أحتفت قناة الجزيرة أيما احتفاء بخبر نشرته صحيفة أمريكية يقول أن الإمارات تعد العدة للانسحاب من اليمن
الخبر يأتي ضمن عشرات التسريبات والأخبار التي يصدق القليل منها ويكذب أغلبها فكل صحيفة أو موقع إلكتروني أو محطة تلفزيونية لديها متابعيها وهي تبحث عن الأخبار الأكثر إثارة لتستقطب بها أكبر عدد من المتابعين لتضاعف سمعتها ودخلها، لكن الغريب هو ذلك الجهد الذي بذلته قناة الجزيرة القطرية لعرض الخبر في إطار تحليلي واصطناع مجموعة من المقولات الكيدية المتصلة بنظرية المؤامرة ودق الأسافين ونبش قاموس الشتائم وتوريط بعض المحللين في تقديم تفسيرات "علمية" لقضية انسجاب الإمارات من اليمن.
لن أتناول قضية الانسحاب من عدمه لكنني أشير إلى بعض التناولات الطريفة لبعض ضيوف الجزيرة التي تضحك من يسمعها أكثر مما تقدم من أي فكر أو معلومة:
أحد الضيوف الدائمين للجزيرة يتحدث من اسطنبول على طريقة "السنفور الغضبان" الذي لا يعجبه كل شيء، فيقول أن الانسحاب أمرٌ واردٌ لكنه لا يخلو من "أغراض خبيثة" في إطار "المؤامرة الإماراتية" علماً إن هذا المتحدث كان قد وصف عدة مرات كل دور للإمارات في إطار التحالف العربي بأنه "مؤامرة"، حتى أنه قال ذات مرة أن تحرير ميناء المخا ومنطقة باب المندب يمثل جزءً من "المؤامرة الإماراتية".
متحدثون آخرون ذوي درجات علمية عالية، قال بعضهم أن الانسحاب الإماراتي جاء بأمر من إيران، وآخر قال أن وجود الإمارات في اليمن كله شر وأن انسحابها سيجلب الخير كل الخير لليمنيين، ورابع محلل سياسي وعسكري قال أن التحالف بين السعودية والإمارات هو تحالف هش وأن الانسحاب من اليمن هو توريط للسعودية في مترتبات ما بعد الانسجاب.
وطبعا لم يخلُ الحديث من التعرض لمقولة أن الإمارات قد أنشأت "مليشيات " مواليه لها في الجنوب، والمقصود هنا قوات الحزام الأمني والنخب الأمنية.
الجزيرة تختار الضيوف الذي تضمن أنهم لن يتحدثوا إلا بلغتها ولا يخرجون عن توجهها السياسي والأيديولوجي.
وبالعودة إلى موضوع انسحاب أو عدم انسحاب القوات الإماراتية من اليمن يمكن الإشارة إلى الحقائق التالية:
الحقيقة الأولى: أن وجود القوات الإماراتية في اليمن جاء كجزء من قوات التحالف العربي التي دخلت اليمن في إطار عاصفة الحزم التي جرت بناء على طلب الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي.
الحقيقة الثانية: إن القوات الإماراتية قد لعبت دوراً محورياً مع المقاومة الجنوبية في دحر قوات التحالف الانقلابي المدعوم من إيران من مناطق الجنوب ومناصرة المقاومين الشماليين في مأرب وصرواح.
الحقيقة الثالثة: إن القوات الإماراتية كجزء من قوات التحالف العربي قد لعبت دورا مهما مع المقاومة الجنوبية في مكافحة الجماعات الإرهابية ودحرها من محافظات الجنوب وتنظيف الجنوب منها.
الحقيقة الرابعة: إن قوات الحزام الأمني والنخبة الأمنية تمثل النواة الوطنية للجيش الوطني الحقيقي الرافض للتبعية لإيران ولجماعة 1994م بعد أن خانت كل وحدات الجيش اليمني شرف المهنة واختارات الولاء للجماعة الإمامية الانقلابية الخارجة من كهوف القرون الوسطى.
والحقيقة الخامسة: التي قد لا تكون الأخيرة، إنه وبغض النظر عن صحة الخبر من عدمها إن القوات الإماراتية وكل قوات دول التحالف ليس موجودة إلى الأبد وإن وجودها يقترن بمهمات مواجهة الانقلابي الحوفاشي، وإن مغادرتها أو انسحابها الحزئي أو الكلي يقترن بمدى تحقيق التسوية السياسية التي تحل كل ما ترتب على الحروب والانقلابات في اليمن، وعلى رأسها القضية الجنوبية.
وأذكِّر أخيراً بما ذكرته الكثير من المصادر ومنها مصادر إماراتية وهو إن عملية استبدال وحدات بوحدات وأفراد بأفراد من القوات الإماراتية في الجنوب هي عملية متواصلة منذ السنة الأولى لدخولها البلاد.
ليت أصحاب نظرية المؤامرة يقولون لنا "أين المؤامرة الإماراتية؟؟"