قال: إن التصالح والتسامح الجنوبي - الجنوبي لم يتم حتى الآن, وقد بقي مسألة مؤجلة من سابق، وهو أمر يؤثر على مسار القضية الجنوبية اليوم، مشيراً إلى أن النخبة التقليدية في الشمال أذكى من نخبة الجنوب، داعياً إلى أهمية أن يضطلع المجتمع الدولي والإقليمي بدوره في معالجة القضية الجنوبية .. الدكتور محمد عبد المجيد قباطي نائب رئيس التجمع المدني الجنوبي الديمقراطي “مجد”:
الحوار الوطني الذي نفتتحه اليوم.. رؤية أولية؟
فعلاً اليمن اليوم أمام منعطف جديد من تاريخه المعاصر، ونحن على أبواب الحوار الوطني الشامل، الكثير يعتبر أن مؤتمر الحوار الوطني الشامل مطلب جاء مع المبادرة الخليجية, لكني أقول: إن الحوار الوطني الشامل كان استحقاقاً على الأقل منذ حرب 94م أو حرب غزو الجنوب كما يمكن أن نسميها نحن، هذا استحقاق له 18 عاماً مغيباً، ونحن نريد في هذا الحوار شفافية ومصداقية ورشداً كاملاً، إلى أي مدى سنوفق، هذه مسألة ستعتمد على مؤشرات المرحلة الأولى من الحوار، أسبوع، أسبوعين، ثلاثة بالكثير ستكون المؤشرات واضحة نحو مخرجات المؤتمر والتعاطي مع القضايا الحقيقية، أنا أشعر حقيقة أننا منذ التوقيع على المبادرة الخليجية قد تعاملنا مع هذا الموضوع باستخفاف كبير، كنت أتوقع منذ البداية أن تتحول الساحة كلها من البداية إلى ساحة حوار، وإلى ورشة عمل تناقش موضوع الحوار، وكان ينبغي أن تكون مواضيعه مفتوحة لجميع فئات الشعب على امتداد اليمن، باعتبار الحوار قضية تهم جميع اليمنيين، وكان ينبغي أن تكون الستة الأشهر الأخيرة هذه لمن يحضرها هي تحصيل حاصل لمن سيحضرها بعد عملية العصف الذهني لكل المساهمين فيه.
ستشاركون في مؤتمر الحوار .. ما رؤيتكم في التيار المدني الجنوبي الديمقراطي “مجد”؟
نحن في التيار المدني الجنوبي الديمقراطي “مجد” قضية الجنوب ليس لها بعد جغرافي، القضية الجنوبية إذا نظرت إليها من اتجاهات الشرق والغرب والشمال والجنوب، ستجد أن مناطق من حضرموت أو المهرة هي شمال صعدة من حيث الموقع، القضية الجنوبية هو مصطلح في رأينا يعبر عن قضية ثقافية سياسية مرتبطة أساساً بقيام دولة مدنية حقوقية في اليمن على مدى التسعين عاماً الماضية، وللأسف أصبح لها مدلول جغرافي منذ حرب صيف 94م، وقد بدأ المدلول الجغرافي يتشكل من حينها، ونحن نريد أن نصل إلى المدلول الثقافي والسياسي، إذا تذكرت وثيقة إعلان جمهورية اليمن الديمقراطية التي أعلنت في 94م قبل الحرب، أو أثناءها لم تتحدث هذه الوثيقة عن إعلان عن جنوب اليمن، وإنما قالت دولة اليمن الديمقراطية, وقالت هذه الوثيقة: إنها ستبني الدولة المدنية إلى حيثما وصلت يدها؛ لكن المؤسف أن القضية الجنوبية أخذت المدلول الجغرافي الانعزالي الذي لا يحمل بعدا جغرافيا حقيقيا في الأصل، لأن الجنوب الذي نسميه جنوبا هو شرق أكثر منه جنوباً، والموجود منه في الجنوب جزء صغير، الجزء الأكبر هو في الشرق، هذا هو مشروعنا في الأساس، ومطلوب التعاطي مع هذا الموضوع من قبل كل النخب في الشمال، والأحزاب التي في الشمال، الموضوع مرتبط بإقامة دولة مدنية حقوقية حديثة ودولة فيدرالية، إذن دولة فيدرالية برلمانية ببعد مدني حقوقي حديث. هذا هو برنامجنا في تيار “مجد” طبعاً هذا الموضوع سيأخذ مرحلة زمنية طويلة حتى يتم إنجازه، لكن إذا استطعنا أن نتوافق على الخطوط العريضة وعلى الإطار العام لهذه الاستحقاقات وهذه الغايات سنكون قد بدأنا خطوة في مشوار الألف ميل الذي كان من المفترض أن يخطوها أهلنا قبل 90 عاما. وهذا هو مؤتمر الحوار الوطني، طبعاً الكثير يسألنا لماذا تتكلمون عن دولة مدنية حقوقية، وهم ينسون أن هذا المصطلح مرتبط بظروفنا في العالم الثالث وفي الوطن العربي، على سبيل المثال الدولة في الجنوب يمكن كانت قبل الاستقلال فقط، كانت دولة مدنية وربما حديثة، لكنها لم تكن دولة حقوقية، وحين أقول دولة مدنية فمعنى هذا أنها لم تكن دولة قبيلة، ولم تكن دولة دينية، ولم تكن دولة عسكرية، لكنها لم تكن دولة مدنية حقوقية، دولة تتعزز فيها الحقوق المدنية الفردية والعامة، يتجسد فيها حق الإعلام، حق إصدار الصحف، حق الرقابة، فيها استقلال القضاء، دولة النظام والقانون، دولة مدنية يكون فيها حتى مؤسستا الجيش والأمن يقودهما المدنيون، أريد أن أرى وزير دفاع مدنياً يوجه القوات المسلحة من كل أبناء الوطن ولا تتبع فئة أو حزبا أو قبيلة، أو أحدا، لكنها تدار من قبل شخصية مدنية وتنتخب من قبل الشعب، هذا ما يكاد يحمل كل أبعاد مشروعنا.
ما ذا عن رؤيتكم لحل القضية الجنوبية وإن كنت لا ترى أن المصطلح دقيق باعتبار الشرق أكثر من الجنوب هنا، لكن على أية حال لا مشاحة في المصطلحات.. ماذا ترون هنا؟
أنا أشعر أن الجنوب خُذل في مشروعه، هو جاء وسلم دولة وسلم أرضاً كثيرة في سبيل إقامة دولة مدنية حقوقية حديثة، الآن شعروا أن هذه التضحية وهذا البذل لم ينجز شيئاً، ومن هذا المنطلق فقد طرحنا أننا محتاجون لنوع من الشجاعة والجرأة للتعاطي مع هذه القضية ونطرح بأنه على الأقل إن لم نستطع أن نطرح دولة اتحادية من إقليمين وفي كل مكون مقاطعات فيدرالية على الأقل كما نرى في الصحف التي أشارت إلى هذا الموضوع تتحدث عن دولة فيدرالية من ستة أقاليم، نحن نرى أن هذه الدولة المكونة من ستة أقاليم يجب أن تكون في شكلها الإجمالي ثلاثة أقاليم غالبيتها أو 90% منها من الجنوب، وثلاثة أقاليم أيضا 90% منها من الشمال، وتعطي نوعاً من المساواة لهذه الستة الأقاليم، بحيث يشعر الجنوبيون أنهم بمشروعهم من أجل إقامة دولة مدنية حديثة يستطيعون أن يساهموا مساهمة جادة فيها، لأن الجنوب عندما يجد نفسه اليوم مثلا مساهماً فقط بـ 20% فقط في البرلمان يقول لك أنا لا أستطيع أن أنجز هذا المشروع، لا أستطيع أن أوجد الدولة المدنية الحديثة وأنا عندي فقط 56% عضواً في البرلمان من مجموع 301.
لكن سيبقى المعيار السكاني مهما هنا وسنظلم الطرف الآخر لو أخذنا بمعيار التقاسم النصفي؟
في الدول الاتحادية يمكن أن يحصل توافق إذا قسمت البلد إلى ستة أقاليم متساوية، وهذا يصح في الدول الاتحادية الفيدرالية، أرى أنه يجب أن توجه رسالة لنا في الجنوب بأن هناك جدية في التعاطي مع هذه المسألة، لأن المسألة السكانية ليست مسألة استاتيكية، وإنما مسألة ديناميكية، إذا شعر الجنوب أنه قد أصبح شريكاً فعلياً فإنه لن يشعر بأية حساسية بأن الناس قد تنزح من مناطق الشمال التي تكاد المياه فيها تنضب اليوم إلى مناطق السواحل وصناعة التنمية، سيزول هاجس الغزو السكاني..
