كالزلزال تلقيت خبر وفاة الأخ والزميل والصديق والرفيق أمين صالح محمد الشخصية الوطنية والاجتماعية وعضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، بعد معاناة مع الفيروس البغيض الذي لم يشبع نهمه من الأرواح والأنفس البريئة التي التهمها على مدى أكثر من عام ونصف منذ بدء الجائحة.
لمن لا يعرفون أميناً، تمكنني الإشارة إلى أنه واحد من الأصوات الوطنية الجنوبية الناضجة والمتعقلة والنيرة والمتزنة والصادقة، ممن بدأت مبكرا برفض سياسات الإقصاء والاستبعاد الناتجة عن نهج الاجتياح والاستباحة التي اتبعها نظام 7/7 مع الجنوب والجنوبيين منذ ذلك التاريخ البغيض في العام 1994م.
كان أمين صوتاً صادحا بالحق منتصرا للقضايا العادلة وعلى رأسها القضية الجنوبية، مثله مثل المئات ممن تصدروا المشهد في ذلك الزمن المكتظ بالقبح والدمامة، ومنذ وقتٍ مبكرٍ تصدى أمين مع ثلةٍ من رفاقه الأحرار من مختلف مناطق الجنوب لسياسات الإقصاء والتهميش والقمع التنكيل والنهب والسلب التي تعرض لها الجنوب منذ نكسة 7/7 البغيضة.
ومضى أمين بوفاء وصدق مخلصاً للقضية الجنوبية، وكان أحد المؤسسين لمداميك التصالح والتسامح الجنوبي وأحد منظريه، كما كان له الحضور الفاعل في معظم الفعاليات الاحتجاجية السلمية في إطار الثورة الجنوبية السلمية منذ انطلاقها في العام 2007م.
تعرفت على الفقيد أمين من خلال عضويتنا في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني منذ العام ٢٠٠٠م وكان من الأصوات الوطنية البارزة في المواقف الوطنية تجاه قضية الجنوب، وتشاركنا المساهمة في العشرات من فعاليات الثورة الجنوبية السلمية في الحبيلين والضالع وعدن ويافع وأبين وغيرها ، وكان أمين الزاهد في التسابق على المنصات، يمثل العقل المفكر في محاولة صناعة الخطاب السياسي الجنوبي العقلاني والرشيد، بعيدا عن التنطط والتنطع والصراخ الأجوف.
كان لأمين من اسمه نصيبٌ فهو الكادر الوطني الكفؤ الذي وفى بأمانة وإخلاص لقضية الوطن الجنوبي ولم يدر بخلده قط أن يستثمر في هذه القضية أو غيرها لتحقيق أية مصالح ذاتية أو فئوية أو جهوية.
وحينما كان أمين يختلف مع أحد كان شريفا في ممارسة فن الاختلاف، فلم يمارس الفجور في الخصومة أو الاختلاف ولم يسعَ لإخراس أصوات مخالفيه، بل ظل يحتفظ بوشائج الود والاحترام مع جميع موافقيه ومخالفيه، كما لم يتسلل القنوط أو التردد أو التهاون إلى قلبه قط تجاه القضية الجنوبية كقضية مصيرية، ولم يمارس المناطقية أو الجهوية في حياته السياسية، بل ظل يتعامل مع الجنوب كوحدة وطنية متكاملة أرضا وإنسانا وتاريخا وهويةً ومستقبلاً.
بهذا المصاب الجلل أتقدم بصادق العزاء والمواساة لأسرة فقيدنا الغالي أمين صالح محمد، وللأخ اللواء عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبين والزملاء في قيادة المجلس وقواعده وهي كذلك لكل أهل الفقيد وذويه ورفاقه ومحبيه
لروحك الخلود والرحمة في ملكوت أرحم الراحمين أيها الأمين الجميل.
أسأل الله العلي القدير أن يتغمدك بواسع رحمته وأن يسكنك فسيح جناته وأن يخلد ذكراك في ذاكرة الأجيال لتتعلم من مبادئك وقيمك معاني الوطنية ومفردات الأمانة والوفاء والصدق والإخلاص.
وإنا لله وإنا ليه راجعون