب و لكلٍ عمل  وماعدا ذلك ممنوع، الممنوع هنا هو القاعدة و الممكن المباح هو الاستثناء عكس الحياة خارج أسوار هذا المعسكر، طبعًا العسكرة ضبط و ربط و هي في العند في منتهى الضبط

 والربط و فيها صلعة الصفر فيها يكون رأسك يلمع أكثر من جبينك،

 وفيها سحك على اليداتِ و الركب  وغيرها من العقوبات في حالة أدنى مخالفة، و فيها تسمع عبارات لم تسمعها من قبل مثلًا: الحجر من الأرض و الدم من رأسك، رقمك رقم بوزة، نفد ثم ناقش، تعسكر شد نفسك

و تقرأ عبارات داخل المعسكر مكتوبة مثل: وطن لا نحميه لا نستحقه، قطرة عرق في الميدان توفر قطرة دم في المعركة و غير ذلك .

عند الساعة الرابعة فجرًا ينهض كل من في المعسكر ليس على صوت أذان الفجر و ليس هنالك أذان و لا هنالك مسجد و لكن نفخة صور صغيرة و لله المثل الأعلى، لكنها نفخة كفيلة أن تخرج الناس جميعًا من مراقدهم إلى الميدان صوت مكروفون مرتفع جدا يصحيك من أول ثانية بصوت الفنان إسكندر ثابت ( قوم من النوم و اترك الهم عنك ) ، مع إننا في ذروة الهم  والانزعاج فلا زلت إلى اليوم أنزعج من تلك الأغنية لأنها ارتبطت بذلك التوقيت و بذلك الصوت اللجب  وبذلك المكان العسكري المُهيب، كنتُ أشعر بإن الله معي و بشكلٍ دائم مع أنني لم أكن أصلي، كنتُ أدعوه و ألح بالدعاء في ما صغر من أموري و فيما كبر و قد قال أحد الصالحين: "ادعوا الله أن يرزقكم حتى شراك نعالكم فإنه إذا لم ييسره الله لم يتيسر"

و لكني لا أعلم بمثل هذا القول في تلك الأيام .

..يومًا من أيام العند الحزيرانية لاحظ قائد المعسكر أن عددًا كبيرًا من المجندين قد قطعوا سيك، أي استأذنوا من قادة السرايا لكي يذهبوا إلى العيادات الطبية الموجودة في المعسكر؛ ليتعالجوا فكلٍ يشكو مرضًا معينًا، بعضهم كان مريضًا و البعض متمارضًا لكي ينجو من التدريب في ذلك اليوم، فإن تنج ساعة من التدريب فأنتَ من المحظوظين، لسوء حظي ذلك اليوم كنت واحدًا من الذين قطعوا سيكا لستُ مريضًا جدًا لكني كنتُ أشعر بالتعب و الإرهاق

 والضعف؛ فقدمت إلى الشرقي قائد السرية -الله يذكره بالخير- و قلت له :

-أنتَ قائد السرية و أنتَ من السرايا؟

قال:

-نعم

و كان يعرفني بالاسم، فقلت له:

-أنا تعبان..مريض اليوم ،

فقال:  تمام، لكن شد نفسك تعسكر لا تظهر الضعف و العجز والمرض، روح سيك و بعدين تعال ،

 

الشرقي هذا كان قائدًا و مدربًا محبوبًا، لكن النظام العسكري يفرض نفسه على الجميع فهو نفسه خائفٌ من قائد الكتيبة و قائد الكتيبة خائفٌ من قائد المعسكر و هكذا، و فجأةً يهجم علينا قائد المعسكر و نحن في العيادات منتظرين المعاينة و بعضهم كان ممددًا و بعضهم كان مركبًا مغذيًا، فأمر الضباط أن يحضروا الجميع إلى الساحة، فاجتمع في الساحة خلق كثير و كان القائد هنالك يرعد ويزبد، لقد رأى في جميع هؤلاء متمارضين،  وحقًا كان أكثرهم متمارضين،و هنالك أمر القائد -و إذا أمر القائد فأمره لا ينزل الأرض-  أن يأخذ كل ضابط من الضباط مائة مجند من هؤلاء