دكتور ألا ترى أن الفيدرالية من إقليمين هي مقدمة لانفصال قادم لا محالة؟
أنا لم أقصد، أنا قلت 90% من كل إقليم، لأن حضرموت والمهرة لا يمكن أن تخلطهما مع الشمال على اعتبار البعد الجغرافي، لكن عدن أو أبين أو لحج وشبوة ممكن أن تخلطها مع غيرها من المحافظات، لاحظ أن المنطقة التي يمكن أن تربطها مع بعضها هي مناطق ضعيفة السكان، وأنا لا أوافق أن يبقى الخط التركي البريطاني، لأنه خط غير كامل، هو فقط من باب المندب إلى بيحان، وهو غير مكتمل، ولهذا فإن ثمة مخاوف حول تحديد الخط الفاصل بين الشمال والجنوب بعد بيحان، وهذا يذكرنا بما حصل في “جنة هانت” المنطقة المشتركة للنفط.. الحدود غير واضحة، والخط التركي البريطاني غير مكتمل، ولذا نقول: بالغالبية سنقيم ثلاث مقاطعات أغلبيتها في الجنوب، وثلاث مقاطعات أخرى أغلبيتها في الشمال، تتميز هذه المقاطعات بالمساواة من حيث المشاركة في السلطة المركزية، بحيث تعطي الفرصة لهذا الانتقال للسكان من المرتفعات الجبلية التي حكمت اليمن بالحروب إلى المناطق الآمنة، اليوم المياه تنضب، ولا يمكن أن تجد المياه بعد اليوم إلا بالتحلية، والتحلية لن تكون إلا على الساحل.
هذه رؤيتكم الآن في تيار “مجد” هل وافقتكم حتى الآن بعض الفصائل أو الجماعات في هذه الرؤية؟
ربما وافقنا ـ بلا تنسيق ـ ما تم نشره في صحيفة المصدر يوم الاثنين 11 مارس الجاري حيث قالت إن اليمن فيدرالية من ستة أقاليم.
هذا ما يتعلق بالتقسيم الجغرافي، ماذا عن نمط الحكم السياسي القادم؟
نحن واضحون في هذا، ونحن نقول إن مسألة النظام الرئاسي من جديد هذه وصفة جديدة لصناعة فرعون جديد في هذه البلدان العربية كلها، يجب أن ننتقل إلى النظام البرلماني، النظام البرلماني يظن البعض فيه أنه يحكمه رئيس الوزراء، وهذا خطأ، النظام البرلماني السلطة التنفيذية فيه بيد مجلس الوزراء كله، والعملية تعتبر قيادة جماعية، والمساءلة فيه أسهل، لأن الوزراء يمكن أن يكونوا أعضاء في البرلمان، وللبرلمان حق التعديل في الحكومة ما يريد، أما النظام الرئاسي فإنه يجرنا إلى المركزية في السلطة ويحول الرئيس إلى فرعون جديد. شخصياً طرحت هذا الكلام عام 98م في المؤتمر الشعبي العام، وقلت يجب أن ننتقل إلى نظام برلماني، ويجب الانتقال إلى نظام تشريعي من غرفتين، حيث تعطي نوعاً من الاستقرار لغرفة عليا تستمر ست سنوات، وغرفة أخرى لثلاث أو أربع سنوات وتوزع الصلاحيات بينهما، بما يعطي لقوة التشريع نفاذاً وقوة بعيدا عن طغيان السلطة التنفيذية، وأيضا قضاء مستقل للجميع.
في الوقت الذي تقررون أنتم في تيار “مجد” هذا الرأي ثمة من يدعو إلى الانفصال أو فك الارتباط بقوة وإن كان هذا التيار ضعيفا.. ما الحجج التي يستند إليها؟
أنا أشعر أن ما يقرره هؤلاء أنه رد فعل لما حصل في الجنوب من ظلم وتجاوز كبير بحق شعب الجنوب، ويبدو لي أيضا أنه من باب: “خوفه بالموت يرضا بالحمى” ولا تنس الأهمية الاستراتيجية لليمن حيث لن يقبل لا الإقليم ولا المجتمع الدولي بالانفصال لأن في ذلك ضرراً مباشراً بمصالحهم، سيخلق الانفصال حالة من عدم الاستقرار هنا. هم يريدون بقاء اليمن دولة واحدة، في إطار كيان وطني واحد.
