الكلمة الشريفة تكسر الأقلام المأجورة !!

2020-09-19 07:53

 

ما دين المرء سوى كلمة.. ما شرف الرجل سوى كلمة... ما الشرف سوى كلمة...أتعرف ما معنى الكلمة؟.

مفتاح الجنة في كلمة... دخول النار على كلمة.. وقضاء الله هو كلمة... الكلمة نور.. وبعض الكلمات قبور.. وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشرى..الكلمة فرقان بين نبي وبغى.. بالكلمة تنكشف الغمة.. الكلمة نور..ودليل تتبعه الأمة.. عيسى ما كان سوى كلمة. أضاء الدنيا بالكلمات وعلمها للصيادين فساروا يهدون العالم.. الكلمة زلزلت الظالم.. الكلمة حصن الحرية.. إن الكلمة مسئولية.. إن الرجل هو كلمة.. ، يقولُ ابن خلدون في وصف قيمة الكتابة:

“الكتابة صناعة شريفة؛ إذ الكتابة من خواص الإنسان التي تميَّز بها عن الحيوان” فالكتابة شرفٌ ثمنه غالٍ لأنها أداة التعبير والتغيير .

وهي فعل صادر عن إنسان واعٍ يمتلكُ من المهارات والقدرات ما لا يمتلكه غيره لأنّها عُصارة فكر وقراءات وتجارب وخبرات.

وقد كُنت أظنُّ لوقتٍ قريب جدًّا أنَّ من يمتلك قلماً فهو يمتلك فكراً عظيماً حرًّا ؛ ذلك لأنَّ الكتابة قبل كل شيء هي إيمان بما نكتب وليست رصًّا للكلمات المزخرفة والمعاني بقدر ما هي غوص واندماج وذوبان في عالم الكاتب ومكنوناته ..

يقول جارسيا ماركيز عن الكتابة: “أكتبُ ليحبني أصدقائي” ويقول لورانس داريل: “أكتب لكي أحقق ذاتي” ومهما اختلفت دواعي الكتابة لدينا، تظل في النهاية أداة تعجب واستفهام مما نراه اليوم من استغلال للمنابر والقنوات الإعلامية والثقافية لتكون ساحات لبعض أصحاب الأقلام بتصفية الحسابات، وشنّ الحروب الإعلامية لكل من يُمثل خطراً على هالاتهم وأضوائهم، إما نشراً أو ترويجياً، وما أرمي له هنا هو بعض الأقلام المأجورة التي تقتات من كتاباتها مدفوعة من غيرها ممَّن هو محسوب على الكُتَّاب والمثقفين، وممن باعوا مهنة الكتابة والقلم حتى يكونوا أداة مُستغلة لغيرهم، وهم من يخافون على بريقهم أمام بريق غيرهم!! .

ولأنني أؤمن بما أكتب، أؤمن بالكتابة وشرف القلم، وأنها مهنة إنسانية قادرة على تحويل مسار التاريخ بإبراز حقائقه وثبات جوانبه المشرقة والمضيئة إذا ما توافرت فيها معاني الصدق والموضوعية والحيادية فالممارسات غير الأخلاقية التي يُحاول من خلالها بعض المقتاتين على أقلامهم إسقاط ذواتهم وذوات غيرهم الفارغة!! .

فالنقد يقومُ مقام التشخيص الطبي لغرض العلاج والشفاء ، أما النقد في مافيا الأقلام المأجورة والمريضة، فهو بثُّ الفوضى وتشويه الحقائق وتزييفها بغرض الشهرة أو الكيد للآخر!!

فهناك من يبحث عن الضوء، وهناك من يبحث عن حفنة من المال، وأصبحت الكتابة بين هذا وذاك مهنة مبتذلة رخيصة ضاعت معها الحقائق وضاعت معها الأمانة وتاه فيها الصدق ولكن اليوم في عالم وشللية المثقفين والكتاب الذي بات عالماً للعلاقات المدفوعة، فالنجوم لا تلمع إلّا في الظلام. فالمثقف الذي يعتبر نبراسا تهتدي به الشعوب والأمم أصبح غير بريئا ومشكوكا في نواياه؛ فكيف سيثق المجتمع بعد ذلك بقلمه، ونحن نراه على ما هو عليه من انغماس في بُحور الزيف والتقنع والتدليس عندما تكون الكتابة والثقافة في إطاره بضاعة رخيصة تُشترى وتُباع في سوق النخاسة بأثمان بخسة على قارعة الطريق لمن يدفع أكثر !!

د. علوي عمر بن فريد