عيد الديوالي، أو عيد الألوان .. كان لهذه المناسبة بريق خاص في عدن، كنا نحتفل به في صبانا مع الجالية الهندوسية المتواجدة في عدن دون أن نسأل عن ديانة هؤلاء لأنه كان العديد من أبنائها تربطنا بهم علاقة صداقة، فقط كان بالنسبة لنا فرحة نشاركهم فيها في شوارع كريتر وخصوصاً في الحواري التي تسكن فيها هذه الجالية، كحافة السبيل وحسن علي والخساف وغيرها من الحواري.
كان لهذا الحفل مذاق خاص عندما تقوم الصباح وتجد القوم وهم يتطافشوا بألوان السباغ المختلفة حريم ورجال وأطفال وكبار السن ونحن معهم ليتحول لون الشارع الأسود ويتغطى بألوان الطيف المختلفة وكأنها لوحة فنية رُسمت بريشة فنان، وتوزع علينا الحلويات بأنواعها، ويرسلوها للجيران أيضاً، لنعود بعد الظهر إلى منازلنا وثيابنا متسخة بألوان الإحتفال ليبدأ صياح أهالينا في البيت والضرب بالخيزران من جداتنا وأمهاتنا الذين كانوا يتحملون تصبينها بالصحفة بأيديهم لعدم وجود المصبنات (غسالات) في تلك الفترة.
لا ينتهي الاحتفال هنا فقط، ليبدأ في الليل حفل آخر ضمن برنامج إحتفالات الديوالي، حيث تأتي عائلات الهندوس إلى معبدهم الكبير الذي كان موقعه في وسط حافة السبيل ويشعلوا في وسط ساحة كبيرة نار في وسطها ويحومون حولها وهم ينشدون أناشيدهم الخاصة التي لا نفهمها ويرمون الفلوس الشلنجات والعانات في النار، فكنا عيال الحافة ننتظر حتى الصباح لتخمد النار فكنا نتسلق قصبة المعبد إلى السقف ومنها ننزل إلى وسط ساحة المعبد وندخل أيادينا وسط ركام الرماد لنلتقط الفلوس المرمية فيه، فكان اللي يطلع له شلن اللي شلنجين واللي عانتين واللي يحصل له طزة من بقايا النار التي لم تخمد، وعندما يشعر بنا المسئول عن المعبد بنا وأسمه جينتي فيترك كلب الحراسة خلفنا فنجري هنا وهناك وننزل من القصبة حق المعبد هاربين ونقوم بتنظيف الفلوس التي التقطناها من بين الرماد ونحن فرحين، وهكذا تمر الأيام حتى بلغنا من العمر عتيا ولم تبقى لنا غير الذكريات الجميلة التي عشناها بالطول والعرض، وهاجرت تلك الطوائف لتترك خلفها ذكريات وتاريخ لن يمحى من الذاكرة أبدا.
بلال غلام حسين
20 أكتوبر 2017م