الهجوم الذي استهدف الحكومة ظهيرة الأربعاء بمطار عدن الدولي ليس الأول الذي يطال حكومة مسماة بالشرعية مدعومة خليجيا منذ بداية هذه الحرب، فما زال الهجوم المروع الذي تعرضت له حكومة المهندس خالد بحاح في نهاية عام 2015م في مقر‘إقامتها بفندق القصر غرب عدن، بواسطة جماعات مُـسلّـحة تسلّـحتْ بأسلحة وعربات قتالية تلقتها من التحالف منذ بداية الحرب وحاربت بخندقه قبل أن يدبُّ الخلاف بينهما في مرحلة لاحقة.وعلى إثر ذلك الهجوم( فندق القصر) تشتت تلك الحكومة وبدأت تغريبتها قبل أن يتم إقالتها لاحقا بعد استعار الخلافات داخل أجنحتها ومع المؤسسة الرئاسية. وبرغم حجم الهجوم ووحشيته إلّا أنه تم دفن تفاصيله ومسخ وإفشال كل جهود للتحقيقات الأمنية لئلا يتم كشف هوية الجناة ومن يقف خلفه وينكشف المستور، لدراية جهات داخل السلطة وداخل التحالف أن الجُــناة من البيت وداخل .وطويت على أثرها الحادثة وقُــيدت ضد مجهول معلوم.
-هجوم المطار لا يمكن الجزم بالجهة التي تقف خلفه، بعد أن تعقدت الأوضاع السياسية والعسكرية أكثر مما كانت عليه بداية الحرب وبعد أن تبدلت مواقف وتغيرت ولاءات كثيرة منذ هجوم فندق القصر حتى اليوم سواء داخل الشرعية أو داخل سلطة صنعاء التي انفرط عقد تحالف الحوثيين والمؤتمر، أو حتى داخل التحالف الذي اصبح اليوم يتمثل فقط بالسعودية وبالإمارات بشكل أقل. فحكومة معين عبدالملك المثيرة للجدل والتي تشكلت بشق الأنفس في خضم صراعات سياسية وعسكرية غاية بالتعقيد،و لها أعداء كُــثر تمونوا ألّا تُــشكل كونها قد تجاهلتهم أو أنها ستؤسس لواقع جديد سيزيحهم من المشهد مستقبلا ، فضلا عن وجود أعداء ظاهرين لها ، ونعني هنا الحركة الحوثية وحلفائها بالشمال، وبالتالي فالتسرع بإطلاق التصريحات المتسرعة التي سمعناها من مسئولين بالحكومة والتحالف بعد دقائق قليلة من العملية وحصرت المسئولية عن جريمة المطار بجهة واحدة فقط لدوافع وحسابات وخصومات سياسية واستبعاد الأطراف الأخرى يعد تصرفاً غريبا وغير مسئولا أبدا، ويثير الحيرة بل والشك. فالافتراضات بضلوع كل الجهات يجب أن تظل مشرّعة بوجه الكل، وحدوث المفاجآت وارد جدا في حال تمت عملية تحقيق شاملة نزيهة بواسطة لجنة محايدة تشترك فيها كل الجهات المعنية دون استئثار طرف عليها أو تجييرها لمصلحة سياسية أو حزبية أو جهوية أو تكون عليها سطوة وهيمنة من التحالف. لجنة تتمتع بصلاحيات واسعة للتحقيق مع الكل دون عوائق،او عراقيل الحصانات مزعومة. لجنة تحقيق تسبر أغوار هذه العملية الإرهابية وتفضح الجهة الحقيقة التي تقف خلفها، ليس فقط لينال الجُناة ومن يقف خلفهم جزاءهم وتعريتهم على رؤوس الأشهاد بل للاقتصاص للضحايا وذويهم ولردع كل من يفكر بهكذا دموية في قادم الأيام، فقد بلغَـتْ القلوبِ الحناجر.
- فهذه العملية وقبلها عمليتَــيّ: فندق القصر ومعسكر سبأ في البريقا عدن في شهر أغسطس 2019م والتي راح ضحيتها القائد أبو اليمامة والعشرات من الجنود والضباط وكانت عملية مشابهة تقريبا لعملية المطار وغيرهما من العمليات الإرهابية، لم يكن لها أي عملية المطار أن تحدث أن كان تم بالفعل كشف الجهات الحقيقة التي نفذت العمليات الإرهابية آنفة الذكر وفضحت مموليها، وتم تصحيح الأخطاء الأمنية المستهترة وحالة الفوضى واللامبالاة وأساليب المظهرة والبهرجة الزائفة ال التي شاهدنها.. لكن عوضا عن ذلك نرى الأمور جرت وتجري على ذلك النحو البائس من التجاهل المتعمد، وبقيت تلك الأساليب الفوضوية والمستهترة التي لا تأبه للنتائج ولا تستفيد من التجارب الماضية بمأساويتها هي السمة المهيمنة على هكذا أوضاع فقد تكررت اليوم نفس المأساة وسُفكت مزيدا من الدماء وأزهقت أراوح أخرى، وسمعنا ذات المبررات، وصُدرت نفس بيانات التنديد والشجب والتهديد والوعيد الكاذب.
*- صلاح السقلدي
.