في الصراع اليمني، ومن قبل هبوب رياح الربيع العربي وبعدها جهات مهمتها إشباع كل ما يحيط بالصراع بخطابات الكراهية والتشكيك في الآخرين، فهذه مهمة جهات استحوذت منذ عقود بعيدة على الهواء فضخت وتضخ فيه من الدعايات والشائعات، ما جعل الحقيقة غائبة والمصداقية مخفية، اليمن وقع مبكراً في فخ المتأسلمين الذين استخدموا الإعلام للتهويل والترهيب.
فيما كاد أن ينقضي العام 2021 بدون أن يكون في اليمن جنوبه وشماله بارقة أمل حدث التحول الدراماتيكي على غرار سياقات التحولات في التاريخ السياسي اليمني بإعلان التحالف العربي البدء في عملية إعادة تموضع لألوية العمالقة الجنوبية المتمركزة في طول الساحل الغربي والمرابطة منذ أن توقفت العمليات العسكرية بمفاعيل اتفاق استوكهولم، جاءت عملية إعادة التموضع التي شن عليها هجوماً إعلامياً كريهاً، واعتبر تسليماً لمليشيات الحوثي بينما تكشفت الوقائع بالدفع بهذه الألوية باتجاه شبوة لاستعادة ما سلمه «حزب الاصلاح» للحوثيين فيها.
لم يخجل حزب «الإصلاح» من تسليمه المعسكرات والمحافظات المحررة في شمال اليمن، فلقد كادت الحرب أن تنتهي بدخول القوات الموالية لتحالف دعم الشرعية بالقرب من مطار صنعاء، لولا أن هذا الحزب اختطف الشرعية وأسقَط نائب الرئيس خالد بحاح، واستحكم بمفاصل المؤسسات وأغرقها بالفساد وحوّل مسار المعركة كلياً، وجعلوا منها تجارة لمصلحة المتنفذين في باب اليمن، في أبريل 2016 أُسقط بحاح والقوات على مسافة قصيرة من مطار صنعاء لتتوالى الهزائم والانكسارات وتسليم الجبهات والمعسكرات بما فيها من سلاح وعتاد.
اختلت التوازنات بالاختلال السياسي في جسد المؤسسة السياسية اليمنية وفيما عاث حزب «الإصلاح» فساداً، كانت القوات المسلحة الإماراتية ماضية في التزامها مع قيادة التحالف وعملت على تأهيل ثلة من المؤمنين بحق بلادهم وشعبهم بالخلاص من سلطة الجماعات الإسلاموية، واستمر التأهيل والتدريب برغم كل الضخ الإعلامي العدائي لصد مشروع محور الاعتدال العربي الرامي إلى مواجهة أذرع المحور التخريبي المستهظف للأمن القومي العربي.
الإماراتيون لم يرضخوا ويتراجعوا عن مهامهم في اليمن جنوبه وشماله، ونجحوا في تمكين «ألوية العمالقة» من امتلاك المهارات القتالية، كما امتلكتها الأحزمة الأمنية والنخبة الحضرمية والشبوانية والمقاومة الوطنية، التشكيلات العسكرية والأمنية حققت نجاحات ميدانية، وحصلت على شهادات أممية ودولية في مكافحة الإرهاب، والأهم حظيت بحواضن شعبية شعرت بالأمان وبكثير من الامتنان نحو هذه التشكيلات ذات العقيدة الوطنية..
يدخل العام 2022 باستشراف مغاير للمشهد اليمني، فبعد كثير من الشكوك والظنون قطع «عمالقة الجنوب» كل الأوهام بالأفعال، وحطموا أسوار الزيف ودخلوا مظفرين إلى محافظة شبوة لاستعادة ما فرط فيه حزب «الإصلاح»، وإطلاق روح ايجابية بإمكانية تنفيذ «اتفاق الرياض»، ونقل القوات اليمنية من محافظات الجنوب المحررة إلى الشمال اليمني لدحر مليشيات «الحوثي» وإرغامها على الجلوس لطاولة التسوية السياسية. الإماراتيون عرفوا في اليمن الرجال الذين يمكن الاتكاء عليهم في بلد عُرف بتعدد الولاءات وتجار الحروب. فالبدايات الصحيحة تؤدي لنجاحات كبيرة، وهذا ما حدث وسيحدث في البلاد اليمانية العسيرة في استفهام تعقيداتها إلا لمن خبر الرجال وعرف بواطنهم وجوهرهم. الآمال كبيرة وعمالقة الجنوب كبار بمقدار الآمال والأهداف.
فمن كان جداراً شامخاً في ملحمة تحرير عدن الخالدة لن تستصعب عليه مهمة ملاحقة جرذان «الإخوان» وإن اختبئوا في جحورهم. الفرصة قائمة وهي المهمة، فكما تحرر الجنوب العربي ويمضي في سياق نضاله لانتزاع استحقاقه الوطني على أرضه وتحت سمائه، فعلى الشمال اليمني أن ينتهز الفرصة المواتية لاستعادة الجمهورية العربية اليمنية ككيان عربي من نسيج العرب من المحيط للخليج العربي النابض عزماً وقوة.
عن: الاتحاد الإماراتية