ما السر وراء اهتمام المجتمع الدولي والإقليم باليمن إلى هذا الحد؟
في الحقيقة هم مهتمون بمصالحهم بالدرجة الأولى، تخيل لو حصلت لعبة خلط أوراق أو انتقل ما يحصل في أبين إلى المضيق، وحصل نوع من الاضطراب في انتقال النفط لأنه يمر يومياً أربعة ملايين برميل من النفط إلى أوروبا عن طريق باب المندب، إذا اضطربت الحركة اضطراباً فقط، النفط سيرتفع في أوروبا إلى 20 دولار للبرميل الواحد، والاقتصاد الأوروبي على الأقل لأربع دول كبرى سينهار، إيطاليا وأسبانبا وهما ثالث أو رابع اقتصاد في المنطقة سينهار، هم لا يهتمون بنا، هم مهتمون بمصالحهم، ويريدون أن يهدئوا المنطقة من أجل أنفسهم. بالنسبة لأمريكا نفس الشيء، لاحظ أننا مجاورون لأكبر تجمع نفطي في العالم، أخي الصومال يفصلنا عنه بحر وخليج عدن، ولم نسلم من أذى الحروب عندهم، وعندنا اليوم ما يزيد عن مليون لاجئ صومالي, والصومال فيها عشرة ملايين نسمة، فتخيل لو قامت الحرب عندنا ولا يفصلنا بدول الجوار شيء، فكيف سيكون الحال عندهم؟ عشرة في المائة من سكان الصومال انتقلوا إلينا لاجئين عبر البحر، نحن والسعودية يضمنا 1500 كيلو متر على طول الحدود، واليمن فيه 25 مليون نسمة، فكم سيكون في السعودية من اليمنيين لو أخذنا بمقياس ما بيننا وبين الصومال؟ أي ثلاثة ملايين يمني سيكونون في السعودية، وربما أكثر. فهل يقبل الجيران السعوديون أن ينتقل ثلاثة ملايين يمني إلى حدودهم أو إلى بلادهم وفي أراضٍ حتى الآن كنا نختلف على حدودها..؟!! هذا سيوجد حالة من الاضطراب في المنطقة بالكامل، الإقليم والعالم حين تبرع لليمن في مؤتمر المانحين بتلك المبالغ فإنه ليس لسواد عيون اليمنيين بقدر ماهو حفاظ على مصالحهم.
على ذكر النفط والثروات ما حقيقة التصريحات الأخيرة بخصوص الثروات النفطية المهولة في الجوف التي كشفت عنها اسكاي نيوز؟
طوال الوقت عندي شعور أن هذه المنطقة ليست مهمة على الصعيد الجيوسياسي فقط بل على صعيد ما في باطنها من الثروات المهولة من النفط والغاز والمعادن، اليمن تمتلك الكثير من هذه الثروات، وأذكر هنا أن البريطانيين عام 58م بدأوا يستكشفون النفط في حضرموت، لكن أوقفوا الاستكشاف وقالوا: لا يوجد نفط، وهنا أغنية شهيرة حضرمية تقول: “افرحي بترولنا بايجي”! وطبعاً هذه قضايا في قمة الأسرار الدولية، إنما من الواضح أن هناك ثروات ضخمة وكبيرة، ربما أن هناك نوعاً من المبالغة لكن الثروات اليمنية كبيرة جداً واليمن مهمة على أكثر من صعيد.
