منذ نحو عقد كان المنتصرون في غزو الجنوب واجتياحه في العام ١٩٩٤م يعتبرون يوم ٧ يوليو يوماً وطنياً يستعرضون فيه مظاهر القوة ويلعنون فيه شعب الجنوب (المهزوم)، ويصبغون صفات الوطنية والشجاعة والإخلاص على البغاة والناهبين ولصوص الأرض والثروات والأموال العامة والخاصة.
في العام٢٠٠٧م وقبيل انطلاق الثورة الجنوبية السلمية كان كاتب هذه السطور قد كتب مقالة يناشد فيها بإجراء مصالحة حقيقية مع الجنوب والجنوبيين، وكخطوة عملية في هذا السبيل طالبت بإلغاء مظاهر الاحتفال بتاريخ ٧/٧ كعربون للثقة بين الشعبين في الشمال والجنوب، وقد نلت مقابل هذا سيلاً من الشتائم والاتهامات والمقذوفات اللفظية التي لا يتسع المجال لاستعراضها هنا.
وبعد اندلاع ثورة الحراك السلمي الجنوبية، تبدلت أمور وتغيرت معطيات، وجاءت الثورة الشبابية السلمية في الشمال لتحدث عاصفة عنيفة في بنيان دولة ٧/٧، وجرى ما جرى من اضطرابات ومواجهات وصفقات وأعمال كواليسية ليس هذا مجال تناولها.
لقد اندحر حدث ٧/٧ من واجهة الأحداث، وتوارى الاهتمام به وحلت محله أولويات اخرى، لكن جماعة ٧/٧ لم تتغير من الواجهة، كما لم تتغير نواياها وأطماعها واستعراضاتها البهلوانية المكشوفة ، بل إنها ما تزال هي المتحكمة في كل ما تنتجه الشرعية من مواقف وقرارات وإجراءات سياسية، وخصوصا كل ما يتعلق بالجنوب، الضحية الكبرى لهذا التاريخ المشؤوم.
لم يقرأ أساطين ٧/٧ قوانين التاريخ وجدلياته التي تقتضي حتمية زوال الباطل ولو بعد حين وديمومة الحق إلى أبد الآبدين.
اعتبر هؤلاء أن ذلك اليوم من العام ١٩٩٤م نهايةً للتاريخ، واعتبروا انتصارهم (الخطيئة التاريخية الكبرى) أبدياً غير قابل للانكسار أو التعديل ، لكن التاريخ يتحرك بمنطقه وسننه وقوانينه، ولا يضع اعتبارا لمكابرات المكابرين واطماع الطامعين.
يصر أساطين ٧/٧ على السير في طريق الغي
والعمه الذي اختاروه منذ ٣ عقود، ولا يأبهون للدروس والرسائل التي تلقوها من فاطر السموات والأرض، الذي ما يزال البعض منهم يعتبر نفسه الوكيل الحصري له "جل في علاه".
لقد اختلفوا فيما بينهم وتصارعوا على تقاسم الغنيمة، غاب من غاب ومات من مات، وتلك سنة الله في مخلوقاته، وقُتِلَ من قُتل، وهرب من هرب، وتلك حقائق لا علاقة لها بالشماتة ولا بالتشفي، لكنهم لم يتعلموا الدرس ولم يعوه، ولا يريدون الاعتراف بأن ٧/٧ قد انطوى من سجل التاريخ مثل جميع الأيام السوداء في تاريخ الشعوب الحية.
فهل سيتعظون ومتى؟؟!!