ويجريهم و يجري معهم إلى جولة دكيم و هو ما يسمى اليوم بمثلث العند، و هناك سيتفقدهم قائد المعسكر و يعدهم عدًا، ومن ثم العودة مشيـا عاديًا فلا أحد يستطيع أن يهرب في سيارة مثلًا، فالمجندون من الدفعة الجديدة كانوا يلبسون بدلات رياضية، شميز نص و سروال قصير حتى الركبة و ليس لديهم فلوس، كانت المسافة بين معسكر التدريب العند  وجولة دكيم حوالي ثلاثة كيلو متر  وربما أكثر، و كنا نركض و كان المساعدون و الضباط بعدنا يركضون و من وقف منا أو سار سيرًا اعتياديًا ضربوه بعصا منزوعة من الأشجار، كنا نخاف منهم فنركض، و هم يخافون من القائد أشد مما نخاف منهم؛ لأنه يسير بسيارته معنا في طريقه إلى جولة دكيم، كنا نركض و نركض جفت حلوقنا فشمسُ الصيف فوقنا لم تقدر وضعنا، مجندين شبابًا مرهقين  وبعضهم كان مريضا حقًا و كانت السيارات تمرق مسرعةً عن يميننا  وعن يسارنا، كانت تلك تتجه إلى يافع و ردفان و الضالع و عطقان  والمسيمير وكرش و جول مدرم  والأخرى إلى لحج و عدن، ياليتنا كنا مثلهم أحرارًا نتجه حيثما شئنا، العسكرة لون من ألوان العبودية وان كانت مقنعة أو مزينة، صحيح أن الأدبيات و القوانين تنص على الحقوق و الواجبات و العدل و لكن الممارسة كثيرًا ما تتخذ طابعًا شخصيًا مزاجيًا تتنافى مع تلك القوانين النظرية، و مع هذا كله يكفي الحياة العسكرية أنها مدرسة حياة، لكنها لا تُخرِّج عبيدًا

ولكن أحرارًا منضبطين !

لو سمح لنا ذلك اليوم أن نعود إلى قرانا مشيًا على الأقدام على أن يعطونا عشرة أيام إجازة لمشينا، شعرنا بالقهر و الرغبة العارمة في الخروج إلى الحياة الاعتيادية المدنية الحرة، و في جولة دكيم وقفنا طوابير من جديد و كنا مرهقين شعثًا غبرًا عارية أكتافنا ،ومناكبنا قد اسودت من شمس العند الحارقة أثناء التدريب  والبعض قد التهبت جلودهم العارية

 وانتفخت و تقيَّحت، كانت أرقُ من أن تقوى على تلك الحياة العنيدة القاسية. كان قائد المعسكر قد هدأ و لم يعد يرعد و يزبد لقد نفدَ أمره، لعله قد رحم هؤلاء الشباب في أعماقه لكن لابد من القسوة،  تقول له ليش؟ يقول لك : لأنه جيش! لاشك فله دولة مستنفرة قوتها، أعداؤها من حولها كثر متربصون بها و متربصٌ بهم، و ذلك الجيش لم يهزم إلا من بعد ما انقسم إلى قسمين في أحداث 13 يناير المؤسفة عام 1986م  و انكشفت خططه و تكتيكاته و أسراره و فنونه العسكرية.

عدنا إلى المعسكر جماعاتٍ و أفرادًا، نمشي كما نريد فلم يعد أحد من خلفنا يستحثنا أو يلوح بعصاه فكلنا كنا محبطين و قد شبهنا من رآنا ندخل المعسكر بأسرى الحرب.

