المجمع العلمي المصري يعود إلى الحياة بعد تجاوز أزمة الحريق
شبوة برس - متابعات - عطية نبيل - القاهرة
أعيد ترميم مبني المجمع العلمي المصري التاريخي الذي أصيب بأضرار بالغة بسبب الحريق الذي أتى عليه خلال ما يعرف في مصر بأحداث مجلس الوزراء في 17 من ديسمبر/كانون الأول الماضي.
واستغرقت عملية الترميم ثلاثة أشهر فقط وساهمت فيها بفاعلية الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة المصرية.
واعادت عملية الترميم الشكل العام والطابع المعماري المميز لمبنى المجمع العلمي الذي يقع على تخوم ميدان التحرير. لكنها لم تستطع إستعادة ما دمره الحريق من مخطوطات نادرة وكتب تراثية ترجع لأكثر من مائتي عام. وغالبية هذه المحطوطات يتناول فترة الحملة الفرنسية على مصر آواخر القرن السابع عشر.
"ضمير مصر"
وخلال مراسم اعادة افتتاج المجمع، قال رئيسه الدكتور إبراهيم بدران إن "هذا المكان يمثل ضمير وتراث الأمة المصرية ويخلد حقبا مميزة من تاريخها الحديث".
وكان المجمع قد أنشئ بقرار من قائد الحملة الفرنسية على مصر نابيلون بونابرت في العام 1798 ليكون مقرا للبعثات العلمية المصاحبة للحملة التي واصلت العمل حتى بعد رحيل الحملة لإنجاز درة مقتنيات هذا المجمع.
ويعد كتاب وصف مصر، الذي وثق به علماء الحملة الفرنسية أوجه الحياة في مصر في هذه الفترة وما تحويه من ثروات طبيعية وعادات وتقاليد، من أهم مقتنيات المجمع.
ويتميز هذا الكتاب بوجود الكثير من الخرائط و الرسوم والمخطوطات التي تؤوخ لهذه الحقبة التاريخية . غير أن حريق المجمع التي تواكب مع أحداث الاحتجاج على حكومة رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري تسبب في احتراق هذا الكتاب النادر ، وهو ما وصفه دكتور بدران بالفاجعة التي أدمت قلب وعقل هذا الوطن .
وقال الدكتور عبد الرحمن الشرنوبي، أمين عام المجمع العلمي المصري ، إنه تم التغلب على أزمة فقدان كتاب وصف مصر التاريخي من خلال توفير نسخ ورقية من الكتاب في مشروع ضخم تم بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية والمركز الثقافي الفرنسي ودار الكتب والوثائق القومية.
وأضاف أن أي باحث يستطيع أن يطلع على المخطوطات والرسوم النادرة التي يحتويها هذا الكتاب من خلال الدخول على الصفحة الإلكترونية للمجمع أو لمكتبة الإسكندرية خلال ثوان.
"لا تهاون ولا تفريط"
وأبدى رئيس الوزراء الأسبق عصام شرف "حزنه العميق بسبب فقدان روح المكان التي كانت تشع من خلال رائحة الكتب و المجلدات والمخطوطات القديمة".
وطالب شرف بـ"ضرورة عدم التهاون مع من تسببوا في كارثة حريق المجمع العلمي باعتباره حق للمجتمع لا يمكن التفريط فيه" . وقال إن الصرامة مع هؤلاء يضمن "عدم تكرار هذه المأساة في المستقبل".
ومازال حريق المجمع العلمي خلال أحداث مجلس الوزراء لغزا يحير السلطات المصرية التي أحالت القضية برمتها إلى القضاء، الذي يواصل نظر القضية المتهم فيها بعض نشطاء القوى الثورية مثل أحمد حرارة والممثل طارق النهري وآخرون.
لكن المحكمة قررت الإفراج عن جميع المتهمين في القضية ومن بينهم بعض الأحداث من الأطفال الصغار بضمان محل اقامتهم وهو ما يشير إلى عدم وجود أدلة قوية على إدانتهم في القضية التي هزت الرأي العام المصري على لشهور.
وساهمت منظمات وهيئات دولية في دعم دار الوثائق القومية بالمساعدات التقنية في عمليات ترميم المجمع العلمي، الذي يصل عدد الكتب التي يحويها حاليا 25 ألف كتاب ومجلد بلغات مختلفة.
وقال الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة لبي بي سي إن هناك خطط طموحة لتطوير المجمع العلمي من خلال إقامة امتداد له بمدينة السادس من أكتوبر، حيث يتم التوسع في إقامة صالات العرض للكتب و المخطوطات النادرة فضلا عن توفير مساحات كبر للمخازن وأمكان الإحتفاظ بالكتب والمجلدات والوثائق النادرة التي تذخر بها الهيئات العلمية والثقافية المختلفة.
كما أشار الوزير إلى "وجود خطة لتدريب بعض العاملين في المجمع على نظم الفهرسة الحديثة لإتاحة الكتب والمؤلفات المختلفة بسهولة للباحثين والعلماء والمترددين على المجمع العلمي من شتى دول العالم."
مقتنيات الأمير
والمجمع العلمي المصري من أعرق المؤسسات العلمية في العالم حيث مر على إنشائه أكثر من مائتي عام ، وكانت مكتبته تضم أكثر من مائتي ألف كتاب ، أبرزها أطلس عن فنون الهند القديمة، وأطلس باسم مصر الدنيا والعليا، وأطلس ألماني عن مصر وأثيوبيا يعود للعام 1842.
ويضم المجمع أيضا أطلس ليسوس، الذي يوصف بأنه ليس له نظير في العالم وكان من مقتنيات الأمير محمد علي الصغير ولي العهد الأسبق.
ومن أهم المقتنيات التى استُحدثت؛ مكتبة العالم السوري دكتور هيثم الخياط ، وهو عضو بمجمع اللغة العربية بالقاهرة ودمشق والتى أهداها للمجمع. ويتجاوز عدد كتبها خمسة آلاف كتاب.
وأهدت أسرة الدكتور محمود حافظ الرئيس السابق للمجمع مكتبته الخاصة للمجمع. وأهدى بعض أساتذة الجامعات مجموعات من الكتب للمجمع، الذي تلقى أيضا بعض مطبوعات المعهد الفرنسى للآثار الشرقية.
المصدر : بي بي سي