المهمة التي أوكلت لفرع تنظيم «الإخوان» في اليمن، بحسب ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» عن محاضر اجتماعات رعتها تركيا بين قيادات التنظيم العالمي والحرس الثوري الإيراني بعد سقوط حكم «الإخوان» في مصر عام 2013، أن يكون اليمن مصدر استنزاف وتهديد للسعودية، هذه الاستراتيجية ما زالت بالفعل مستمرة وأن كان لدى «إخوان اليمن» مخاوف من أن تتغير الموازين السياسية لغير مصلحتهم، خاصة أن تنفيذ اتفاق الرياض سيقلص من نفوذهم وقد يضرب أهداف التنظيم الدولي في جنوب الجزيرة العربية بخسارة باب المندب وسواحل بحر العرب.
لم ينتظر «إخوان اليمن» دخول جو بايدن إلى البيت الأبيض، فسارعوا إلى إجراء اختبار سريع حول ما إذا كان بايدن سيصبح أوباما آخر أو أنه لن يكون كذلك.
وتفجير الأوضاع العسكرية ومحاولة اقتحام عدن جاء في سياق بالون اختبار للولايات المتحدة والإقليم العربي إن كان مستعداً لموجة ساخنة من رياح الفوضى على غرار عهد أوباما في 2011. بالون الاختبار شمل أدوات التنظيم الإعلامية، التي عاودت إسناد «إخوان اليمن» بافتعال أزمات لخلق واقع يختبر القوى الدولية والاقليمية والمحلية.
ولطبيعة اليمنيين المستعجلة، كان التحرك سريعاً بانتظار إشارة أميركية مؤيدة لعلها تعيد لهم فرصة استكمال سيطرتهم السياسية على اليمن، الخطوة كانت مجرد اختبار واضح كان فرع التنظيم الدولي في اليمن أحوج إليه مع خشيتهم من أن «اتفاق الرياض» سيقلص من نفوذهم السياسي، وقد يُمهد لهزيمتهم في اليمن، ومع انتظار الإشارة الأميركية جاءت المفاجأة بصدور بيان «هيئة كبار العلماء» في السعودية يُجرم جماعة «الإخوان»، ويؤكد أن ما اتخذته المؤسسة الأمنية السعودية قبل سنوات له شرعية دينية.
بحسب الأعراف السياسية اليمنية، تظل فكرة التشويش وإثارة الفوضى واحدة من نمطيات النهج اليمني عموماً، فجاءت حملة إعلامية موجهه ضد علماء المملكة و«هيئة كبار العلماء» بلغت في استهدافها الإساءة لفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز يرحمه الله، وهدف هذه الحملة التضليل والتشويش على ما يحدث عسكرياً في جنوب اليمن، الذي وصل إلى عودة العمليات الانتحارية في محافظة شبوة ، لكنها مؤشر على أن هناك خللاً أمنياً ودفعاً للقوى والتنظيمات الإرهابية للعودة لنشاطاتها في مناطق كانت قد خسرتها من سنوات.
«حزب الإصلاح» كذراع سياسي للتنظيم الدولي للإخوان، أجرى عملياً الاختبار الأول لإدارة البيت الأبيض الجديدة، ويدرك الحزب أن النتائج مرتبطة بملفات أوسع في الشرق الأوسط وبحلفائه الإيرانيين والأتراك وقواهم المنتشرة في المنطقة، ويدرك الحزب أيضاً أن عليه مواصلة التموضع حتى تكتمل نتائج الاختبار الأول، وتتحول التكهنات إلى سياسات واستراتيجيات سيتخذها البيت الأبيض خلال السنوات الأربع المقبلة مع حقيقة أن هناك تغييراً الزامياً سيكون في التوازنات الداخلية اليمنية، سيخلق واقعاً مختلفاً تماماً عن الصراع الممتد منذ سبتمبر 2014، الضغوط وحدها في الداخل اليمني لن تؤدي لانفراج ما بمقدار ما ستؤدي لتحديد واضح لرغبة القوى الإقليمية في أن تواصل استراتيجية عض الأصابع في واقع يمني بات ينتظر انفجارات واسعة.
يريد حزب «الاصلاح» تمرير مصطلح (جناح قطر أو جناح تركيا) في إشارة لأذرع الحزب ذات اللغة المتشددة حيال المواقف السعودية، هذا المصطلح هو للاستهلاك الإعلامي، وعلى ذلك فإن قيادات «إخوان اليمن» تشعر بأنها في مأمن من المساءلة مع قدرتها على أن تحافظ على مكتسباتها السياسية والعسكرية، وتعويض خسارتها الفادحة في هزيمة قواتها الضخمة في معارك المحافظات الجنوبية عام 2018.