 

و في يومٍ من أيام العند جرى جمع الدفعة كلها في ميدان التدريب الذي تعودنا أن نقف و ندق أرضه بأقدامنا بقوة أثناء التدريب بحركة نظامية،  وأحيانًا نقف على قدمٍ واحدة كنوع من العقاب للسرية كلها لمدة دقائق، في ذلك اليوم اجتمعت الدفعة في طوابير حسب الكتائب و السرايا و بعد إجراءات التحضير و البلاغات من قادة السرايا لقادة الكتائب، توجه قائد الكتائب لتبليغ قائد الدفعة الذي توجه بدوره إلى أمام المنصة بخطوات طويلة ثابتة تهز الأرض ثم وقف

و صاح بصوته الجهوري المهيب:

-أخي قائد الأركان الدفعة السابعة عشرة جاهزة للتفتيش !!

و لم نسمع بماذا رد عليه هذا القائد الزائر الذي وصل من وزارة الدفاع للتو، بعد ذلك أمرنا أن نجلس  فجلسنا، أمر الجلوس هو من أحسن الأوامر عند المجندين و الجنود حتى إذا كان الجلوس في الشمس؛ لأنه أهون من الوقوف أو الحركة النظامية او الجري، لكن أحسن الأوامر عندهم هو تفريق يمين يمين فرق، و هذا يقال عند نهاية الطابور العسكري في نهاية الدوام يتجهون يمينًا ثم يتفرقون، لكن الأوامر الأخرى تبدأ باليسار ، مثل أمر السير النظامي والخطوة التنظيمية ( محلك سر )  و غيرها تبدأ بالرجل اليسار للانطلاق و حين تقف تكون الرجل اليمين لها الوقفة الأخيرة،  وهكذا الغرب على ما يبدو يفضلون اليسار على اليمين حتى في كثير من الصناعات و الحركات مثل حركة عقارب الساعة .

جلسنا و شمس الرابعة تميل نحو الغروب لكنها لم تفقد لهيب أشعتها، تحدث القائد الضيف إلينا ما شاء له أن يتحدث و كان الهدف من كل هذا الحشد هو إن وزارة الدفاع تعلن لمجندي هذه الدفعة فتح باب التسجيل في الكلية العسكرية لمن كان يرغب في ذلك من خريجي الثانوية العامة، و كان معظم هذه الدفعة هم خريجي الثانوية في ذلك العام، كان القائد الزائر متحدثًا محترفًا فقد رغَّبَ المجندين الشباب بالانخراط في السلك العسكري من خلال التسجيل في الكلية العسكرية، و بعد عامين سيكون كل منهم ضابطًا و لدى كل منهم دبلوم علوم عسكرية، بينما الذين لا يسجلون سينتهي العامان قبل أن يكملوا الخدمة العسكرية الوطنية؛ فإنها تمتد إلى سنتين و ستة أشهر

و أحيانًا إلى ثلاث سنوات حسب الحاجة لذلك وهذا  من صلاحيات وزير الدفاع، كل يريد أن ينجح قرصه، و هذا القائد يريد أن ينجح في مهمته و هي وطنية على كل حال  ولكن الوطن بوجه عام بحاجة للكوادر و الكفاءات في كل المجالات العسكرية و المدنية، و بحزم قال القائد آمرًا و مرغبا:

-الذين يريدون التسجيل في الكلية العسكرية عليهم أن يذهبوا إلى ذلك المربع من الميدان ،

فقام خلق كثير و ساروا نحو ذلك المربع، البعض كان مترددًا، و كان بعضهم يغري بعضًا و يشجعه لكي يكونوا معًا، لقد كنا نسمع عن الحياة العسكرية و الكلية العسكرية كان أكلهم جيدًا، كذلك سكنهم، و لكنهم في استنفار دائم و لا يدخلون الكلية إلا معصرين، و لا يخرجون منها حين يخرجون إلا معصرين بتلك الدريسات المميزة المشدودة على أجسادهم، ليس لأحد منهم أن يمشي مشيًا على أرض المعسكر حتى إذا ذهب ليشرب أو سار إلى الحمامات  في الساحة أو غير ذلك اذ عليه ان يركض ركضا،  وترى رؤوسهم صافية من الشعر تمامًا و كلما نما الشعر قليلًا حلقوه حلاقة صفر من جديد و هكذا، و ليس كل الذين سجلوا في ذلك اليوم سيقبلون فهناك من لن يقبل بعد إجراء الفحوصات و المعاينات المختلفة.

