الكابوس الحضرمي

2013-04-07 16:24

مقدمة

أي رجل يقرأ كثيرا ويستخدم دماغه قليلا جدا يقع في عادات التفكير الكسولة ـ البرت أينشتاين ـ

 

مفاجأة من العيار الثقيل فجرهتها عصبة القوى الحضرمية في منزل الشيخ عبدالله بن محسن الكثيري عندما أعلن رئيسها الدكتور عبدالله سعيد باحاج أنه مع مشروع دولة اليمن الاتحادية .. فأين هي حضرمية العصبة من هذه اليمن الاتحادية ..؟؟

 

العصبة

أن واحدة من أهم المتطلبات السياسية للحضارمة تكمن في مدى قدرتهم على تقدير (موقعهم) السياسي قبل (موقفهم) السياسي من ما يحيط بحضرموت ، تمثل هذه الحاجة الملحة تحديا هاما خاضته مجموعة من أبناء حضرموت في الداخل والمهجر أعلنت فيما بعد ( جبهة إنقاذ حضرموت ) واحدة من أكثر العلامات المهمة في الحركة الوطنية الحضرمية المعاصرة ، لذا فأننا نرى ان يوم السابع عشر من سبتمبر 2011م لا يمكن أن يكون تاريخا مفرغاً من مضمون الواقع السياسي الحضرمي أو الجنوبي عموماً .. أو حتى اليمني .

 

ان ذلك الفكر الناشئ والطرح السياسي يحتم علينا الأخذ بالفهم الصحيح للواقع السياسي ، وإذا كانت ( جبهة إنقاذ حضرموت ) انتهجت منهجاً يطالب بحق أبناء حضرموت ـ العادل ـ في تقرير مصيرهم السياسي وفقاً لمرجعيات تاريخية صحيحة فأن هذا يحتم بالضرورة مراعاة ((الواقع)) وهو ما جاء نصاً في مقال للدكتور عبدالله باحاج بعنوان ( نصف عام على انطلاق جبهة انقاذ حضرموت ) والمنشور بتاريخ 22 مارس 2012م وجاء فيه نصاً ما يلي :

هناك خيار رابع يخص حضرموت، وهو ما تسعى إليه جبهة إنقاذ حضرموت من خلال نضالها ونشاطها السلمي الخالي من العنف والإرهاب والتخريب والإكراه، والذي أعلنته بوضوح تام وبكلمات لا لبس فيها ببيانها الأول الصادر في 17 سبتمبر 2011م، أي منذ ستة أشهر مضت، وهو يتماشى ويتفق مع خيار فك الارتباط مع إضافة (حق تقرير المصير لشعب حضرموت)، وذلك بإدراج نص دستوري في دستور دولة الجنوب القادمة بإذن الله تعالى يشير وبوضوح إلى حق تقرير المصير لشعب حضرموت، وأن يختار نظام الحكم الذي يرتضيه ويقبل به على أراضيه من خلال استفتاء شعبي حر ونزيه يشارك فيه كل أبناء حضرموت في الوطن والمهجر، وبإشراف دولي وإقليمي مناسب ومقبول من الحضارمة .

 

وقد سبق هذا ما جاء نصاً ما يلي :

 

أن المطروح على الساحة اليوم حضرمياً وجنوبياً ويمنياً ثلاثة خيارات مستقبلية هي:

1) التغيير: أي إبقاء نظام الجمهورية اليمنية مع منح صلاحيات أكبر للحكم المحلي.

2) الفيدرالية: أي إبقاء نظام الجمهورية اليمنية مع جعل الدولة ذات إقليمين (شمالي وجنوبي).

3) فك الارتباط: أي بالعودة إلى دولتي اليمن سابقاً أي ما قبل مايو 1990م.

 

أربعة خيارات رئيسية كانت أمام جبهة إنقاذ حضرموت ، كان فيها الخيار الرابع هو الإطار السياسي الذي تعمل فيه الجبهة الحضرمية ، وهذا يعني في الواقع السياسي تبادل الرأي مع الطرف الجنوبي لمحاولة التوصل إلى السقف السياسي المعلن حضرمياً إلا أن الجبهة ومنذ تأسيسها عملت على استعداء الطرف الجنوبي من خلال كوادرها التي جعلت من العنصرية تجاه هذا الطرف المقابل خصماً لابد من أن تتخلص منه بدلاً من أن تتقارب معه وتتواصل لتحقق أهدافها أو جزء من تلك الأهداف المعلنة ..

