يتفق معظم المتابعين للوضع العسكري في محافظة مأرب على خطورة الحالة واختلال ميزان القوى وبروز مؤشرات على احتمال سقوط مأرب المدينة وما تبقى من مديريات المحافظة بيد الجماعة العسكرية الحوثية، وقد قال العميد مفرح بحيبح قائد المنطقة العسكرية الثالثة أن الحوثيين يعتمدون استراتيجية إغراق المنطقة بالأفواج البشرية التي تؤدي إلى إنهاك المقاومين من القوات (الشرعية) ولا يأبهون لسقوط المئات أو حتى الآلاف من جنودهم في سبيل إسقاط المدينة ومن ثم كل المحافظة.
وبعيداً عن التمنيات والمخاوف يمكن الإشارة إلى عدد من الافتراضات المطروحة إزاء المعارك الدائرة في مأرب، ويتركز ما يقوله المحللون والباحثون السياسيون والعسكريون فيما يلي:
وما ينطبق على ما يسمونه المثلث الغربي (أبين، عدن، لحج، الضالع) ينطبق على المحافظات الشرقية (شبوة حضرموت ، المهرة) التي ليس فيها أية حاضنة شعبية لا للحوثيين ولا للإخوان المسلمين، إذا ما استثنينا عشرات الأسماء التي ينصبها تجمع الإصلاح ويلمعها ويمنحها المناصب والألقاب ليظهرها وكأنها هي الجنوب ولا جنوب سواها.
هذا المعطى الذي لا يرغب الكثيرون في التحدث عنه يقول أن سقوط مأرب سيعني سقوط الشرعية، كسلطة وكمنظومة وكأحزاب وكمؤسسات عسكرية وأمنية وحتى تنفيذية، لأن التعامل مع الحوثي وأنصاره في الجنوب لن يكون كالتعامل معه في الشمال والشرعية التي تسلم مدنها ومعسكراتها ومواقعها لعدوها ثم تأتي لتتوسع حيث لم تقدم حقنة دواء ولا علبة حليب أو قرص رغيف لمحتاج، لن تجد ما تتبجح به لدى المواطنين الذين دافعوا عنها وحرروا لها الأرض ومنحوها إياها ثم تتأهب لتسليمها للحوثيين مثلما سلمت مناطق الجوف مأرب.
وحتى تلك التسريبات التي تقول أن الألوية الزئبقية التي حتى اليوم لم تطلق رصاصة واحد لا ضد الحوثي ولا ضد القاعدة قد تنظم إلى القوات الحوثية في حالة الهجوم على الجنوب، لا يعلم أصحابها أن بقاءها في الجنوب هو بسبب عدم تسجيل أي حضور لها، وأن مجرد دخولها في مواجهة مع المواطنين الجنوبيين قواتهم المسلحة، سيعني نهايتها ونهاية الحوثي في الجنوب معاً، وحينئذٍ ماذا سيبقى للشرعية غير مجموعة موظفين وهميين منتشرين في مدن اسطنبول وأنقرة والرياض وجدة والدوحة وعمان والقاهرة وغيرها.
حتى اللحظة لم نتحدث عن التمنيات والعواطف، وهنا أجزم أنه لا يوجد مواطن أو ناشط سياسي يمني شريف من الجنوب أو من الشمال يتمنى أن تسقط مأرب بيد الحوثيين، لأن مأرب هي نقطة ضعفهم وهي مع بعض مناطق قليلة في تعز والساحل الغربي تمثل ما تبقى من رموز التصدي للحوثيين ومشروعهم المقيت، وهي يمكن أن تشكل نقطة إعادة انطلاق باتجاه استعادة صنعاء لكن ذلك لن يتم على أيدي القيادات التي استنفدت كل معنوياتها وسمعتها وما روجت لنفسها من دعايات عن قدراتها الخارقة وما تملكه من سحر في قلب موازين القوى بعد أن قلبت تلك الموازين ضد التحالف وض
د الشرعية وسلمت آلاف الكيلومترات المربعة للحوثيين دونما أدنى مقاومة.
وأخيرا:
مأرب لن تسقط لكن ليس بفضل قوة الجيش (الوطني) الذي خسر كل معركة دخل فيها منذ حيدان ومران وعمران ومناطق همدان، حتى نهم والحزم وجبال هيلان والعبدية، ولا حتى بقرار دولي أو ستكهولم ثانية أو ثالثة، بل بفعل المقاومة الشرسة لأبنائها الأبطال الذين هزموا الحوثي أول مرة في العام 2015م قبل تكوين لا جيش وطني ولا مليشيات حزبية ولا حتى قيام عاصفة الحزم، وسيسقطون المشروع الحوثي مثلما أسقطوه في العام 2015م رغم تخاذل المتخاذلين وخداع المخادعين.