إتفقا بالتوقيع لتبدأ في رأيي لعبة التعقيد بشأن التنفيذ سيما في العمليات الإجرائية وعلى الرغم إنها مزمنة ومحددة عسكريا وأمنيا وقبلها التشكيل الحكومي بالمناصفة مابين الشمال والجنوب والأخير قد يكون مظلوما إلى حد ما إذ أن كل (الجنوبيين) سوف توزع عليهم الحقائب الوزارية أكانوا (شرعيين) أو (إنتقاليين) من الناحية العددية يشتركان في النصيب فيما الشماليين يتقاسموا الحقائب خالصة حتى وأن كانت محاصصة من أحزاب الشرعية (أحزاب المشترك ) وهنا سوف تبدأ أول عقدة لن تنفك إلا بتنازلات من الطرفين وهنا تبدو أول خطوة في تمهيد الطريق أمام إجراءات تنفيذ الشق العسكري والأمني ويرى الكثير من المراقبين أن الفترة الزمنية من حيث التنفيذ قد تتأخر مثلما تأخر التوقيع على الإتفاق ذاته ، وهي حالة مكرسة في الذهنية اليمنية تراكمت طيلة سنوات وهو هاجس تجارب إتفاقات سابقة ومشابهة آلت إلى الفشل والتعثر في حدها الأدنى إن لم تتصاعد إلى حالة عنف إلا إن مايعول عليه هذه المرة حالة الضمان في تنفيذ الإجراءات لهذا الإتفاق هو قوة التحالف متمثلا بالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة باعتبارهما من صاغا الوثيقة ووصلا بها إلى حد التوقيع ومايتمناه المرء رؤيته للضغط ومزيد من الضغط في مرحلة التنفيذ على الأطراف والمكونات والأحزاب القريبة أو المناصرة لكلا الموقعين.
ثمة أمر آخر ينظر إليه عامة الناس شمالا وجنوبا وتحديدا الساسة منهم فالكل يدعي إنه منتصر من وجهة نظره إلا أن في السياسة دائما لعبة المناورة فالأطراف الموقعة بالتأكيد وقعت تقديرا لرعاية الاتفاق إلا أنهما يجيدان أي الشرعية والإنتقالي التلاعب بقاعدة سياسية وهي (الثابت والمتغير) فالشرعية بمفهومها إنها أوقعت الجنوبيين وصرفت نظرهم وتفكيرهم من إستعادة دولتهم وأنهم بهذا التوقيع لعبوا لعبة المتغير لتحقيق ثوابتهم إستعادة دولة الوحدة اليمنية في شكلها الجديد اليمن الاتحادي إلا أن هذا الأمر في القريب المنظور أشبه بالمثالية فيما الانتقالي الجنوبي إستطاع أن يتلاعب سياسيا بالمتغير وصولا إلى الثابت أي الهدف باستعادة الدولة الجنوبية وتحقيق المصير وهو هدف يلتقي فيه وبه مع المكونات الجنوبية الأخرى التي تسعى لتلك الغاية .
وعموما فأن الغايات والأهداف المتمثلة بالثوابت تتحقق بالمتغير السياسي فالسياسة فن الممكن إلا أنها فن التلاعب والخدعة وهو مايأمله المنتمون للأغلبية الصامتة أن يكون الملعب وفقا واللعبة السياسية بعيدا عن ملعب الأرض الجنوبية المحررة وإن كان مامن بد من ذلك العنف والصدام فنحن بحاجة إلى دولة جنوبية فيدرالية ،وعلى الإخوة الشماليين إختيار شكل الدولة الذي يتمنوها وبالتأكيد بعد تحررهم.