يدخل اليمنيون اليوم الحوار الوطني.. ما الضمانات العملية لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني؟
الضمانات من حيث الالتزام ممكنة لكن ما يقلقني أنا هو قدرتنا على التنفيذ نحن كيمنيين، لنفترض أننا توافقنا على الدولة الفيدرالية وتوافقنا على النظام البرلماني، فهل لدينا القدرة على تنفيذ ما اتفقنا عليه عملياً دون أن يساعدنا الآخرون؟ أنا أتذكر في هذا الجانب أنه كان يوجد نظام مالي وإداري في الجنوب من أرقى ما يمكن، ولما توحدنا كان الحديث يدور عن تطبيق أفضل القوانين في الشمال أو في الجنوب، النظام المالي والإداري الذي كان مطبقاً على مليوني مواطن في الجنوب كان نظاما راقيا، والنظام المالي والإداري والمالي الذي كان مطبقا على عشرة ملايين كان متخلفا ولا يزال، وعندما جئنا لنناقش ذلك في البرلمان عام 90م رفضه البعض بحجة أنه لا يمكن أن تطبق نظام مليونين على عشرة ملايين. وقالوا من الأسهل أن نطبق نظام عشرة مليون على اثنين مليون. ونسينا على الأقل أن نبقي النظام في الجنوب يبقى كمشروع رائد ونبني عليه ونطوره وأيضاً نطور النظام في الشمال، اليوم نعاني من نفس المشكلة وأنا قلت ما لم نبدأ في التعاطي بجدية مع المرحلة القادمة ومع مخرجات الحوار الوطني فإن مصيرنا الفشل، عندنا المعهد الوطني للعلوم الإدارية، هذا معهد تصنع وتدرب فيه كوادر الإدارة العامة في البلد، تحول اليوم إلى معهد متوسط يستقبل الفاشلين في الثانوية العامة، بدلاً من أن يكون معهدا للإدارة العامة وهذا ما تحدث عنه مهاتير محمد عندما زار اليمن، وقال يوجد لنا معهد يشبهه في ماليزيا، لكنه معهد يدرب وكلاء الوزارات ومدراء العموم والوزراء أحيانا، اليوم هذا المعهد معه ستة فروع نصرف عليها الملايين دون جدوى، وأصبحت وزارة الخدمة المدنية كأنها وزارة التربية والتعليم تدرس الطلبة المتخرجين من الثانوية بمعدلات هابطة فيه. هذه فضيحة في حد ذاتها، مجلس أمناء هذا المعهد لم يجتمع خلال العشر السنوات الأخيرة ولا مرة واحدة لأن رئيسه هو وزير الخدمة المدنية وأعضاؤه فيهم وزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير المالية، وهذان بدرجة نائب رئيس وزراء، يجب استغلال مثل هذه المعاهد والاستفادة منها، عودة إلى الضمانات أقول يجب التعاطي معها بشكل مسئول، حتى الأحزاب السياسية في حد ذاتها يجب أن تغير من شكلها ومن آلياتها خلال المرحلة القادمة حتى تواكب التغيير، عليها أن تحول أنظمتها ولوائحها إلى لوائح فيدرالية حتى لا يهيمن المركز على الأطراف، التنفيذ يكمن علينا كيمنيين بدرجة رئيسية.
بمَ تعلل الخلاف الجنوبي- الجنوبي، حيث لم يحسموا رأياً واحداً حول قضيتهم؟!!
هذا راجع إلى ذكاء القوى التقليدية التي تحكم من الشمال، لاحظ بعد الحرب الملكية - الجمهورية؛ الشماليون تصالحوا مع أنفسهم، الجنوب لم يشهد مصالحة منذ العام 63م منذ أن رميت أول قنبلة داخل مطار عدن والإنجليز يتأهبون للرحيل النهائي، من حينها تشققت الحركة الوطنية في الجنوبية وتفرقت أشتاتا، وحتى اليوم هم لم يتصالحوا. اللواء محمد قائد سيف وهو يتقلد وسام 30 نوفمبر عام 89م من يد حيدر أبو بكر العطاس بعد أقل من أسبوع من التوقيع على اتفاقية الوحدة، جلس مع القيادة في الجنوب وقال لهم: هناك استحقاق أنتم مؤخرون إياه منذ 23 سنة وهو المصالحة بينكم، كنت آتيكم من سابق من أجل أن نصلح بين الجبهة القومية وجبهة التحرير والرابطة، الآن أنتم في الحزب الاشتراكي طغمة وزمرة تصالحوا مع أنفسكم قبل أن تدخلوا الوحدة، قال لهم: إن وجود مصالحة جنوبية - جنوبية أساس نجاح الوحدة، وقد أقنع علي عبدالله صالح البيض وقال له: قل لهم: لن أطلع صنعاء إلا إذا غادرها علي ناصر محمد، هذا ما تم ويجب أن نكاشف أنفسنا، وقد قال لهم محمد قايد سيف: إذا أردتم بناء دولة مدنية حديثة يجب أن تكون العاصمة هي عدن. المصالحة الجنوبية - الجنوبية لم تتم حتى اليوم. نحن اليوم نقول للمجتمع الدولي والإقليمي: أنتم أتيتم لنا بحل لمشكلة الشمال اليوم أو لحل مشكلة الشمال والجنوب متمثلة في المبادرة الخليجية، اليوم نريد أيضاً مبادرة لحل القضية الجنوبية - الجنوبية..
