أتابع هذه الأيام بألم شديد ما يجري في الجنوب من تصعيد للكراهية والشحن المناطقي الذي يستدعي الماضي بكل جراحاته الراعفة منذ الاستقلال مرورا بأحداث 13 يناير وحرب صيف 1994م على الجنوب !!.
فالاحتراب الداخلي لا يفيد والبكاء على الوطن لن يعيده وإذا لم تتوحدوا لن تستعيدوه!!َ
والغريب في الأمر أن من ينكأ هذه الجراحات هم أبناء الجنوب ضد بعضهم البعض ويتجاهلون أن استدعاء الماضي الأليم والتعبئة الخاطئة وخلق ثقافات وقناعات مناطقية ضيقة ما هو إلا توظيف مجاني للمتربصين بالوطن الجنوبي تسهل لأعدائه تدمير نسيجه الوطني والاجتماعي وتشعل روح الحقد والكراهية بين أبنائه .
ولا يخفى علينا جميعا أن أعداء الجنوب يسعون جاهدين للعمل على فرقتنا وتشرذمنا وكسر إرادتنا والنفخ في كير المناطقية وإثارة العصبيات والنعرات القبلية حتى يسهل عليهم إشعال الحرائق في النفوس وإخماد روح التسامح والتصالح التي تعاهد عليها أبناء الجنوب .
وتحاول تلك القوى الشريرة استدعاء أحداث 13 يناير من جديد لهدم الثقة وتجذير المناطقية ليسهل لها تدمير بنيان الجنوب وتقويض أركانه و جدرانه لتقوم باجتياحه من جديد!!
ولكننا نقول لها هيهات.
لقد آلمني منشور الأخ علي حسين البجيري الذي كان عنوانه :
" إلى من يتباكون على ( جنوب ) وهم من أضاعوه !! "
ورغم صدقه وصراحته وتقييمه لواقع الجنوب اليوم حيث رصد كل المراحل التاريخية الذي أذاقت شعبنا في الجنوب الذل والهوان حتى وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم من دمار وضياع وأصبحنا نبحث ونستجدي العالم وطنا أضعناه بخلافاتنا وحماقاتنا وسلمناه لقمة سائغة للطامعين فيه تحت شعارات تاريخية زائفة
واليوم نبكي على أطلاله دون أن نعتبر!! .
ورغم أنني اتفق مع الأخ البجيري فيما ذكره من محطات المخاض والآلام العسيرة التي ذكرها في الجنوب إلا إنني أطالبه هو وكل عقلاء وحكماء الجنوب ألا يستجروا أحقاد الماضي الأليم وتقليب المواجع فالكل خسران وكان الأجدر بنا آن نتعلم من تلك الدروس القاسية التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم !!.
إنني أدعو كافة أبناء الجنوب وفي طليعتهم النخب الوطنية المثقفة ومن كافة الشرائح الاجتماعية المؤثرة إلى الاحتكام إلى صوت العقل والمنطق والصبر على المكاره حرصا منا جميعا على تماسك اللحمة الوطنية الجنوبية في هذه الظروف العصيبة وتحكيم عقولنا وعدم الانسياق خلف عواطفنا ونبذ الشحن المناطقي والقبلي .
إنني أدعو كل الحكماء والغيورين على مصلحة الوطن والشعب الجنوبي المقهور الذي لم يعد يحتمل كل هذه الصراعات المناطقية العبثية وقد طحنته تكاليف الحياة الباهظة وأثقلته بآلامها حتى أصبح لا يجد لقمة العيش وافتقد الأمن والأمان ويتربص به الموت أينما اتجه !!
كما أنني أدعو قوى التحالف العربي إلى لجم هذه الأبواق التي تحرض على الفتن ومنع الساسة في الداخل والخارج من التصريحات التي تؤجج الفتن وتشعل نيرانها في ربوع الوطن .
وأدعو دول التحالف العربي إلى جمع الأطراف المتنافرة تحت رعايتها لتأسيس ادراة نزيهة وفاعلة تقوم بإخراج البلاد من هذه الفوضى وتخمد الشحن المناطقي ويكون شعارها هو بناء الوطن واستعادة أمنه واستقراره.
وهذا بدوره سيكون نموذجا يحتذى وخاصة في المناطق المحررة وهذا كله سيساعد على اشتعال المناطق التي لازالت تحت سيطرة الحوثي وسقوطه مع مشروعه الإيراني الدخيل ..
وبعد التحرير الشعب في الشمال والجنوب سيقرران نوع العلاقة والنظام الذي يربطهما ..باستفتاء في الجنوب رغبة وليس رهبة!!
ولن يقبل شعب الجنوب (الوحدة اليمنية) التي تحولت من مشروع وطني إلى صراع على غنيمة الجنوب!!