خطر لي اليوم أن أوضح باقتضاب لأصدقائي لماذا يجدوني مهتما بتوثيق تأريخ مدينة جعار العزيزة وإضاءة بعض الجوانب من زوايا سيرتها الحضارية ؟
وأستطيع أن أحدد الإجابة في النقاط التالية :
1 - إن هذه المدينة الغالية قد تعرضت ذاكرتها المكتوبة لأبشع عملية إعدام حيث تم القضاء على أرشيف كل المؤسسات والمرافق التي كانت قائمة فيها بما في ذلك الصور وأصبح تاريخها مجرد بقايا ذكريات محفوظة في ذاكرة بعض أبنائها كبار السن وإذا لم يتم تداركهم وتسجيل ما بقي لديهم من ذكريات فمن المؤكد أن تصبح المدينة بعد فترة بلا ذاكرة ولا تاريخ .
2 - إن جعار قد لحقت بها منذ حوالي عشر سنوات أكبر عملية تشويه في تاريخ مدينة من مدن الجنوب خصوصا واليمن عموما الى درجة أن أصبح اسمها عند غالبية من يجهل تاريخها رديفا بالتطرف والإرهاب والفوضى والخطر لكثرة ما نشر عنها من أخبار وروايات في هذا الجانب وما تعرضت له من أحداث وممارسات دخيلة وطارئة وغريبة عن حقيقة مدينة جعار التي كانت منذ الوهلة الأولى لنشوئها في مطلع أربعينيات القرن الماضي مدينة للانفتاح والتعايش الاجتماعي والحضارة والاستثمار والجذب وفرص العمل والثراء والاستقرار والأمن والمساواة والمجتمع المدني، فكان من المهم إجلاء تاريخها المجيد والمشرق وتعريف الناس بحقيقة جعار .
3 - إن موضوع الكتابة عن تاريخ المدينة لا يتعلق بإبراز دور أي جهة ولا يهتم بتسجيل ممتلكات أحد في الأراضي والحكم ولا هو يتغنى بماض كان وغير ذلك بل يشيع معرفة ويلفت النظر الى حقيقة ربما تكون غائبة عن الجيل الجديد ليفخروا بتاريخ مدينتهم ويعتزوا به ويتخذوا من سلوك وسير أجدادهم وآبائهم المؤسسين قدوة ونموذج للانسجام الاجتماعي والعمل والمثابرة وإعادة سنوات التنمية والحضارة والرقي والمدنية التي شهدتها جعار وعاشتها وطورتها .
ولعلي أجدها مناسبة لدعوة الجميع الى الاهتمام بتوثيق تاريخ جعار وزنجبار وأبين وغيرها من المناطق في الجنوب التي تعرض تاريخها للطمس والتشويه وإجلاء حقائق تاريخ الجنوب المجيد في الحضارة والمجتمع المدني والانفتاح والتعايش الاجتماعي والثقافة المدنية