 

 

العصبة في الرياض

من الواضح أن الجبهة الحضرمية التي انصهرت فيما يسمى ( عصبة القوى الحضرمية ) اتخذت موقفاً سياسياً لافتاً وذلك في أعقاب انطلاق مؤتمر الحوار الوطني في إطار المبادرة الخليجية ، فلقد صرح الدكتور عبدالله باحاج أنه مع ما طرح من أفكار في مؤتمر الحوار الوطني حول شكل اليمن الاتحادية بأقاليم خمسة أو ستة ، هذا النهج السياسي الجديد أطّره الدكتور باحاج على أساس مرحلي مع عدم التخلي عن مطالبات العصبة الحضرمية الرئيسية والواردة نصاً في البيان التأسيسي المعلن بتاريخ 17 مايو 2012م :

ان لحضرموت الحق الكامل في العودة لوضعها و كيانها الطبيعي من خلال التشريعات و الدساتير التي تحفظ و تكفل لها تثبيت و تنفيذ تحقيق ارادتها في ( تقرير مصيرها) في أي تسوية سياسية قادمة

 

وتبدو العصبة الحضرمية مفرغة من مضامين الفعل السياسي المتزن عندما نتذكر إنها رفضت في موقف سابق المشاركة في الانتخابات الرئاسية ( فبراير 2012م ) ، وقد اعتبر هذا الموقف منسجماً مع فكرة الحراك الجنوبي المطالب بفك الارتباط والعودة إلى ما قبل 22 مايو 1990م ، فكيف بها الآن توافق على ما يطرح في مؤتمر الحوار الوطني المرتكز على مرجعيات منها الانتخابات الرئاسية التي رفضتها العصبة سابقاً ..

كما أن جلسات مؤتمر الحوار الوطني الأولية لم يكن أحد ملتزماً بما يرد او يطرح من أطروحات سياسية فيها ، إنما هي أفكار  المشاركين في أعمال المؤتمر ، حتى وأن كانت صحيفة ( واشنطن بوست ) واحدة من تلكم المنافذ التي سربت فكرة اليمن الاتحادية بالنظام الفيدرالي .

كانت عصبة القوى الحضرمية قد التزمت بأن ينص الدستور (( الجنوبي )) فيما بعد فك الارتباط على نص يكفل حق تقرير المصير للشعب الحضرمي فيما لو تعرض لظلم ، فكيف تخلت عن مطالبتها بهذا النص في اليمن الاتحادية ؟؟ ، برغم أن الفكرة أو الأفكار ليست ملزمة لأحد ومازالت مجرد أفكار تتداول وتتطاير هنا وهناك لاستقطاب القوى الجنوبية الرافضة المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني إلا بمرجعية واضحة هي ما أعلنتها قوى الحراك الجنوبي في مليونية 18 مارس 2013م والمتمثلة بأن الحوار لابد وأن يكون بين طرفي دولة الوحدة على أساس الدولتين وليس تحت مظلة الدولة اليمنية الواحدة ..

 

هل تعي العصبة الواقع ..؟؟

من الواضح أن عصبة القوى الحضرمية وهي تمارس الاستعداء لخيارات الشعب الحضرمي والجنوبي خاصة بعد المليونيات والتضحيات الجسيمة من شهداء وجرحى ومعتقلين تريد أن تتمترس وراء أجندة ما ..!! ، وإلا بماذا نفسر هذه المنهجية المعلنة ، فالمحاذير تبدو شديدة الخطورة بقبولنا مشروع اليمن الاتحادية ، وهنا رأي لافت ومهم للغاية للدكتور محمد باوادي في مقال بعنوان ( اقليم حضرموت اليمني ) والمنشور بتاريخ 30 مارس 2013م جاء فيه نصاً :

1-     الهدف الأساسي من فيدرالية الأقاليم هو إنهاء كيان اسمه الجنوب بشكل كامل وابدي بما فيه حضرموت.

