انتشرت على نطاق واسع ظاهرة السطو والبسط على الأراضي والعقارات المملوكة لهيئات ومؤسسات وأفراد والموثقة رسميا لدى الجهات الحكومية المعنية ، ومن المؤسف أن الباسطين يمارسون ما يفعلونه من أعمالٍ مشينة، بادعاء أنهم من المقاومة أو من أنصار المجلس الانتقالي، ولا يتورع البعض عن رفع العلم الجنوبي وارتداء البزة العسكرية أو الأمنية الجنوبية بل ويستخدم البعض المركبات المحسوبة على قوات المقاومة وأجهزة الأمن والقوات الجنوبية.
خلال الفترة منذ نهاية العام 2015 حتى بداية العام 2017م انتشرت ظاهرة نقاط التقطع وفرض الإتاوات والجبايات، وكان البعض يدعي انتسابه إلى قوات المقاومة الجنوبية، وكنت قد أدنت هذه الظاهرة عبر مقالة تداولتها العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية الجنوبية، وقلنا أن هذه الممارسات ليست من أخلاق الثوار ولا من قيم المقاومين الشرفاء، ولم تلبث تلك الظواهر إن اختفت بعد تعيين الأخ اللواء عيدروس الزبيدي محافظا لمحافظة عدن واللواء شلال علي شائع مديرا لأمنها.
من المؤسف أن هذه الظاهرة (الظواهر) تجددت اليوم وبمستوى مهين ومخجل لكل من يؤمن بقيم المدنية وشعارات العمل من أجل بناء دولة النظام والقانون والدستور، وكما قال أحد الزملاء أن الجنوب لم يهزم بالجحافل العسكرية ولا بالعمليات الإرهابية، لكنه يمكن أن يهزم على أيدي هؤلاء المحسوبين ظلما على الجنوب ومقاومته الأبية وقواته الأمنية والعسكرية المحترمة ومجلسه الانتقالي الرائد.
أعلم أن هؤلاء البلاطجة والمستهترين لا علاقة لهم لا بالثورة ولا بالمقاومة الجنوبيتين، حتى وإن كانوا من آباء الشهداء وذويهم أو تلفعوا بالعلم الجنوبي، لكن هذا لا يعفي القائمين على أمر العاصمة عدن وبقية المدن من التصدي لهذا السلوك واستئصاله من جذوره ومعاقبة أصحابه بصرامة، لأن ما يفعله هؤلاء لا يقل خطرا عما يفعله الإرهابيون والمعتدون والجواسيس والغزاة.
ولا أتمنى أن أسمع من يقول بأن هذا البلطجي محمي من القائد فلان أو مقرب من المسؤول علان، لأن الدفاع عن العتاة والمستهترين وحمايتهم والتستر عليهم هو مشاركة لهم في سلوكهم المشين وأعمالهم المخجلة.
بعض الأصدقاء قال لي أن معظم الأراضي والمنشآت المستولى عليها هي لمستثمرين شماليين كانوا من أنصار نظام 7/7، وإنهم استولوا عليها عن طريق النهب. . . هذا القول هو عذرٌ أقبح من الذنب نفسه، لأن ما أُخِذ عن طريق النهب (على افتراض صحة هذه الحجة) لا يمكن أن يستعاد عن طريق النهب بل من خلال النظام والقانون وعبر المؤسسات الرسمية المعترف بها، وما أخذ من أصحابه يجب أن يعاد إليهم وليس إلى ناهبين جنوبيين بدلاء لناهبي 7/7، مع العلم أن عشرات المتضررين من هذا السلوك هم مواطنون بسطاء، لا علاقة لهم لا بالنهب والاستيلاء ولا بنافذي 7/7.
وبما إننا نتحدث عن دولة النظام والقانون، فإن جهاز الدولة هو من يفترض أن يتولى هذه المهمة ويحسم في جميع ملابساتها وتعقيداتها، كما إن هذا السلوك هو نقيض مباشر لمفاهيم النظام والقانون، والحياة المدنية ودولة المؤسسات.
والتحية والسلام على الجميع
عيدروس نصر ناصر