التهميش والقمع الذي طال أبناء الجنوب من العسكريين والمدنيين إضافة لمعاناة بقية الشعب من ظلم ونهب للثروات والاستيلاء على الأراضي في الجنوب من قبل النظام القمعي السابق، إلى اندلاع احتجاجات شعبية تطالب بإصلاحات، وتوسعت مع مرور الأعوام واستمرار تلك الممارسات فأدت إلى ثورة عارمة فجرها العسكريون من أبناء الجنوب بتأسيس جمعيات المتقاعدين العسكريين الجنوبيين..
فبعد اجتماع جمعية ردفان في 13 يناير 2006 في ذكرى حرب 13 يناير الأهلية، أقر المجتمعون المطالبة بحقوق الجنوبيين التي اغتصبت بعد حرب صيف 1994 وما تبعها من سياسات يعتبرها الحراك الجنوبي (احتلالية)، بعد ذلك الاجتماع بدأت عملية إنشاء جمعيات مدنية خاصة بالمتضررين من الحرب.
في هذا الملف يستعرض العميد محمد ناصر المسلمي رئيس جمعية المتقاعدين العسكريين وضع المتقاعدين العسكريين قسرا، بالقول: "بعد 94م اتخذ بحقنا قرار سياسي بتحييدنا عن العمل، ومن 94 إلى 2001 وفي هذا العام اتخذ القرار بإحالتنا للتقاعد، ولم يراعوا من جانب إنساني، ولا أخلاقي الرتبة، ولم يراعوا أي حق من حقوقنا، أخرجونا وكأننا لسنا من هذه البلاد، سواء الجيش أو الموظفين المدنيين، نحن دخلنا الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية الدولة التي انبثقت عن انقلاب عسكري ولكن الجنوب ولد من رحم الثورة الحقوقية.. أما قضية المتقاعدين فنحن هنا بسبب اتخاذ قرار سياسي وقضيتنا سياسية وتركونا على قارعة الطريق، وأحرمونا من كل شيء، حولوا الجنوب من أول دولة عربية مزدهرة وأول دولة تعرف الانضباط بالجيش وأول دولة تعرف الحقوق إلى وكر وخراب".
وأضاف: "قضيتنا نحن المتقاعدين هي بالأساس سياسية، فلأننا رفضنا الظلم والإلحاق يمارس ضدنا أبشع أشكال الحرمان والقهر من قبل نظام صالح وحلفائه من الجنوبيين أصحاب المصالح الذين لا يريدون وطنا ولا يريدون أمنا واستقرارا ولا أن تغيب عنهم مصالحهم، يريدون دولة (الفيد)، الدولة في الشمال كانت تخضع لسيطرة نظام القبائل والنظام العسكري وأبناء القبائل والتجار والنظام الديني الذين لا يمتون للدين بأي صلة.. وهؤلاء من كانوا يحكمون البلاد. نحن أتينا نريد دولة هي امتداد لدولة عربية موحدة ضمن مشروع قومي، إلا أنهم غزوا الجنوب واعتبروا كل ما فيه غنيمة واغتنموا كل المؤسسات المدنية والعسكرية وتم تسريح موظفينا منها".
وقال أيضا: "دخلنا الحوار وناقشنا كل قضايانا وكانت «الأيام» معنا، أعددنا كل وثائقنا وفيها كل كبيرة وصغيرة وخرج الحوار بقرارات عودة الجيش الجنوبي السابق للعمل من داخلية ودفاع وأمن سياسي إلا أنهم انقلبوا علينا وفيما بعد حولوها إلى قرارات إدارية، وأتوا بضعفاء النفوس الذين يتبعون الدولار وفرقونا ونحن انسحبنا من الحوار ونطالب بطرح ثلاث ثوابت فقرارات الحوار مبتورة وتحولت إلى قرارات إدارية وحولوها إلى توجيهات تخرج من بيت هادي بدلا من أن تكون في الدستور".