2-     إلغاء الهوية الجنوبية والحضرمية وإلزامنا بحمل البطاقة اليمنية والجواز اليمني والمخلقة اليمنية, فلا يستطيع الحضرمي أن يقول انأ حضرمي مثل ما يريد ويتمنى المطبلين لإقليم حضرموت في هذا النظام الاتحادي اليمني.

3-     من هم سكان الإقليم هل سيعتمد سكان 67 أو 90 أو 2013م. ومن سيحدد ذلك هل أبناء حضرموت المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني أم جهات أخرى. لنفهم جميعا أن الأقاليم الأخرى ليس لديها مشكلة في ذلك و الذي سيكتوي بنار هذا التقسيم هي إقليمين فقط عدن وحضرموت لكونهما الإقليمين الجاذبين للاستثمارات.

4-     قيام إقليم حضرموت اليمني سيعطي الحق لأبناء الشمال العيش بحرية والاستيطان في حضرموت بأمان وسينعكس ذلك على تغير التركيبة الاجتماعية والسكانية لحضرموت وذلك بعد أن ينتقل مئات الآلاف بل ممكن الملايين منهم للسكن الدائم في حضرموت بحجة انه يمن واحد ومن حق أي مواطن أن يسكن في الإقليم الذي يعجبه.

5-     الجيش اليمني جيش واحد ومركزي ولا يحق لأي إقليم في بناء جيش خاص له بل الجيش اليمني هو حامي كل الأقاليم وهنا سنجد أن المعسكرات والألوية الموجودة في حضرموت ستظل كما هي لن تتزحزح وان فرض عليها الانتقال إلى المناطق الحدودية فالمصيبة اكبر أن تكون حدودك بأيدي جيش لا تثق فيه وليس له ولاء للإقليم مما سيساعد على زيادة التهريب وإدخال المخدرات والحشيش وتدمير الثروة السمكية بعد أن يكون بر وبحر وجو حضرموت بحماية غير أبناءه. ضيف إلى ذلك تدخلات جنرالات الجيش في الشؤون الداخلية للإقليم.

6-     السياسة الخارجية لن يديرها إقليم حضرموت بل الخارجية اليمنية أو على أفضل تقدير عير الخارجية اليمنية.

7-     الثروة النفطية, ستعطي للإقليم النسبة المخصصة له ولكن الشركات من يديرها ويرأسها ويمتلكها, إن العقود المبرمة مع هذه الشركات ستظل سارية المفعول إلى انتهاء فترتها القانونية. بمعنى سيظل المستفيدون والحيتان الكبيرة في صنعاء مسيطرون على تجارة النفط عبر شراكاتهما مع الشركات الأجنبية, فلا تستغربوا نحن في بلد واحد يمن واحد وان كنا أقاليم.

8-     أهم نقطة في كل ذلك هي العقلية القبلية والمشيخه المتنفدة في صنعاء هل ستوقف تدخلها في سياسات الأقاليم وبالذات حضرموت بعد أن تشعر بتوقف نفوذها في الإقليم وتضرر مصالحها وفقدان سيطرتها على القرار في حضرموت فأنها لن تقبل بذلك و ستمارس ألاعيبها الشيطانية في شراء الذمم وخلق الفتن والاغتيالات  والإرهاب في هذا الإقليم مما يجعله غير مستقر دائما.

 

أن النقاط الثمان التي وردت تحمل في طياتها خطورة بالغة في حال دخلت حضرموت في إطار اليمن الاتحادية ، والخطورة تنهي أي مطالبة حضرمية قادمة في الدولة كاملة السيادة ، وهنا مضمون خطير لا يعفي عصبة القوى الحضرمية من مسؤولية لابد وأن تراعيها قبل الموافقة على هذه الأفكار التي تلخص ( عصبوياً ) مفهوم آخر في التآمر على دماء الشهداء وآلام الجرحى والأزمات الصعبة التي شكلها الاحتلال اليمني على حضرموت والجنوب ، فإذا كان الجنوب قد أخطأ في مايو 1990م بالذهاب إلى الوحدة اليمنية فهذا لا يعني اعتباره مجرماً بالكامل ، وإذا كانت المنطلقات العنصرية تجاه أطراف جنوبية هي الدافع لهذا الموقف فنحن أمام فعل سياسي مرفوض عقلاً وشرعاً ..