كشفت مسيرات الأسبوع الماضي الاحتجاجية في عدن وابين وحضرموت ومحافظات جنوبية اخرى، عن حالة مرضية مستفحلة في الخطاب السياسي والإعلامي لبعض النخب والشخصيات السياسية والمراكز الإعلامية اليمنية.
أهم ما تمظهر في هذا الخطاب من العدوى المرضية هو إدانة الضحية وتبرئة الجلاد أو التغاضي عن أفعاله المشينة والمهينة له قبل غيره.
تركزت الإدانات على ثلاث نقاط:
١. الأولى ما اسماه هؤلاء بــ"اقتحام قصر المعاشيق" وقال البعض أن هذه اعمال فوضوية ولا تعبر عن أي روح حضاريية أو مدنية، وأضاف البعض أنها تنفيذ لـ"مخطط انتقالي-إماراتي".
٢. والثانية القول بأن التظاهرات تستهدف إعاقة ما أسموه بـ"انتصارات الجيش الوطني في مأرب وتعز وحجة" وطبعا لم يقل احد، والضالع، فهذه لا تعنيهم ولا تدخل انتصاراتها في حساباتهم.
٣. الادعاء بأن الفعاليات الاحتجاجية تمثل تخادماً مع الانقلابيين الحوثيين.
يمكن تلخيص الأعراض المرضية لهذا الخطاب في المظاهر التالية:
أ. التعرض للنتيجة وإهمال السبب والتعامي عنه، رغم أنه واضح كالشمس في ظهر نهار صيفي.
ب. البحث عن متآمر خارج المشكلة ولا علاقة له بها، بل ربما هو مساهم في التخفيف من آثار المشكلة وامتصاص تداعياتها.
ج. تبرير الجريمة بأدوات هي من تسببت بالجريمة تفسها.
ولتجنب الإطالة في الحديث نشير إلى الحقائق الناصعة التي تجاهلها كل من حاول إدانة الضحايا والدفاع عن الجناة وسياساتهم الخرقاء من خلال التجاهل أو التبرير.
من المؤسف أن جميع هؤلاء المتحاذقين ما يزالون يعيشون خطاب ولغة وقاموس ما بعد ٧/٧ / ١٩٩٤م ويعتقدون انه هناك من المغفلين الجاهزين لتصديقهم في حين أصبح طفل الابتدائية اكثر فطنة وذكاءً من أولائك الذبن أكل الزهايمر عقولهم، وتوقفت بهم عجلة المعرفة عند زمن الجريدة الواحدة والتلفيزيون الواحد والمحطة الإذاعية الواحدة
وأخيرا لقد تعلم الجنوبيون من ضحايا السياسات الجائرة الممتدة منذ ربع قرنٍ ونيف أنه عندما (يتهنجم) المفلسون ويتطاول الخائبون، فليس هذا سوى علامة من علامات الإفلاس والفشل والخوف من استمرار التمسك بالحق، ولذلك فإن حق الضحايا في التصعيد لبلوغ مطالبهم، وتحقيق أهداف احتجاجاتهم سيستمر وكل ما ندعو إليه هو أن يتنبه إخواننا المحتجين، لمحاولات زرع العابثين والمخربين، والمسيئين بين صفوفهم ممن تكلفهم مراكز القوى بتخريب فعالياتهم السلمية وتشويه مقاصدها المشروعة والعادلة
ولله عاقبة الأمور