خلال أيام قليلة قادمة، يستعد المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وبطلب منه، للالتقاء بممثلين عن «المجلس الإنتقالي الجنوبي»، في خطوة مهمة، إن هي تمت، فإنها تمثل في مضمونها، ولأول مرة، اعترافاً ضمنياً بالمجلس كقوة سياسية وعسكرية مؤثرة على الأرض، يمكنها أن تكون جزءاً من الحل المنشود للأزمة اليمنية وقضيتها الأساسية والمحورية، القضية الجنوبية.
كما أن هذا اللقاء، إن تم، فإنه يعني، فيما يعنيه، نجاح المجلس في إقناع العالم بوجود قوة سياسية جنوبية حقيقية، قادرة على فرض الإرادة الجنوبية في أي حوار متعلق بقضية الجنوب خاصة واليمن عامة. ومثل هذا الحدث يشير بوضوح، كذلك، إلى قدرة «المجلس الإنتقالي»، وخلال فترة، على تسجيل حضوره المؤثر في غرف السياسة المغلقة، وهو حضور لا يقتصر على السياسة، بل يسنده حضور عسكري لا تخطئه عين على الأرض، من خلال السيطرة المتزايدة للقوات الجنوبية الموالية للمجلس على معظم الأرض الجنوبية.
كل ما نشهده من حضور سياسي قوي ومنظم لـ«المجلس الإنتقالي الجنوبي»، وقبله ما شهدنا له من تمدد عسكري للقوات الموالية له على الأرض، إضافة إلى ملاحظة ما يحظى به من التفاف شعبي واسع حوله، كل ذلك يشير إلى أننا أمام تجربة سياسية ولدت ناضجة، عكس تجارب المكونات الجنوبية الهشة السابقة، التي كانت «هوشليتها» سبباً في تمكن خصوم القضية الجنوبية من اختراقها حيناً، وابتلاعها حيناً آخر، وفي أحسن الأحوال التجاهل وكأنها ليست موجودة، رغم حجم التضحيات التي قدمها الجنوبيون في مسيرتهم النضالية.
وعلى الواقع، يبدو واضحاً تأثير هذه التجربة على الحياة السياسية، كونها وضعت خصوم المجلس والحالمين والمراهنين على فشله في حال يُرثى له، فهم لا يكادون يستفيقون من ضربة مؤلمة حتى يفاجأون بضربة لاحقة لا تقل عن سابقتها ألماً ووجعاً. وخلال أقل من خمسة أشهر هي إجمالي العمر القصير لـ«المجلس الإنتقالي الجنوبي» الذي أُعلن في 11 مايو 2017م، وجه المجلس ضربات متلاحقة لخصومه المشغولين بالتحريض ضده، واستهدافه عبر حملة إعلامية ضخمة ومكلفة تقف خلفها أحزاب ودول.
وعلى عكس خصومه، يسرّع «المجلس الإنتقالي» من خطواته نحو تحقيق أهدافه، وإن كان مضطراً في حالات عدة للهدوء ومراعاة ظروف المرحلة، متسبباً لخصومه بحالة إرباك وقلق، رغم محاولاتهم إظهار المجلس غير ذي أهمية وتأثير. فلم يفق المناهضون لقضية شعب الجنوب من صدمة «إعلان عدن التاريخي» وتشكيل «المجلس الإنتقالي الجنوبي»، حتى باغتهم المجلس بإعلانه، مؤخراً، عن تشكيل «الجمعية الوطنية» التابعة له، والتي وصفها بأنها بمثابة برلمان جنوبي.
وإذا كان إعلان تشكيل «المجلس الإنتقالي» يُعدّ نصراً سياسياً بامتياز، فإن إعلان تشكيل «الجمعية الوطنية» التي ستباشر مهامها اعتباراً من نوفمبر القادم يمثل بدوره خطوة لها الكثير من الأهمية؛ كونها ستعزز من الحضور السياسي لـ«المجلس الإنتقالي» في أوساط المجتمع الجنوبي، الذي أظهر التفافاً كبيراً حوله، رغم كل محاولات التحريض والتشكيك التي اتبعتها وسائل إعلام وأحزاب وسلطة رسمية ضد المجلس وقيادته.
باختصار، فإنه وباستثناء الحكومة الشرعية ورموزها وحزب «الإصلاح» والموالين له، فإن كل من يعمل على الساحة الجنوبية يستطيع أن يرصد ودون عناء مدى تفوق «المجلس الإنتقالي» على خصومه ومناوئيه وحشرهم في زاوية ضيقة. وذات الصورة يبدو أن المجلس قد استطاع أن يوصلها إلى الإقليم والعالم. وإن هو - المجلس - استطاع أن يمضي على ذات الوتيرة، فإنه قد يحدث اختراقاً هائلاً في الموقف الدولي، قد يبطل ادعاءات وجهوداً بذلتها الشرعية و«الإصلاح» في تشويه حملة القضية الجنوبية، وتضليل العالم وخداعه بخصوص ما جرى ويجري في الجنوب، منذ اجتياحه بقوة السلاح من قبل تحالف 94م.