يبقى هذا التصالح شأناً داخلياً بعيداً عن المبادرات الدولية والإقليمية؟
بل معني بهذا، وهم حاولوا أن يعملوها في دبي الأسبوع الماضي، كان اللقاء هناك جنوبيا - جنوبيا، وكان المقصود هو إيجاد توافق جنوبي - جنوبي، في القاهرة في يونيو 2012م الماضي محاولة من الدول الأربعة عشرة لإنجاز مصالحة جنوبية -جنوبية، لا يمكن أن تحل القضية الجنوبية في إطار مشروع المبادرة الخليجية دون أن تقدم مشروعًا للمصالحة الجنوبية -الجنوبية. هذا استحقاق سينتظره العالم جميعا، ونحن نقول: إن مؤتمر الحوار الوطني الشامل يعتمد على إنجاز مثل هذا الاستحقاق، ونطلب من المجتمع الدولي أن يساعد الجنوبيين لإنجاز مثل هذا الاستحقاق. المصريون والسعوديون سابقاً أنجزوا في الشمال المصالحة الجمهورية الملكية، والحقيقة أنني أحمل أنفسنا كجنوبيين المسئولية لأننا لم نرتق إلى مستواها، اجتماع القاهرة ضم أربعين شخصية إلى الدول الأربعة عشرة، وللأسف الإعلام لم يتناوله، تناولته صحيفة الأولى على طريقتها في وضع السم في العسل.
ما ذا عن رؤيتكم للمؤتمر الشعبي العام؟
للأسف المؤتمر الشعبي العام أحبط كل توقعات المراقبين، أنا قلت هذا أكثر من مرة، وقالها أيضا قبلي الدكتور ياسين سعيد نعمان إن تأهيل المؤتمر الشعبي العام وإعادته لتحمل دوره في المستقبل في إطار توازن القوى مسألة مهمة جدا، هذه قضية تم نسفها كاملة، ونجد المؤتمر الشعبي اليوم يلعب دورا تعطيليا للحوار الوطني، يقال: إن اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام رفضوا مقابلة جمال بن عمر، وقال له سلطان البركاني: إن أي واحد سيقابلك يتحدث عن نفسه وليس مفوضاً منا.
برأيك لماذا هذا الموقف؟
القوى التقليدية التي تحكم هنا من فترة طويلة لا تزال هي اللاعب الأساسي حتى اللحظة، لم تترك الفرصة لعبد ربه منصور هادي، يهيكل القوات المسلحة أو الأمن، ولن تترك لهذا البلد أن يعقد مؤتمرا وطنيا لأن هذا المؤتمر سيخرج بصيغة جديدة من حالة توازن جديدة للقوى الجديدة التي يمكن أن تصنع حالة متقدمة داخل البلاد. هذه القوى لا تريد معادلة جديدة..
لو سألتك عن أبرز معوقات نجاح الحوار الوطني..؟
تشبث القوى التقليدية ممثلة أحيانا بأحزاب سياسية كبيرة كالإصلاح والمؤتمر الشعبي العام، ما حدث في عدن يوم 21 فبراير هو نوع من خلط الأوراق، ما حصل في صعدة مؤخرًا، ما حصل من القاعدة في رداع، هذه كلها عراقيل تخلقها القوى التقليدية المهيمنة تاريخيا والتي أفرغت ثورة سبتمبر 62م من محتواها لكي تعرقل إنجاز هذا الاستحقاق، هذه القوى تقلق من قيام دولة حقوقية مدنية حديثة.
نعتبر الإصلاح شريكاً فاعلاً في بناء الدولة المدنية الحديثة في الوقت الذي تراه أنت عائقا أمامها.. كيف حكمت؟
أتفق معك، الإصلاح بمظهره كحزب جيد، لكن بقواه التقليدية والمتنفذة هذا شيء آخر، من خلال سيطرة المؤسسة العسكرية الدينية القبيلة هو عائق.
الإصلاح حزب سياسي، ليس مؤسسة قبلية وليس جيشاً عسكرياً؟
(يضحك) أنت أجب على هذا السؤال، وأكتفي بهذه الإجابة.
لا لا.. مزيداً من التوضيح؟
طيب.. سأريك وثيقة العهد والاتفاق عام 94م ماذا قالت. قالت قوى الإرهاب وإرهاب الدولة هي من ستنسف هذه الوثيقة..
ماذا عن المؤتمر الشعبي العام؟
المؤتمر الشعبي العام بالتأكيد، هذا الكلام الذي نسمعه اليوم من سلطان البركاني، نحن لن نقابلك يا جمال بن عمر احتجاجاً على قرار مجلس الأمن.
* نقلا عن الجمهورية