تشكلت الدولة القطرية في الوطن العربي بعد انهيار دولة الخلافة العثمانية في العام1917 و بعد استقلال البلدان التي كانت رازحة تحت نير الاستعمار الأوروبي ..كانت معضلتها الرئيسية تكمن في الانتقال إلى الدولة القومية من الخليج الثائر الى المحيط الهادر كما كانت الخطابات الحماسية التي اشتعلت في الوطن العربي والمعضلة الثانية أسلوب إدارة الدولة القطرية بخيار الديمقراطية (الأنظمة الدستورية ) والتبادل السلمي للسلطة وفي حقيقة الأمر لم تستطع دول العرب التوفيق في إيجاد حلول ممكنة ومرضية لمعالجة تلك المعوقات السياسية وفشلت الدولة القومية بفشل الوحدة بين مصر وسوريا عام1961م وفشلت عدة محاولات قبلها وبعدها وكان اعلان الوحدة بين الدولتين القطريين الساميتين في الجهوية اليمانية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية في 22مايو1990 اخر محاولات تجارب الأخذ بخيار الدولة القومية العربية لكن هذا الخيار فشل في 27ابريل 1994 بشن الحرب على الجنوب وعلى وثيقة العهد والاتفاق والأخذ بنظام الدولة الاتحادية بمخاليف ستة الموقعة في الاردن في 21فبراير1994م مما اضطر الزعيم الجنوبي علي سالم البيض إلى اتخاذ قرار بفك الارتباط في 21مايو1994(انفاذا لشرط جزائي تضمنته الوثيقة) _أن من يشن الحرب فقد أعلن الانفصال_ ..وهنا تحول اعلان الوحدة اليمنية إلى وحدة فاشلة وماتت في 7/7/94 باحتلال كامل ارض الجنوب وتنصل الطرف الشمالي المنتصر من كافة الاتفاقيات الوحدوية. لبناء دولة قومية عربية تكون انموذجا للدولة القومية العربية الواحدة من الخليج الى المحيط.
لاشك أن من يدعمون اليوم خيار. بقاء (الوحلة اليمنية) إنما يذهبون إلى خيار الدولة القومية العربية الواحدة المستحيلة التي أنظمة دولهم القطرية تنبذها اساسا وهنا يتشكل منعطف اخر وخطير على الأمن القومي العربي .
فليس بالإمكان أخذ جزء من منظومة لدولة وترك بقية الاجزاء وعلى راي الممثل المصري الكوميدي عادل امام (يانخلع كلنا يانبقى كلنا).. ومن باب الاتعاظ من التجارب المريرة والفاشلة لبناء دولة قومية عربية فإن الأصوب بدلا عن تجزئة المجزاء وتفتيت المفتت العمل الجاد على إصلاح الدولة القطرية واصلاح الطابع المحلي لها بنظم دستورية تتيح مجالا للمشاركة الشعبية في الإدارة والثروة وذلك بكل تأكيد يتطلب قبل كل شيء استكمال فك الارتباط بين الدولتين القطريتين الجارتين التي طال أمد صراعهما منذ 7/7/94 وحتى اللحظة الراهنة من عاصفة الحزم بعودة الوضع السيادي المستقل للدولتين على خط حدودهما الدولية القائمةعشية21مايو1990 وتعزيز علاقاتهما في نطاق الدول القطرية بعد فشل كل محاولات لتحقيق الدولة القومية العربية أو الدولة الدينيةحتى يتسنى للعرب مجابهة الأخطار الخارجية بتعزيز التعاون بين دولهم القطرية بعد أن تعذر تحقيق الدولة القومية العربية الواحدة
الباحث/علي محمد السليماني