إن لمن أكبر الحماقات والجهل ، هو الركون على النيات الطيبة ، والانجرار وراء الشعارات السياسية المعسولة ، حين تكون شعارات المرحلة التي نعيشها ، وذلك لأننا قد نواجه يوما ما مفاجآت بعضها يكون صادما لنا .
هكذا تقول تجربتنا في سعينا لتحقيق الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية ، والتي بدأت باستغلال النيات الطيبة للجنوبيين ، وانجرارهم وراء شعارات الوحدة العربية ، التي أدت بهم إلى نسب بلادهم إلى اليمن ، وكانوا كمن نسب الإبن إلى غير أبيه ، عند تشكيل أول دولة لهم بعد الإستقلال ، بإسم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ثم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية .
واستمر ركون الجنوبيون بعد الإستقلال على النيات الطيبة ، والجري وراء الشعارات السياسية المعسولة ، حتى تم تحقيق الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية في 22 مايو 90 ، ليكتشف الجنوبيين مدى جهلهم وحماقتهم ، بالركون على نياتهم الطيبة ، وجريهم وراء الشعارات السياسية المعسولة .
وبالرغم من الدرس المرير الذي لاقاه الجنوبيين ، من خلال إقامة الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية ، لا زالوا يركنون على النيات الطيبة ، وإن كانوا لم يعودوا يؤمنوا بالشعارات السياسية المعسولة ، وهذا ما يظهر من خلال توقيعهم على اتفاقات ومشاورات الرياض ، ومشاركتهم في الحكومة ، وقبولهم بمبدأ تحرير صنعاء أولا ، ثم حل القضية الجنوبية ، دون تحديد إن الحل هو فك الارتباط ، ودون وجود ضمانات على تحقيق ذلك الحل ، غير الركون على النيات الطيبة .
لقد كان خطأ الجنوبيون هذا ، هو نفس الخطأ الذي الذي ارتكبوه من سابق واوقعهم في كارثة 22 مايو 90 ، وهو الركون على النيات الطيبة ، غير مدركين أن ماهو ممكن اليوم قد يكون غير ممكن غدا ، والعكس أيضا صحيح ، وغير مدركين إن أحيانا يكون ما يجري تحت الطاولة ، أشبه بالمياه التي تجرف البعض فجأة وعلى حين غرة منهم ، فياخذهم السيل في إتجاه مجراه ، وليس في إتجاه المجرى الذي يؤدي إلى تحقيق أهدافهم .
*- سالم صالح بن هارون ـ عتق