يوما عن يوم تنحدر الحياة المعيشية للمواطنين عموما ومواطني محافظات الجنوب على وجه الخصوص باتجاه الهاوية المحققة، بينما ترقد السلطة الشرعية في سباتها العميق هناك، حيث وسائل الرفاهية والاسترخاء، وفوقها المكافآت الشهرية الخيالية بملايين الريالات الشقيقة، في ظاهرة لم يعرف لها التاريخ مثيلا على امتداد قرونه الطويلة.
الكارثة التي تطرق الأبواب ليست بالضرورة مرتبطة بالحرب، مع ما للحروب من تداعيات ومضاعفات لم تكن قط محمودة، لكن كارثة بلادنا تكمن في أن البلد وبجانب الحرب، الباردة والساخنة، تدار (البلاد) من قبل سلطة ليست فقط فاسدة ومتبلدة وعديمة الكفاءة، بل وتفتقر إلى أبسط معايير الشعور بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية مع ما يترتب على كل هذه البلاوي من جرائم تمس حياة الناس منها مرئية وأخرى غير مرئية، مباشرة وغير مباشرة.
ربما يكون للإجراء الأخير المتصل بتغيير تركيبة مجلس إدارة البنك المركزي تأثيراً إيجابياً على سعر العملة وتحسين قيمة الريال اليمني، لكن هذا التأثير سيظل مؤقتا أسبابه نفسية أكثر منها اقتصادية، ومع ذلك تظل مؤشرات الكارثة قائمة ما لم تتخذ إجراءات جادة وراديكالية تؤدي إلى إنقاذ الاقتصاد ومن ثم إنقاذ البشر من تلك الكارثة المحتملة.
سيتحدث الاقتصاديون كثيراً وبتفاصيل متعددة عن أوجه التعامل مع هذه الكارثة، لكن أهم الاجراءات التي يمكن أن تسهم في إنقاذ الاقتصاد من الانهيار وإنقاذ البشر من الكارثة المحدقة يمكن أن تشمل:
ا. إيقاف صرف المرتبات بالعملة الصعبة لأي موظف من الموظفين الصغار والكبار سواء بالدولار أو بالريال السعودي، والاكتفاء بدفع رواتب جميع الموظفين الحكوميين صغارا كانوا أو كبارا في الداخل كانوا أو في الخارج بالعملة المحلية.
ب. تقليص أعداد المبعوثين الدبلوماسيين في سفارات وممثليات اليمن لدى الخارج مع تخفيض مرتبات من تبقى منهم ممن يتقاضون تلك المرتبات بالعملة الصعبة، إلى الحد الأدني وتحويل الوفور من هذه الإجراءات لتعزيز قدرات البنك المركزي وموازنة الدولة لتغطية المتطلبات الضرورية لحياة المواطنين.
ج. إجبار جميع الموظفين والمسؤولين المقيمين في الخارج على العودة إلى البلد والتكيف مع حياة المواطنين الذين هم الأبطال الحقيقيين في مواجهة الكارثة التي تلوح معالمها في الأفق.