*نطالب بتنفيذ القرارات
اتخذ بعدها قرار بتاريخ 15/2/2015م بأمر رئاسي طالب بعودة الجيش واتخذ طريقتين طريق العودة للتسوية والرتبة وطريق العودة للخدمة وتنتهي الخدمة والقرارات من سبعة إلى 27 قرارا لم ينفذ منهم قرار وهي حبيسة الادراج، وحاولنا التواصل مع منظمات حقوق الانسان وقمنا بتشكيل هيئة محاسبة ومحاكمة مشكلة من قضاة ومحامين لمسألة قرارات الرئيس الحبيسة، ونريد تقديم دعوة قضائية إذا لم ينفذ رئيس الجمهورية القرارات التي وضعها قبل ثلاثة أعوام إلا أن قراراته يحكمها غيره. ونطالب عبر صحيفة «الأيام» الرئيس هادي ورئيس الوزراء بتنفيذ قراراتهم المتخذة إذا كانا صاحبي شرعية وسيادة".
*ذر الرماد في العيون
ويضيف المسلمي: "لكن هذا ذر الرماد في العيون للمجتمع الدولي، نحن لمدة ستة أشهر بلا مرتبات وبعضنا منذ سنة بلا رواتب ومخصصاتنا اصلا موجوده ولكن يتاجرون بها، لأن لدينا أزلام لعلي عبدالله صالح شبوا على الفساد وشابوا عليه، ولم يقدموا لنا خدمات من كهرباء وماء وبترول، ونطالب الرئيس أن ينفذ قراراته وعليه أن يرفع الظلم عنا، ولكن الرئيس خيب ظننا وبدل الظلمة بظالمين.. ونؤكد أننا سنستمر في ثورتنا مثل ما فجرناها بـ2007م، وسنستمر حتى آخر واحد من أولادنا".
يواصل: "اللجنة لا ذنب عليها ولها الشكر والتقدير لأنها قد أكملت استلام الأسماء والكشوفات بالمتضررين وانتهت من أعمالها بل ومازالت فاتحة أبوابها لاستقبال المزيد من المتقاعدين. فقد استقبلت اللجنة 85 ألفا من الجيش، و22 ألفا من وزارة الداخلية، و16 ألفا من الأمن السياسي، و54 ألف من الموقوفين من القطاع المدني، هؤلاء قد تم استقبالهم وانتهت اللجنة من رفع بياناتهم للرئيس للبت في أمرهم، والدوائر المالية والقائمون عليها من وزارة الدفاع هم قمة الفساد، وكل المبالغ المالية موقفة وموجودة ولم يرسل بها رئيس الوزراء توجيهاته"، حد تعبيره.
ويوضح العميد المسلمي بخصوص الشؤون المالية بالقول: الشؤون المالية لا تعود للجنة التي يرأسها سهل بل للجنة وزارة الدفاع القائمة عليها شخصيا فهي في خطى الدوائر المالية وهي قمة الفساد، وكل المبالغ لنا موجودة ويحتكرها رئيس الوزراء ويرفض توقيعها وهي موجودة ولم يوجه بصرف الأموال المرصودة.. ونطالب رئيس الوزراء بكشف مصير الأموال القطرية ومحاسبة من نهبوها ومن استلمها وهي الحكومة فهي المسؤولة عنها".
*لم تحل المشكلة
في حديث مع الخضر ناصر طالب رئيس جمعية المتقاعدين المدنيين - عدن، يسرد تفاصيل أزمتهم بالقول: "نحن بدأنا حراكنا في 1996م المدنيين عندما قضوا على المنتزهات والفنادق والمصانع وتم الزج بنا إلى الخارج دون صرف مرتباتنا وأصبحنا نناشد ونخرج ونحتج ولا استجابة تذكر، استبشرنا خيرا باللجنة الرئاسية الخاصة بمعالجة قضايا المبعدين وأنهم سيحلون مشاكل الموظفين والمنقطعين فمنذ عام 2013م وإلى اليوم لم تحل أي مشكلة لأي متقاعد.. صحيح أن اللجنة تشتغل ونحن على تواصل معها ويشكر القاضي سهل حمزة، ولكن إلى اليوم لم يصدر أي قرار بعد أن جهزت كل الملفات للمنقطعين وسلمت إلى الرئاسة ولم يتم البت فيها للمعالجة الفورية لمشاكلهم.. ولم يتخذ الرئيس أي قرار إلى اليوم بخصوص المتقاعدين والمبعدين المدنيين ولم يتم اتخاذ إجراءات ولو صورية مثل المتقاعدين الأمنين والعسكريين. نطالب رئاسة الوزراء بأن ينظروا بعين الرحمة ويتابعوا قضايا أولئك المسرحين".
*- الأيام