في حادثة هي الأغرب من نوعها تلقى البروفيسور المتخصص في علوم الحاسوب د. حبيب عبد الرب السروري دعوة من مجموعة تسمي نفسها "اتحاد الطلاب اليمنيين في تركيا" وتقول إنها لسان حال "الإسلام السوي"، لإلقاء محاضرة بعنوان "النهضة المعرفية في الزمن الرقمي"، في مؤتمر "الاتحاد" وبعث له المنظمون تذكرة السفر للمشاركة في المؤتمر.
حزم البروفيسور حبيب حقائبه وألغى بعض مواعيده ورحّل بعض التزاماته متوجها إلى اسطنبول ومنها إلى إزمير على البحر المتوسط للمشاركة في المؤتمر وإلقاء محاضرته التي ستكون مختلفة عما اعتاد الناس سماعه من أحاديث تهييجية وخطابات شعبوية، لما عرف عن البروفيسور حبيب من سعة في المعرفة وتخصص نادر وغزارة في المعلومات العلمية التي ليست في متناول الكل.
لكن الدكتور حبيب تفاجأ وهو في اسطنبول بقرار اللجنة المنظمة بمنعه من المشاركة في المؤتمر الذي دعته إليه، وهي حادثة لم يسبق وإن جرت في أي ملتقى علمي أو أدبي أو سياسي أو حتى جماهيري شعبي، إن يمنع امرءٌ ما من حضور فعالية تمت دعوته إليها.
منع الدكتور حبيب من المشاركة جاء بعد تقديمه ملاحظات على أهداف الاتحاد أو الملتقى المنظم للدعوة، وعلى عبارة "الإسلام السوي" حيث اعتبر أن كل الحروب والنزاعات ذات الخلفية الدينية الإسلامية تسببت بها مجموعات تدعي أنها الممثل الوحيد للإسلام السوي.
المنظمون لم يقولوا له "آسفين ملاحظتك غير مقبولة" لكنهم قالوا له أنت غير مقبول وعُد من حيث أتيت، وهو موقف واضح يعبر ليس فقط عن الخصومة مع العلم والمعرفة (وذلك أمرٌ مؤسفٌ ومؤلم) ، بل وعن الخصومة مع مجرد النصيحة والتفكير المتحرر والرأي المستقل، بغض النظر أن كان صاحبه مصيبا أو مخطئاً.
أحد الظرفاء علق بالقول: كان مفروض على المنظمين أن يكتبوا في دعوتهم للدكتور حبيب" نرحب بحضورك في تقديم محاضرتك، ولكنك ممنوع من الحضور".
ويعرف الكثير من اليمنيين البروفيسور حبيب عبد الرب السروري الأكاديمي في الجامعات القرنسية، ككاتب رواية متميز، ومن أهم رواياته "الملكة المغدورة"، "دملان" ، "طائر الخراب"، "تقرير الهدهد"، "عرق الآلهة" وغيرها إلى جانب عدد من القصص والكتابات الشعرية، وهو كذلك صاحب قلم حر في كتاباته الفكرية ومنشوراته السياسية فضلا عن تميزه في التخصص العلمي الذي قدم فيه مئات المحاضرات في عدد من الملتقيات العلمية والأكاديمية العالمية ومئات المقالات والبحوث العلمية في المجلات والدوريات المتخصصة في علوم الحاسوب.
مؤسفٌ أن تتعرض هامة علمية وأدبية نادرة بمقام وحجم البروفيسور السروري لهكذا معاملة من قبل مجموعة تعد نفسها لتتولى قيادة البلد بعد انتصار قادتها على من تخاصمهم، لكن المؤسف أكثر أنه وفي زمن صار العالم ينفتح فيه على كل المعارف والعلوم والتقنيات، ويتعامل كعالم واحد بمختلف الجنسيات والمعتقدات والإثنيات والديانات، هناك من لا يزال ينظر إلى نفسه على إنه الإسلامي الوحيد والسوى الوحيد وما عداه ومن عداه معوجٌ وباطل.
آسف يا دكتور حبيب فمقامك العالي لا يناسب مقامات هؤلاء ويبدو أن الخطأ لم يكن في منعك من الحضور بل في دعوتك للاختلاط بأصحاب هذا النوع من التفكير.
كل التضامن مع البروفيسور دكتور حبيب السروري