كانت الشمس قد خفَّ وهجها و قد بدأت تحمر و هي تهوي رويدًا نحو الأرض لعلها ستغطس في البحر هناك خلف الجبال تبترد بعد يومٍ طويل من الحر، لكنها ستنهض معنا في الصباح، بل نحن سننهض قبلها، تنام قليلًا بعدنا ثم تنهض في الأفق الشرقي تنظر إلينا و قد عدنا إلى المعسكر بعد مشوار الجري الصباحي.

تلفت فيما حولي، لقد اتسعَ الفراغ من حولي، لقد ذهب الكثيرون إلى ذلك المربع في الميدان و لقد اقتنعوا بالخيار العسكري مستقبلًا، في هذه اللحظة يقرر كلٌ مستقبله، كان هناك شيء يشدني إلى الارض و صوتٌ باهت يدعوني أن أنهض و التحق بزملائي الذين تفصلني الآن عنهم أمتار لكنها بعد ذلك صارت سنوات عمر ومصير، غرقت الشمس في الأفق الدامي، التفتُ إلى صاحبي محمد  وقلتُ:

-مالك يا صاحبي تسمعُ و تستمتع و أنا أسرد قصتك كما حكيتها لي؟ لماذا لا تحكيها أنت و تساعدني بالقص؟

فقال : احب أن أسمعها منك، ثم إنك أعلم بنفسي مني، و لكني سأروي بعض الأحداث .

كان هنالك فريقان يغادران الميدان يوم ذاك، فريق ذهب ليجمع أشياءه  ويصعد بوابير ستة و ستين الروسية لتقلهم الى صلاح الدين في عدن،  وفريق سار نحو الطابور المسائي بخطى متثاقلة كان الطابور مهزوزًا متفرقًا، ذهب ذلك الزخم المعتاد فبدت الصفوف ممحوقة، و كأن الكتائب قد صارت سرايا، و السرايا قد صارت حضائر، و التأمت الصفوف من جديد و ارتفع صوت المساعد:

-استعد استرح! استعد استرح!

خطوة  تنظيم طق طق طق طق!

انتهى كل شيء و رحنا نحو البندرة كان العشاء وفيرًا، و طابوره هزيلًا  ولكن ثمة حزن كان يغشى المعسكر ليلتها وحين أتذكر الآن ذلك المساء اجد نفسي في رحمة من الله تعالى لأني لم أنهض و أسير إلى ذلك المربع المغري في لحظة عاطفية تحدد ما بعدها من مستقبل، الجيش في بلداننا لقمة قاسية و لكنها نظيفة و شريفة  وذلك قبل أن يأتي جيش يأجوج  ومأجوج من قبل الشمال فيفسد كل شيء حتى هذه اللقمة النظيفة الشريفة، فلم يعد هناك طعم ولا لون  ولا هيبة لا للبندرة و لا للرتبة العسكرية و لم يعد الباسليف جناحًا أخضر يطير بك إلى القرية و لم يعد المشي جريًا و لكن عاد الجري الصباحي نومًا، و لم تعد الشمس تشهد شبابًا ينهضون قبلها و لم تعد المعسكرات تلمع نظافةً و المدافع  والدبابات و الكاتيوشا تبرق بالشحم  والصليط من بعيد، و جزمات الجنود و الضباط كذلك تبرق لمعانًا، انتهى كل شيء لقد طال شعر الجنود و الضباط من غير حسيب و لا رقيب .